منوعات

جرة نم 21

عرفت دار الريح عدداً من الهمباتة من أمثال أبو سريج وود متيرب وكفتير. وجرة نم اليوم عن هذا الأخير الذي أنعم الله عليه بالتوبة قبل وفاته؛ فأصبح ملازماً لمسجد الخليفة عبد الله التعايشي في أم درمان. وكما هو معلوم فإن الهمبتة كانت شائعة جداً في السودان؛ إذ كان الناس ينظرون إليها كنوع من الفروسية أو من عادات العرب. ويمكن أن يقال إن الهمبتة هي ظاهرة اجتماعية على غرار ظاهرة الشعراء الصعاليك التي عرفتها جزيرة العرب قبل الإسلام. والمهم في هذا المقام أن الهمبتة قد اقترنت بالشعر الشعبي بشكل ملحوظ؛ لأن كثير من الهمباتة كانوا شعراء وفرسان من أمثال الطيب ود ضحويه والصادق ود آمنة والعبيد ود فاطنة وود تبار الذي يقول:
فارقت النهيض والشدّة في أدروب
وفارقت الرفيق الراسي ما مزعوب
دابها آمنت ناقة البدو أم عرقوب
أنا مسجون ومحمود رصوا فوقو الطوب
وبما أن حديثنا اليوم عن كفتير، نترحم أولاً على رفيقة دربه شامية بت أبو قمري، وهي من ذوات الحسن والجمال، وقد انتقلت إلى جوار ربها قبل يومين، رحمها الله وغفر لها. كانت شامية تعرف “بالحمه” وهي مفردة تطلق على الحسناء في دار الريح، ولا أعلم لها أصلاً في اللغة العربية. المهم أن كفتير قد أحب زوجته وبذل كل ما في وسعه ليوفر لها ما تحتاج من مطالب الحياة والدلال حتى قيل في ذلك:
كفتير شِنْ همه
بلا مصروف الحمه
كان العاج ما تمَا
بجي للباقي بخمه
وشاهدنا هنا أن هذه الحكامة تقر بأن كفتير لا هم له سوى إرضاء محبوبته، ومن أجل ذلك نهب هذا الجمل المعروف “بالعاج”. والشاعرة تقول بكل تحد: إذا لم يكف ثمن ذلك البعير لما تطلبه هذه الحسناء فسوف يأتي كفتير ويستولي على ما تبقى من إبل لدى صاحب الجمل إرضاءً للحمه. هذا النوع من الشعر، مع ما فيه من تشجيع لظاهرة قد تكون مستنكرة إلا إنه يعد ضرباً راقياً من الشعر الشعبي، ليس في دار الريح وحدها بل في سائر بقاع السودان.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..