نحو علائق راسخة ومستدامة

نحو علائق متبادلة ومستدامة
صلاح يوسف
[email][email protected][/email]
لن أضيف جديداً لما أريق من حبر وتدفق من آراء حول توقيع الرئيسان البشير وسلفا كير على اتفاق التعاون المشترك، ولكي لا أغرد في هذه الزاوية خارج سرب المحلقين في فضاء القبول والتفاؤل أجد نفسي أتخندق مع من أشاد بالاتفاق الذي تمخض عن برتوكولات لتصدير بترول دولة جنوب السودان عبر جمهورية السودان وتنشيط التجارة وضبط الأمن على الحدود بينهما رغم إرجاء النزاع حول أبيي لجولة أخرى جراء خلافات حول المقترحات التي تباينت فيها الرؤى والأفكار وهذا طبيعي بالنظر إلى تعقيدات هذا الملف لما عرف بالمنطقة من مصالح رعوية وتصاهر وتمازج سكاني بين المسيرية ودينكا نقوك0 وفيما يبدو أن الناس استبشروا خيراً وغمر البلاد ارتياح كبير لما تحقق من إنجاز سيعود حتماً على البلدين باستقرار أمني واقتصادي هما في أمس الحاجة إليه بدلاً من حالة العداء والاحتراب والمشاحنات التي لن تجدي إذ لا بديل سوى توفير المناخ الصحي للتآخي والالتفات إلى ما يعود على الشعبين الشقيقين بالهدوء والتعايش السلمي والنماء0 ولعل المطلوب والمأمول أن يصمد هذا الاتفاق الذي وجد مباركة من هيئات وفئات المجتمع المدني وحتى من أغلب المعارضين والدول ذات الأجندات التي كان الصراع بين البلدين يشكل بالنسبة لها صداعاً مزمناً فما بالنا نحن المكتوين بناره.
في البلدين هناك من يحاول التشكيك في استمرارية وصمود الاتفاق وإنزال بنوده على أرض الواقع أو التقليل من مخرجاته التي في رأيهم أتت أقل من الطموح أو إنها استبقت أولويات ترسيم الحدود التي كان مفروضاً تخطيها قبل الاستفتاء، وربما هناك في البلدين من يسعون لإفشاله لنعود إلى المربع الأول الذي بانت تداعياته خراباً اقتصادياً ودماراً للبنيات التحتية وضياعاً للأرواح وتحفزاً للقتال في أي لحظة في حين إننا بحاجة ماسة لقفل هذا الملف تماماً والنظر في قضايا داخلية عالقة وذات صلة يجب علينا أن نعكف على حلها بذات الشجاعة والتضحية والصبر وأهما مستقبل قطاع الشمال للحركة الشعبية والفرقتين التاسعة والعاشرة لجيش الحركة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ووضع حد لحالة الاقتتال التي لا طائل من ورائها0 ومن الضروري في هذه المرحلة التي تعقب التوقيع أن نكف عن أي قول أو فعل يقلل من قيمة هذا الاتفاق ونتوجه بكلياتنا ما في ذلك إضفاء الصبغة التشريعية عليه لجعله طريقاً معبداً لخطى ثابتة نحو علائق متبادلة تقوم على خصوصية الإخاء التي نشأنا عليها قبل الانفصال وكما قلت من قبل في هذا الحيز تحت عنوان (قوموا إلى صلاتكم) إن كل دولة بحاجة للأخرى لتنصرفا إلى تلبية تطلعات شعبيهما للأمن والتنمية والاستقرار لأن أبجديات السياسة تقول بأن لا عداءات أو صداقات دائمة وإنما هناك مصالح دائمة.
إن تجربتنا في الحرص على احترام وتنفيذ بنود الاتفاقيات وتجاوز عراقيلها وبالذات اتفاقية نيفاشا الشاملة رغم التجاذب خلال سنواتها لدليل على قدرتنا على المضي في هذا الطريق لتنفيذ اتفاقات أديس أبابا الأخيرة خاصة وأن ملامحها تخفف عن كاهلنا بعض العبء لينعكس ذلك على شعبنا الذي عانى كثيراً لمجرد إيقاف ضخ النفط ناهيك عن التبعات الأخرى0 ولكي لا يضيع عائد هذا الاتفاق هدراً يتوجب علينا تغيير نهجنا المظهري بدعم الأولويات المنتجة والعمل على توظيفه في إحياء مشاريعنا الزراعية والصناعية التي كانت تضخ ذات يوم دماً يكفل الحياة لجسد اقتصادنا المنهار، الذي وصف بأنه عربة معطوبة ورابضة دون إطارات، حتى إذا ما جف هذا الضرع كان هناك البديل المنقذ عند الحاجة.