أخبار السودان

الحل الناجع للأزمة السودانية

الإرادة ـ الرؤية ـ الأداة
د. الشفيع خضر سعيد

الحل الناجع للأزمة السودانية، هو الذي يحمي وحدة البلاد ويرتق نسيجها الإجتماعي الممزق، ويصون كرامة الفرد، ويوفر له المأكل والمأوى والأمن وخدمات الحياة والتمتع بالمواطنة تحت سقف السلام والأمان والديمقراطية. لكن، هذا الحل لن يتأتى إلا بتوفر ثلاثية الإرادة والرؤية والأداة. فالإرادة هي الدينامو المحرك والقوة الدافعة، والتي تشكل الخيط الرابط بين المكونات المختلفة للحراك السياسي والاجتماعي، وهي الترياق الفعال ضد سموم الفشل والإحباط والخيبات الفردية، يتحصن بها الناشطون ويستشعرون أهمية وجودهم وحيوية دورهم في معركة التغيير. والرؤية، تتبلور وتتطور من خلال الفعل الجماعي الواعي، وكنتاج للنقاشات الواسعة والعميقة لكل التفاصيل، في القواعد وليس حصرها في النخب، وهي التي يخرج منها المشروع الوطني الذي يجيب على الأسئلة المصيرية المتعلقة ببناء دولة ما بعد الاستقلال، والتي ظلت إما دون إجابات شافية، أو قُدمت لها إجابات خاطئة، مما فاقم من الأزمة المستفحلة في البلاد. والرؤية، تبشّر بأن البديل ليس أسماء ولا طبقات ولا قبائل ولا بيوتات جديدة ولا إستجابة لأجندة خارجية، وإنما برنامج عنوانه ديمقراطية تعددية مرتبطة بتوفير لقمة العيش للمواطن، ديمقراطية تُجترح وفق خصائص الواقع السوداني، تأتي بحكام منتخبين من قبل الشعب، بلا تزوير ولا شراء ذمم، ليكونوا فوانيس في طريق البناء، وليس سيوفا مسلطة على رقاب الناس. وعملية صياغة مشروع الرؤية لن تبدأ من الصفر أو من العدم، وإنما تستند على أرث هائل من المشاريع والرؤى التي تشبعت بها فضاءات الحراك السياسي والمدني خلال العقود الماضية. أما الأداة، فهي تجسيد تلك الإرادة وتلك الرؤية في الملموس الفعّال، في الكتلة الواسعة، التي تتجاوب مع نبض الشارع، وتتجه صوب كل قطاعات المجتمع السوداني، في كل بقاع الوطن، وفي بلاد المهجر والغربة.
بعد الاستقلال، اصطدمت النخب السياسية بالمهام التأسيسية لبناء دولة السودان الوطنية المستقلة. وكان واضحا أن تلك المهام معقدة وصعبة جدا، بالنظر إلى الدرجة العالية من التنوع والتعدد التي تتميز بها البلاد في الأعراق والإثنيات والقوميات والديانات والثقافات واللغات والحضارات والتقاليد، ومستويات التطور الإجتماعي. وللأسف، فشلت كل النخب السياسية المدنية والعسكرية التي حكمت البلاد، حتى اللحظة، في إنجاز تلك المهام. لذا، نقول أن الأزمة السودانية مزمنة، تمتد جذورها إلى فجر الاستقلال، دون أن يعمينا ذللك عن الدور الكبير الذي لعبه نظام الانقاذ في تفاقمها. فالحزب الحاكم لم يكتف باحتكاره للسياسة وبسيطرته على كل مفاصل أجهزة الدولة، وإنما أدغم نفسه في الدولة ذاتها، موصلا الأزمة، إلى مداها الأقصى، ممزقا ومفتتا البلاد، وقاذفا بها إلى مرحلة «دولة اللادولة». مظاهر الأزمة، والتي أصابت أيضا الاقتصاد والمجتمع والقيم وحياة الناس الروحية، واضحة كشمس نهار صيف السودان، ويعايشها الجميع يوميا، وقُتلت وصفا وتشخيصا. لكن، يمكننا القول بأنها، تتجسد في أربع حلقات رئيسية تلخص مسيرة تاريخ السودان الحديث: الديمقراطية والسلام والتنمية ووحدة الوطن. وهي حلقات متشابكة ومتداخلة ومترابطة، ولا يمكن حل أي منها بمعزل عن فض الأخريات. ومنذ فجر الاستقلال، كان واضحا أن التصدي لتلك المهام التأسيسية، أي فض الحلقات الاربع، لا يمكن أن ينجزها حزب واحد أو ائتلاف أغلبية أو نظام عسكري يدعي الصرامة والجدية وسرعة الحسم. وفى ظل الوضع الراهن وتحت سيطرة نظام الإنقاذ، بنسخته المعدلة، فإن هذه المهام التأسيسية لا يمكن أن تنجز عبر تفاوض بين حكومة الخرطوم وأي من الحركات المنتفضة في أطراف البلاد، مهما كانت عظمة وسطوة الجهة الراعية لهذه المفاوضات. لأن إنجاز تلك المهام، يعني، بكل بساطة، إعادة بناء السودان كدولة وطنية حديثة تستوعب كل ذاك التنوع والتعدد. وهذه مهمة شعب بأسره، ولا يمكن تحقق غاياتها المرجوة إلا في ظل الحرية والديمقراطية، ودون وصاية من أي طرف كان، محلي أو إقليمي أو من قادة المجتمع الدولي وعباقرة العلوم السياسية فيه..! وعندما نقول إنها مهمة شعب بأسره، فلن نحتار طويلا حول كيفية تجسيد ذلك عمليا وبالملموس. فهناك مشروع الكتلة الواسعة، وهناك عبقرية الشعب السوداني التي تفتقت عن فكرة المؤتمر القومي الدستوري باعتباره الأداة والآلية المناسبة لانخراط الشعب في إنجاز هذه المهمة.
من أكبر سلبيات وإخفاقات التجارب السابقة لحل الأزمة السودانية، حصرها في النخب فقط، السياسية والمسلحة، واختصارها القضايا في اقتسام كراسي السلطة، دون الأخذ بالقضايا المجتمعية الملحة والمتمثلة في السلام المستدام والعدالة وجبر الضرر والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية? إلخ. وكل الحلول السابقة، بما فيها الاتفاقات الثنائية بين حكومة الإنقاذ والحركات المسلحة، وكذلك مؤتمر حوار الوثبة الأخير، كلها لم تنجح في هزيمة الحرب الأهلية المستوطنة في البلاد، بل ساهمت في استمرارها وتفاقمها في أجزاء البلاد الأخرى، مزهقة لأرواح عشرات الآلاف، ومخلٍفة تهديدا جديا لوحدة البلاد. والحقيقة التي يجب أن يعيها الجميع، هي حتى بعد انفصال الجنوب، لا زال السودان بلداً متعدد الأجناس والأعراق والديانات والثقافات واللغات، ولا بد من الاعتراف بهذا التنوع والتعدد واحترامه، والانتقال من مجرد الاعتراف اللفظي به إلى تقنينه في الدستور والقوانين السودانية، والتعبير عنه فعليا في الممارسة السياسية، بما يضمن التمسك بوحدة الوطن القائمة على التنوع والتعدد، وعلى أساس المواطنة والديمقراطية التعددية وكفالة الحريات وحقوق الإنسان واستقلال القضاء وسيادة حكم القانون والمساواة في الحقوق والواجبات وفق المعايير المضمنة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
آن الأوان لأن تغتنم النخب أي فرصه تلوح في الأفق، بل والعمل على خلق هذه الفرصة، للعبور بالسودان من مربع الحرب والنزاعات إلى فضاء السلام المستدام لمصلحة أهل السودان كافة، ولمصلحة المعاملة التفضيلية في المناطق التي حرمت تاريخياً من الخدمات الاجتماعية والتنموية، حيث وفّر ذلك الحرمان أرضية صالحة لغبن تاريخي لا يمكن تجاوزه إلا بإدراكنا لهذه الحقيقة.

القدس العربي

تعليق واحد

  1. الحل الناجع للازمة السودانية هو ان يبطلوا سرقة قوت الشعب . هم حاليا شغالين على عينك ياتاجر، يلملموا الدولارات من السوق ومباشرة الى الخارج. كيف ياتي الدواء والغذاء والكساء وكافة معينات الحياة والدولارات عند الناس ديل بس.

  2. جيل الاستقلال لم يبني شعب واحد
    لم يرسي معني الوطنيه
    من هنا بدات المشكلة
    والسودان جدير ان يكون قائد افريقيا
    وتشكيل تجربه دوله افريقيا العظمي

  3. شكرا استاذ الشفيع خضر علي الثراء الفكري فقط انوه ان محنتنا الاساسية بدات من الاستقلال اذ يومهالم تفكر النخب السياسية في وضع مشروع جامع بفكرته وارادته والاته لبناء الدولة وانما اخذنا النظام الموروث من الاستعمار نسينا الواقع الداخلي وعدم تحليله وكذلك الواقع البخارجي فقامت ديمقراطية ضعيفه هشه وهي كانت عكس ما يدور في دول العالم الثالث ولا شك ان ما مضي من عقود لابد ان يؤخذ في الاعتبار اشير فقط ان للسيد الصادق المهدي في عام خطاب الرايات السبع عام 1967عن نشاة الدولة الحديثة وكنت اري ان يخضع هذا الخطاب للدراسة ولكنه للاسف خضع للمزايدات السياسية وقد لا يعلم القراء ان دولة قطر الناهضه بحق اخذت هذا الخطاب وتبنت خطواته وافكاره كما قال الامير الشيخ حمد للامام !!!

  4. اعتقد ان المشكلة السياسية هي (الاستقلال) نفسه، لقد جاء قبل اوانه مثل الطفل (الخديج)، نحن شعب غير راشد، ولا يعرف كيف يتدبر امره، نعاني من السفه والبله والعبط والقصور الغقلي بلا حدود.
    ليت الانجليز لم يتركونا الا بعد خمسين سنة من تاريخ ذلك الاستقلال اللعين، او ليتهم لم يخرجوا حتى الأن.
    اقترح ان نجعل يوم الاستغلال مثل يوم (كربلاء) عند الشيعة حزن وبكاء ومأتم ولطم وعزاء ،،،،، ولا عزاء.
    (والزارعنا غير الله اليجي يقلعنا، ودخلوها وصقيرها حام، وغرضي ان ما انقضى خلي دار جعل تنهد، وامريكا وبريطانيا و فرتسا تحت جزمتي)….. مبروك.

  5. لماذا ترك د.الشفيع الحزب الشيوعي؟
    يارفيق ديل قالو اخدناها بالقوة مع انو سرقوها
    والعايزنا يطالعنا الشارع..يارفيق كون منظمه أو حزب
    أو أرجع للحزب العتيق وادفر مع الناس للاقتلاع.

  6. الحزب الشيوعي فشله من فشل الكيزان وفشل اي سياسي سوداني, لانه العلة في الشخصية نفسها وليس في المنهج, السوداني هو عبارة من متناقضات سوى في سلوكه والا في عمله والا تربية ابنائه ولا في ممارستة السياسية, مثلاً يكون عاش في اروبا سنيناً عددا وتزوج اروبية وله ابناء منها وفجاءة يمشي السودان يعرس سوادنية, لما يكون في الثانوي تكون له توجهات ثورية وعلمانية والحادية يعني يساري متطرف او يكون من ناحية تانية كوز مهووس متهور متشدد لدرجة ذبح خصومه في الطرف الثاني, ولما يدخل الجامعة يخمد اشعاعه السياسي قليلاً ويتذبذب تارة تجاه اليمين اذا كان يسارياً او يساراً ان كان يمينياً, ولما يتخرج يفكر في مصحلته فقط وتبرز انانيتة القحة وتطفو الى السطح كنقطة زيت تغمر تحتها كل توجهاته السياسية, ولما يشتغل ويتزوج ويكون له اسرة يتلون كالحرباء ويداهن وينافق حتى يعيش, لم نتربى على التضحية من اجل هدف ومبداء حتى لو كان الثمن الموت.

  7. الحل الناجع للازمة السودانية هو ان يبطلوا سرقة قوت الشعب . هم حاليا شغالين على عينك ياتاجر، يلملموا الدولارات من السوق ومباشرة الى الخارج. كيف ياتي الدواء والغذاء والكساء وكافة معينات الحياة والدولارات عند الناس ديل بس.

  8. جيل الاستقلال لم يبني شعب واحد
    لم يرسي معني الوطنيه
    من هنا بدات المشكلة
    والسودان جدير ان يكون قائد افريقيا
    وتشكيل تجربه دوله افريقيا العظمي

  9. شكرا استاذ الشفيع خضر علي الثراء الفكري فقط انوه ان محنتنا الاساسية بدات من الاستقلال اذ يومهالم تفكر النخب السياسية في وضع مشروع جامع بفكرته وارادته والاته لبناء الدولة وانما اخذنا النظام الموروث من الاستعمار نسينا الواقع الداخلي وعدم تحليله وكذلك الواقع البخارجي فقامت ديمقراطية ضعيفه هشه وهي كانت عكس ما يدور في دول العالم الثالث ولا شك ان ما مضي من عقود لابد ان يؤخذ في الاعتبار اشير فقط ان للسيد الصادق المهدي في عام خطاب الرايات السبع عام 1967عن نشاة الدولة الحديثة وكنت اري ان يخضع هذا الخطاب للدراسة ولكنه للاسف خضع للمزايدات السياسية وقد لا يعلم القراء ان دولة قطر الناهضه بحق اخذت هذا الخطاب وتبنت خطواته وافكاره كما قال الامير الشيخ حمد للامام !!!

  10. اعتقد ان المشكلة السياسية هي (الاستقلال) نفسه، لقد جاء قبل اوانه مثل الطفل (الخديج)، نحن شعب غير راشد، ولا يعرف كيف يتدبر امره، نعاني من السفه والبله والعبط والقصور الغقلي بلا حدود.
    ليت الانجليز لم يتركونا الا بعد خمسين سنة من تاريخ ذلك الاستقلال اللعين، او ليتهم لم يخرجوا حتى الأن.
    اقترح ان نجعل يوم الاستغلال مثل يوم (كربلاء) عند الشيعة حزن وبكاء ومأتم ولطم وعزاء ،،،،، ولا عزاء.
    (والزارعنا غير الله اليجي يقلعنا، ودخلوها وصقيرها حام، وغرضي ان ما انقضى خلي دار جعل تنهد، وامريكا وبريطانيا و فرتسا تحت جزمتي)….. مبروك.

  11. لماذا ترك د.الشفيع الحزب الشيوعي؟
    يارفيق ديل قالو اخدناها بالقوة مع انو سرقوها
    والعايزنا يطالعنا الشارع..يارفيق كون منظمه أو حزب
    أو أرجع للحزب العتيق وادفر مع الناس للاقتلاع.

  12. الحزب الشيوعي فشله من فشل الكيزان وفشل اي سياسي سوداني, لانه العلة في الشخصية نفسها وليس في المنهج, السوداني هو عبارة من متناقضات سوى في سلوكه والا في عمله والا تربية ابنائه ولا في ممارستة السياسية, مثلاً يكون عاش في اروبا سنيناً عددا وتزوج اروبية وله ابناء منها وفجاءة يمشي السودان يعرس سوادنية, لما يكون في الثانوي تكون له توجهات ثورية وعلمانية والحادية يعني يساري متطرف او يكون من ناحية تانية كوز مهووس متهور متشدد لدرجة ذبح خصومه في الطرف الثاني, ولما يدخل الجامعة يخمد اشعاعه السياسي قليلاً ويتذبذب تارة تجاه اليمين اذا كان يسارياً او يساراً ان كان يمينياً, ولما يتخرج يفكر في مصحلته فقط وتبرز انانيتة القحة وتطفو الى السطح كنقطة زيت تغمر تحتها كل توجهاته السياسية, ولما يشتغل ويتزوج ويكون له اسرة يتلون كالحرباء ويداهن وينافق حتى يعيش, لم نتربى على التضحية من اجل هدف ومبداء حتى لو كان الثمن الموت.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..