الخدمة المدنية والكفاءات الوطنية

اسماء محمد جمعة

أحد عيوب حكومة المؤتمر الوطني الكثيرة. إنها دائماً لا تحترم الكفاءات السودانية التي لا تنتمي اليها؛ مع أن دولاً كثيرة استعانت بها وكانت لها بصمات واضحة في شتى المجالات، وفي نفس الوقت هي لا تملك كفاءات يمكنها القيام بأي إصلاح أو تطوير لأي مجال لأنها ببساطة جاءت الى السلطة بلا هدف قومي، وقد كان دافعها الأساسي حب السلطة؛ ولذلك ظلت عاجزة عن الإصلاح وماضية في الفشل بلا توقف.

الخدمة المدنية تعتبر من الأمثلة الحية للمؤسسات التى أصابها الدمار الشامل بسبب ضعف الكفاءات التي تولت إدارتها في عهد المؤتمر الوطني بالرغم من وجود كفاءات ممتازة تم تهميشها وإبعادها عن الخدمة؛ بسبب لعنة التمكين والترضيات، الحكومة حين تشعر بالفشل؛ تفضل الاستعانة بخبرات أجنبية متجاوزة الكفاءات السودانية ومكابرة منها، ومع ذلك تفشل!، فقد استعانت كثيراً بتلك الخبرات الأجنبية ورغم ذلك لا تحقق شيئاً سوى أنها تكلف السودان المزيد من الخسائر.

عندما جاءت هذه الحكومة كانت الخدمة المدنية بخير مثل كل المؤسسات، وكان السودان من أفضل الدول العربية والإفريقية في هذا المجال، وإن هي سعت إلى تطويرها من خلال دعم الأساس الذي وجدته؛ ولم تعرضها للفوضى وانتهاكات القوانين والنظم وتجاوزات التعيين والتوظيف؛ لأصبحت الخدمة المدنية الآن في أحسن حالة، ولأصبحت الوظائف بالعاصمة والولايات مرتبة ومقومة، ولما احتاجت – بعد 27 سنة – إلى أن تستعين بخبراء أجانب لمساعدتها في ترتيب وتقويم الوظائف، ولما احتاجت الى لجان تصرف عليها من جيب المواطن ليقوموا بزيارات خارجية للتعرف على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، فهي إن لم تنفعها تجربة 27 سنة وخبرة العشرات من خيرة الكفاءات الوطنية، لن ينفعها الخبراء الأجانب، ولن تنفعها الزيارات الخارجية التي تصبح نثريات وفسح لمنسوبيها.

يوم الخميس الماضي عقد بمجلس الوزراء اجتماع مشترك للجنتين – عليا وفنية -كونتهما الحكومة لتقويم وترتيب الوظائف في العاصمة والولايات. الاجتماع استعرض خطة العمل المرحلية لفريق العمل المركزي قدمها مدير ديوان شؤون الخدمة ورئيس الفريق، أبرز ما تضمنته الخطة برنامج لحصر العاملين بالحكومة الاتحادية والولايات؛ بجانب إجراء زيارات خارجية بهدف التعرف على تجارب الدول في هذا المجال؛ فضلاً عن استجلاب خبير أجنبي من منظمة العمل الدولية؛ متخصص في هذا المجال بالتنسيق مع وزارة العمل؛ لمساعدة رئيس وأعضاء الفريق في مهامهم، الاجتماع أشاد بخطة الفريق وأمن على ضرورة دعم وتقوية ديوان شؤون الخدمة؛ ليضطلع بدوره بالصورة المطلوبة وتأهيل الكادر البشري الذي سيتولى أمر إنفاذ مشروع ترتيب وتقويم الوظائف، الحكومة تفعل كل هذا والنتيجة ستكون كمن يحرث في البحر.

يجب أن تعلم الحكومة أنها لن تتقدم قيد أنملة إن لم تعترف بالكفاءات الوطنية وتفتح لهم المجال للمساهمة في إصلاح ما خربته يدها، فقد أثبتت التجربة أن أحد الأسباب التى دمرت بها السودان؛ هو تحقيرها لكفاءات عظيمة وتعظيم أخرى حقيرة مثل كفاءات التمكين التى لا تبدع الا في الفساد.
التيار

تعليق واحد

  1. بجانب إجراء زيارات خارجية بهدف التعرف على تجارب الدول في هذا المجال؛
    مزيد من الصرف وحصد الدولارات – بحمد الله وبفضل التطور التقنى يمكن الإطلاع على تجارب الدول عبر محرك البحث العم قوقول فما عليك إلا أن تكتب مارتريد هذا لايعنى عدم السفر إذا كان هنالك ضرورة تقتضى ذلك.

    فكرة الإستعانة بالخبرة الأجنبية جيدة وبما أن المسالة متشعبة يجب أن يكون بيت خبرة بدل خبير – كما يجب تصميم المرجعية المناسبة.

  2. المناسبة أين الخبير حيدر كبسون … وشمينا…وقرشي وبروفسير مختار وخلافهم من جهابذة الخدمة المدنية والتقويم الوظيفي.

  3. المعروف أن الخبرة الإدارية هي خبرة تراكمية وفق معطبات وأسس تدريبة تعليمة والتي بدأت في السودان منذ الاستعمار ومن عهد استلام المعاملة وإرسالها بالسيركي … الان لا يوجد شىء تراكمي وكلو إجتهادات والدول من حولناطورت انجاز معاملتها (في كل المناحي الإدارية) عن طريق الحكومة الإلكترونية..
    فيا ترى كيف سنواكب …؟

  4. هااا يصلحوا شنو دييل.

    ما هذا الا باب مأكلة جديييد.
    .
    المعروووف عن الديدان انهم..ناس الرقيييص و العمة..لبسوا ثوب العفة عشان يملوا الكرووووش و القفة.
    .
    .البلد كلها عطالى والشغال ما عندو تدرج وظيفي يعني الترقية حسب صلة قرابتك بالمدير او انت و واسطتك.
    و ابسط مثال المختبرات الطبية. مهنة مهمشة بلا وجييع رغم اهميتها لكن ليس لدييها مسمى وظيفي وااضح و البلاوي كتيييييييرة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..