مقالات وآراء

دفاعاً عن محمد الفكي سليمان

 

 د. بثينة الماحي

كلنا بعد حزيران خراف
تتسلى بحشيش الصبر
والله يحب الصابرين

نزار قباني

ما من شيء أشد وقعاً على النفس السودانية من أن تكون قد رأت سودان ما قبل الإنقاذ، ذلك الهين اللين، بما حوى من ود بين الناس ميزه احترامهم لبعضهم وحسن ظن الواحد منهم بالأخرين، ذلك الذي غاب مع أول خيوط ظلمة صباح الثلاثين من يونيو، والحديث في ذلك يطول، ليصل إلى التجريف الذي طال الأعراف والقيم، والتي لم تكن محل يوماً محل مساومة، وكان أول ضحايا ذلك العهد الغيهب، هو حسن ظن السودانيين ببعضهم، والذي كان بمثابة حصانة لهم من شرور النفس البشرية غير السوية كالترصد وتتبع الهنات، وما كان لسوداني حينها أن تكون له خائنة الأعين، لكنها إرادة الله ولكل عهد رجال.

في واحدة من تجلياته المشهودة قال عراف السياسة السودانية الأستاذ “الحاج وراق” قبيل انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر خلال ندوة له، أن القوى المدنية ستخسر إن هم “إتماسكوا الحزز” – بمعنى أنهم لم يتنازلوا لبعضهم البعض – وأنهم سيضطرون لبذل التنازلات للأجنبي في نهاية المطاف، ما يفتح الباب على مصرعيه لأن يكون السودان طعاماً لآخرين. وضرب في ذلك عدداً من الأمثلة، مشيراً إلى أنه من الأولى أن نتنازل لبعضنا البعض. وبما أن حديث “وراق” كان غاية في الوجاهة والمنطق، فقد صفق له الحضور في تلك الندوة ولم يكن ثمة صاحب عقل ودراية يقول بغير ما قال به وراق المحنك، والذي ينتمي بالضرورة لسودان ما قبل الإنقاذ.

واليوم يقول القيادي في تحالف القوى المدنية “محمد الفكي سليمان” أن تنازل البرهان للحركات المسلحة، جنب البلاد حرباً جديدة في شرق السودان، وإنه كان من الأولى للبرهان أن يتبع ذات النهج ليجنب البلاد اندلاع الحرب من الأساس، مثمناً نهج التنازلات هذا الذي يجنب البلاد الحروب وداعياً لاعتماده فقامت الدنيا ولم تقعد، ودخل سياسيو الأسافير الجدد يسومون الناس سوء الفهم عن سابق قصد ونية، ويقفزون إلى قراءة ما بين السطور قبل قراءة السطور، كما قال عنهم المفكر الراحل د. منصور خالد.

ذهب البعض في تصريحات “الفكي” مذاهب شتى، فمنهم من عاب عليه تسببه في “تريند سلبي” سيملأ وسائط التواصل قدحاً في ذمة المدنيين ونواياهم، ومنهم من انتهز الفرصة وانضم إلى الجوقة ليحتفل بهذا الهدف “الإسفيري” الذي تم تسجيله في شباك القوى المدنية، والحرب لا تزال تحصد الأرواح وتشرد الملايين! ولا تتعجب أيها القارئ الكريم فالحرب عند بعضهم “تريند”، على وسائط التواصل و”تسقط” للهنات و”تتبع” لزلات اللسان، و”ترصد” للأحرف والكلمات، و”محاكمة” لنوايا الناس دون أسباب واضحة، أو لأسباب تتعلق بقضاة النوايا هؤلاء، وليس بما قيل. الشيء الذي كان السودانيون يأنفون منه أشد الأنفة ويعافون صاحبه، وكان ذلك من صفات السودانيين “الأصيلة”، والتي جعلتهم في أحيان كثيرة موضع احترام العالم وحبه.

واليوم يتحدث “محمد الفكي سليمان” بلسان السياسي السوداني المسؤول، الذي يشير إلى ما ينفع الناس ويدعوا ويعمل لاتباعه، ويحذر مما يضرهم، ويدعو ويعمل لاجتنابه دون النظر لصغائر الإمور، ومنها بالطبع “تريند” مدفوع القيمة يستمر لثلاثة أيام، يستطيع دعاة الحرب أن يقنعوا أنفسهم فيها بانتصار إسفيري زائف، أو أن يجد البعض فيها فرصة لمدارة “خجله” من تحالفه مع الدواعش، لكن حكم التاريخ الواضح يقضي بأن يذهب الزبد جفاء في نهاية المطاف، وأن يبقى ما ينفع الناس.

معتوه من يرى في تمدد رقعة الحرب خير، وأن في اشتعال المزيد من الحرائق سبيلاً للمستقبل، ولا تحتاج مثل هذه المعلومة البسيطة والواضحة لكثير تفسير، لكن العقود الماضية من عمر الديكتاتورية العسكرية للحركة الإسلامية، أوصلت السودانيين حنى إلى اغتصاب الأطفال في “الرياض” وخلاوي تحفيظ القرآن، ناهيك عن أن يحافظوا على ما تواضعوا عليه من قيم اختلاف، “فما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا”، يعلمون الناس الخسة وسوء الطوية. الحق الحق أقول لكم، إن محمد الفكي سليمان، رجل من طينة العظماء.

‫7 تعليقات

  1. انتي كذلك تتطرفين باتهام الاخرين بالاغتصاب الممنهج والاصرار على ابعاد فصيل قد علمتم مراسه
    الموضوع في السودان :-
    فريقين : 1- يمين اسلامي ( يبتعد من الاسلام كثيرا في ممارساته – فترة الانقاذ اضاع فرصة ثمينة لتقديم نموذج ) تقترب منه الطائفية احيانا وتبتعد منه احايين حسب مصالحها
    2- يسار علماني اشتراكي عروبي ( ليس له توجه واضح الا عداء المجموعة الاولى ينادي بالديمراطية بدون برامج ) ( يقترب منه ابناء الطائفية احيانا ويبتعدون منه احايين )
    جل الحاصل في السودان بسبب العداء القائم بين الفريقين هذين .. هذين الفريقين ادخلوا في الممارسة السياسية ابعاد قبلية جهوية دعاوى تهميش الاطراف الفساد وادخلوا فيها المؤسسة العسكرية ( عبود سلمه السلطة مدني – نميري بدأ اشتراكي – البشير معلوم توجهه )
    لابد من الحوار بين هذين الفريقين للوصول لرؤية في ادارة شأن السياسة في السودان بقية الامور هي اعراض لهذا العداء

  2. محمد سليمان قايد حقيقي لشعبنا
    وشيمة القادة التسامح والنظر الشامل والعطف الكامل علي الشعب

  3. يا دز بثينه الماحي الشريف الحمادي عندما وصف هؤلاء بالمراييع لقد كان وصفا دقيقا.وليتهم سألوا عن م هو المرياع حتي يروا صورتهم الحقيقيه. اعتقدوا ان هذا تنازل من ودالفكي ومغازلة للبرهان ورهطه ولكنهم لم يفهموا المعني الخفي لهذا الهدف الذي سدده في مرمي المراييع وعلي راسهم البرهان.

  4. نعم لا للحرب اما مع مناوى جبريل نعم للحرب لانها ستشظى الكيزان وتضعفهم فهؤلاء القوم ربطوا مصيرهم بتدمير السودان واليكن تدمير السودان ثمنا للقضاء عليهم لانهم شر مستطيل فحتما سينهض السودان من وسط الركام ولكن الكيزان سيقبرون الى ابد الابدين واليوم البرهان قدم لهم طوق نجاة بمنحه هذه الوزارات لجبريل ومناوى الذان يعملان جاهدان لاحتلال السودان وهما نسخة بالكريون من الجنجويد فلم يستفيد البرهان من خطأ الصمت امام تمدد الجنجويد ادى الى ان يقع الفاس فى الرأس وها هو الان يساعد الحركات المسلحة على نهب موارد الدوله كى تقوى شوكتها خصما على الجيش وحينها سيكون على السودان السلام لا للمسكنات لا للمليشيات ودون القضاء على المليشيات دون قوات امنيه وشرطيه مهنيه دون حكم مدنى خالص فلن يهنض السودان

  5. تنازل البرهان لحركتي مناوي و جبريل مضطرا في هذه المرحلة كما يقال ( مكره أخاك لا بطل ) اذ لم يكن أمامه أي طريق أو وسيلة لمجابهة القوات المشتركة .
    البرهان شخص قصير النظر لا يرى أبعد من متر أو مترين على وزن ( ازبوع ازبوعين ) و لو كان لديه طول نظر لتدارك الامر منذ الايام الاولى لحرب 15 ابريل و لاتخذ من العيد الذي كان على الابواب فرصة لطرح اتفاق سلام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..