مصر الجديدة

محجوب عروة
قولوا حسنا الثلاثاء 29 مارس 2011
مصر الجديدة
لا أقصد بمصر الجديدة ذلك الحى فى القاهرة ولكن أقصد بها تلك الروح الجديدة التى انبعثت أثناء وعقب ثورة 25 يناير فقد فجرت هذه الثورة العظيمة أعظم ما فى الشعب المصرى من ايجابيات اندثرت كثيرا خلال العقود الست الماضية منذ أن سيطرت المراهقة الثورية وحكم الأستبداد السياسى والرأى الواحد والزعيم الواحد ودولة الأمن والأستخبارات المتعسفة التى
عذبت وقتلت وأساءت لمصر وسمعتها و التى جاءت بها ثورة يوليو المصرية.
لاننكر أن ثورة يوليو حققت أنجازات مادية ولكن للأسف حطمت كثيرا من القيم الأنسانية الأيجابية انتهت بمصر الحضارة والديمقراطية الى نظام تعفن بالفساد والأستبداد ومحاولة التوريث وضعف الأرادة الوطنية حتى فقدت مصر دورها الرائد اقليميا ودوليا الأمر الذى أدى الى الأحتقان فالثورة ووضعت مصر فى دورة حضارية جديدة.
أعترف أنه قبل ثورة 25 يناير نادرا ما أشاهد القنوات الفضائية المصرية ساعدنى فى ذلك جهاز التحكم وكثرة القنوات المفيدة تماما مثلما لا أشاهد القنوات العربية الأخرى ومنها السودانية الا الجزيرة طبعا فليس لدى وقت أضيعه، ولكن بعد الثورة صرت مدمنا على القنوات المصرية لما تبثه من تطورات الثورة فالحوارات المفيدة الثرة والرأى والرأى الآخر.
ما دفعنى للكتابة اليوم ماذكره لى أمس أحد الذين حضروا اجتماع الوفد المصرى الرفيع برئآسة د. عصام شرف مع رجال الأعمال السودانيين والمستثمرين مساء الأحد الذى استمر حتى منتصف الليل فقال لى ملاحظة هامة أن السيد رئيس الوزراء ووفده كانوا فى قمة التواضع والصراحة والفهم العميق والأحترام لعلاقة مصر و السودان الأستراتيجية ومستقبلها الواعد مما يدفعنا للقول بأنه آن الأوان للبلدين لتفكير جديد ومنهج جديد يقوم على الجدية والكفاءة والشفافية والشمول والمصالح المشتركة فقوة مصر سياسيا واقتصاديا فائدة للسودان والعكس صحيح. ودعونا نطمع فى تنفيذ الحريات الأربع وتبادل الدولة الأولى بالرعاية.
بعكس ما رأيت وكتبت يوم الأحد الماضى أصدر المجلس العسكرى المصرى قرارا بقيام انتخابات البرلمان فى سبتمبر القادم وكم تمنيت أن تمتد الفترة الأنتقالية لفترة لا تقل عن عامين يتمكن فيها مجلسا العسكر والوزراء من اعادة ترتيب البيت المصرى خاصة النظام الأنتخابى المناسب والأتفاق على النظام السياسى الجديد بالحوار كما تقوم الأحزاب ببناء نفسها فقد كانت مهمشة ومستضعفة فى الماضي فتؤهل نفسها وتضع برامجها بتأنى و حرية ومسئولية وعلمية وتتصل بقواعدها القديمة خاصة الشباب الذين كانوا مغيبين فى الستة عقود الماضية،كما تتفاعل الأحزاب مع بعضها بالحوار للأتفاق على المصالح الوطنية العليا وتضع القواسم المشتركة والحد الأدنى الذى يكرس الأستقرار والفهم الصحيح للممارسة الديمقراطية الراشدة ذلك أن الحياة الديمقراطية الصحيحة لا تقوم الا على أحزاب حقيقية و قوية وعلى البرامج المدروسة لا الشعارات والزعامات والمكايدات فأكثر ما يضر الأحزاب نفسها والحياة السياسية الديمقراطية غياب أحزاب قوية مسئولة ففاقد الشئ لايعطيه كما أنه من الضرورى أن يتفق الجميع على أن الخلاف السياسى لا يعنى الخلاف على قضايا ومصالح الوطن العليا خاصة مع الخارج.
يقولون أن الأخوان المسلمين فى مصر هى أكبر قوة سياسية واجتماعية منظمة ومن ثم تتمتع بأفضل الفرص للفوز بالأنتخابات ولذلك أنصحهم من واقع التجربة السودانية لأخوان السودان ألا تندفعوا وتنسوا أنفسكم بما وجدتموه من حرية كاملة بفضل الثورة اذ تقع عليكم المسئولية الكبرى فى استقرار مصر والعالم العربى وتجذير الديمقراطية.. كيف؟ أواصل غدا.