لا تطرحوا اللؤلؤ إلي الخنزير !!

لا تطرحوا اللؤلؤ إلي الخنزير !!

موسى محمد الخوجلي
[email protected]

خرج من بيته راكضاً صوب الميدان وأنفاسه تتلاحق صعوداً ونزولاً ..
دخل سوق المدينة متوسماً الجديد وجد شحوب وصُفرة الموت تُغطي الوجوه ورهط من الفاسدين في زاوية أخرى من السوق يبيعون معسول الكلام وأرتالاً من النفاق والعفن .. مر بطائفة أخرى الكادحين الذين زرعوا وفلحوا وبذروا وحصدوا والآن يعرضون نتاجهم وكساد يلف السوق وحبال معاناة تتدحرج إلي الأسفل ..
وطائفة أخرى تتألم وكأن زفرات أرواحهم لها صوت الخروج .. ووجعهم يلهب سمعه بصوت الألم ولا دواء للبوح في سوق النخاسين ….
والآخرون يدوسون علي نعلهم ولا يكادون ينظرون للأسفل فهم لا يُفرطون بجمال النعل وقيافة الهندام ..
ولم يرى فيهم غير خنافس ولكن بوجوه مُتعددة .
وعينان مُتسعتان وزُرقة البحر بائنة وروح المرمر الباردة تتلبسها وأشواق وأطياف تدور في الخاطر .
وكنجم تحاصره الشُهب دلف لزاوية أخرى من السوق و … !!
ورأى العجب عوي ونواح بفم أسود وأرواح الشياطين تتلبس المجلس ..
وآخر يحاول ويحاول وبيده مطرقة يحاول بها تمشيط جفون الزمان وحبس الدموع في الأحلاق ولا يفتأ يرمي سنارته ليتحرر من عبودية الوهم .
إنها حالة خاصة من الوهم ففي الوهم إلهام وفي الإلهام راحة للنفس وفي راحة النفس صفاء وعبادة وروحانية ..
وإبتسامة باهتة من حليمة ست الشاى وحزن بطئ بين العيون ودواخلها تموت ببطء ولكنها لم تنبس ببنت شفة !!
وبعض من حياة يُحرك دواليب السوق وشلال من الغضب علي الغلاء والألسن أُصيبت بالتصحر و…
والكوابيس تتسلق ببطء إلي خيال المزارع عبد النبي المسكين ويتحسر علي زمان مضى .
وشحوب وصُفرة موت علي الجانب الآخر حيث الملاريا هتكت الأجسام النحيلة وحيث الدواء والأمصال في غياب .
وطفل صغير يتألم في إنتظار العلاج ويبكى بصراخ الألم والأم تحن لوليدها كحنين الإبل لوليدها ولا حياة لمن تنادى …
وخرج من السوق وقد شاب الرأس والحاجبين ولحق البياض حتي بأشفار العين ..
وما بيده حيلة فعشمه ان يبنى علي الماء بيتاً أُسه المدر ( الطين ) ولكن هيهات .
وتأمل وبكى وتمنى أن يكون مع الأباقر والوحوش والطير تغدو وتروح لا تحصد ولا تزرع ولا تحرث والله يرزقها .
فصاح في القوم ( لا تطرحوا اللؤلؤ للخنزير ولا تعطوا الحكمة لمن لا يريدها ) ..
ولا تُطاردوا الشعب في الحارات والزنقات ودعوا الحرية تمشي بين الناس ..
ومتي صار أمر الشعب يابساً فلا أمل أن يعلق طين في سنابك خيول ودواب الساسة ..
ولكن صوته بح وما خرج منه غير همهمات .. تمتمات . و…!! أواصل …

ابو اروى – الرياض

تعليق واحد

  1. الغالي ابو اروي الف الف تحية حب ابن عمي وشكرا علي هذا الابداع المتدفق كما الابيض الدفاق الذي يروي ظمأ المعدمين من غير بطاقة ومنه ومزيدا من الابداع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..