مقالات وآراء

عام النضج.. إمّا ثمار أو (ثمار)

الافتراض الإداري أنّ المُوظّف الجديد بأيِّ وظيفة، يتوقّع أن يبدأ الإنجاز في مَهام التّكليف من العام الثاني من استلام الوظيفة، وذلك باعتبار أن العام الأول يستغرقه الموظف في التعرف على متطلبات الوظيفة وتحدياتها ومشاكلها بشكلٍ عملي، مِمّا يجعله قادراً على إضافة البُعد العملي والواقعي لما كان نظرياً في توقعاته قبل استلام الوظيفة.
طوال العام الفائت من عُمر الحكومة المدنية، كان الشعب يتحمّل الاستماع لتوصيف الوضع وصُعوباته والتذبذب في رسم خُطة واضحة للتعامُل مع التحديات.
بداية العام الثاني من عُمر الحكومة المدنية، يعني أن الشعب سيتوقّف عن الاستماع لتوصيف صعوبات الوضع، إنه سيرى فقط، إما إنجازاً أو (إنجازاً).
تأخّر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في إضافة الشفافية لأحاديثه السابقة في توصيف التحديات، بالذات بخُصُوص العلاقة بالشق العسكري ومدى تعاونه وبالعلاقة بقِوى الحُرية والتّغيير، وظني أن التوصيف ما زال تنقصه الشفافية، ذلك التأخير أضاع كثيراً من الزمن وقدراً كبيراً من صبر الناس، فقد كانت الشفافية وتسمية الأشياء بأسمائها أجدى من رسائل التطمين على حسن العلاقة مع الشق العسكري وتعاون قِوى الحُرية والتّغيير.
كل ما فات من عام عُمر الحكومة المدنية، كان فيه الكثير من العاطفة والتعاطف مع رئيس الوزراء النابعة من الشعور الثوري العام، فكانت (شكراً حمدوك) عاطفية أكثر منها منطقية، لأن لا أحد كان يعرف شيئاً عما سيقدمه حمدوك أو طريقة إدارته لأزمات البلاد والوضع المُعقّد في الملفات الداخلية والخارجية، ولكنها العاطفة الثورية التي تعلّقت بصفات عامة للرجل غزت الحُلم والتشبُّث به، إنه الرجل المناسب والذي بيده الحل لإدارة الفترة الانتقالية.
العام الفائت كان عاماً لعدم التوازن العاطفي، الوطني والثوري، جاشت فيه مشاعر الثوار فخلقت توقُّعات للتغيير السريع، فجاء الإحباط من جهاتٍ كثيرة، وربما هذا قد شكّل ضغطاً إضافياً على الحكومة فزاد من ربكتها وأدّى إلى مُحاولاتها إخفاء الحقائق وإرسال رسائل تطمينية للشعب وادعاء أن الوضع جيِّدٌ.
بداية العام الثاني تعني بداية التعامُل بنُضج وتوازُن، فإمّا ثمار أو (ثمار)، نضج الرجل المُكلّف في معرفته بتحديات تكليفه وطرق إدارتها، ونضج الشعب في معرفته بما يُناسب المرحلة واتّجاهه في الحكم على الأمور بالاعتماد على منطق الخُطة والعمل بها والإنجاز، بعيداً عن عاطفة التشبُّث، مِمّا سيراجع المُحاسبة المُعتمدة على التعاطُف والتبرير بالميراث الثقيل لخيبات النظام البائد، وسيدفع بالمحاسبة بالقياس على المعلن من الوعود والخطط والمشاريع، فإما ثمار أو (ثمار).
عام النضج القادم سيضيف الكثير من المنطق أيضاً لخطوات عملية للتعامُل مع الشق العسكري ومدى تعاونه لإنجاز مهام الفترة الانتقالية، فإما تعامل بنضج أو ذاق طعم ثمار الثورة الناضجة، فإما ثمار أو (ثمار).
قِوى الحُرية والتّغيير والحركات المُسلّحة، موعودون بعام فاصل، إما أن يرتقوا لمُستوى العام الثاني من النضج بوضوح الرؤية في النظر إلى مشاكل وتحديات الحكم المدني والديمقراطي وتحديد مشروعهم وخطواتهم العملية للوصول الى بلدٍ آمنٍ ومُنتجٍ أو أنّهم سيضطرون للتسوُّل للحُصُول على شئٍ من الثمار، فإمّا ثمار أو (ثمار).

السياسي

اماني ابوسليم
[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..