مقالات سياسية

بلاغ إلى وزير العدل

دارفور واحدة من أقاليم السودان التي دمرتها سياسات الإنقاذ خلال الـ26 سنة الماضية، قسمتها وأشعلت فيها الصراعات والحروبات، حوَّلتها من أكثر مناطق السودان جمالاً وروعة إلى الأكثر قبحاً وكآبة، ولسنا بمجال أن نحكي عن مأساة دارفور إذ ليس هناك من لا يعلمها، كما أنها ليست استثناءً، فكل ولايات السودان لها قصص محزنة مع سياسات المؤتمر الوطني، ولكن قصص دارفور تعتبر الأسوأ لأنها وقعت ضحية لصراع السلطة بين الشعبي والوطني بعد المفاصلة، ثم ولت عليها الحكومة من الولاة ما زادها هماً على هم.
شمال دارفور أنموذج لسوء الإدارة والسياسة الذي حوَّلها من منطقة هادئة إلى منطقة دائمة الغليان، فكل والٍ مر عليها ترك فيها ذكرى أمر وأسوأ من الذي قبله، وكل أولئك الولاة في كفة وعثمان كبر في كفة أخرى، قضى بها 12 سنة وشهرين جعلته الحكومة سلطاناً عليها لا والياً، منحته حق التصرف وكأنها آلت إليه من ميراث جمهورية السودان التي يملكها هو، وكلنا يعلم الكم الهائل من المشاكل والقضايا التي صنعها كبر بسبب سياساته الغريبة، والتي اكتشف الوالي الجديد أنها كانت السبب وراء ذلك الغليان، فبمجرد مغادرته هدأت وتغيَّر الحال، ولكن يبقى السؤال المهم، ماذا عن ملفات الفساد التي خلفها.
قبل أيام كشف والي شمال دارفور، عبد الواحد يوسف إبراهيم، في صحيفة (التغيير) عن حجم الديون التي ورثتها حكومته من حكومة كبر، وقد بلغت 120 ملياراً، مبيناً أن بنك الخرطوم لوحده يطالب الحكومة بمبلغ 105 مليارات، بجانب ديون أخرى. وأن ليس هناك أحد في الفاشر لا يطالب حكومة الولاية بحق، وأنه تسلم خطاباً من المحكمة لصالح صاحب حق قضت له بحجز عربة أمين عام الحكومة، وقال : إن تلك الديون أثقلت كاهل الولاية وأعاقت عجلة التنمية، وكشف الوالي عن نهب 84 من السيارات تابعة لحكومة الولاية بعد طرد المنظمات بقرار رئيس الجمهورية، تم استرداد البعض وما زالت هناك 44 عربة مكانها غير معروف، هذا ما كشف عنه عبد الواحد، رسمياً ولا شك أن ما خفي أعظم، ولا خير فيه أن لم يخرجه كله.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين ذهبت كل تلك الأموال والسيارات؟ ولا اعتقد أن الوالي قال هذا الكلام من غير دليل، إذاً لماذا لم يفتح بلاغ في الوالي السابق؟ أم أن الحكومة ما زالت تحصنه ضد العدالة وستستخدم حق الفيتو (خلوها مستورة) الذي يمكِّن الفساد ويعظم المفسدين.
قبل فترة قصيرة قال وزير العدل : إن أي مواطن يملك مستندات عن الفساد يقدمها له، فلماذا لا يقدم عبد الواحد المستندات التي تثبت أن والي دارفور السابق عثمان كبر قد أهدر أموال الدولة وخان الأمانة وتسبب في إعاقة عملية التنمية وتسبب في عدم استقرار الولاية.
السيد وزير العدل والي شمال دارفور الحالي يملك من المستندات ما يثبت أن هناك 44 عربة دولة اختفت و120 مليار جنيه ديون على الولاية لا أحد يعلم كيف صرفت، الآن تسدد من حر مال المواطنين الذي تحاجه الولاية لتوفير خدمات مهمة وملحة، ننتظر عدالتكم التي وعدتمونا بها ولا خير فيكم أن كتمتم الحق ولم تنصفوا العدالة.

التيار

تعليق واحد

  1. البينة لاتقتصر على المستندات فحسب ، فهنالك شهادة الشهود و البينات الظرفية و غيرها . فاذا ظهر مثلا الثراء فجاة على شخص شغل منصبا رسميا فان ذلك يدعو للتحقيق معه ، و التحقيق هو الذى يكشف مصدر ذلك الثراء . لكن مطالبة المواطن بتقديم مستندات لا يعدو ان يكون عملية تعجيزية و ينم عن عدم الجدية فى محاسبة الفاسدين لان المستندات المطلوبة لاتكون فى الغالب لدى المواطن و انما لدى الجهة او الجهات الرسمية المعنية

  2. هل من يتقلد وظيفه في هذه الحكومة ويقبل لنفسه ان يكون جزء منها يمكن أن يكون عادل ؟؟؟؟ وأين العدالة وكل العصابة بره السجن ومعرفون بالاسماء والألقاب كفاكم سذاجة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..