حكومة الخرطوم تستقبل الوفد الزائر للحركة الشعبية باعترافات ضدها من أسرى تم تعذيبهم

حكومة الخرطوم تستقبل الوفد الزائر للحركة الشعبية باعترافات ضدها من أسرى تم تعذيبهم شريف ذهب
[email protected]

في خطوة تعد الأغرب من نوعها على الإطلاق في قاموس العلاقات بين الدول وتفوق التصور البشري السوي ، لم أكد أصدق نفسي وأنا أشاهد التلفزيون السوداني يعرض في نشرة أخباره الرئيسية مساء البارحة ، عنصران من أسرى الجيش الشعبي لتحرير السودان ، وقد بدت عليهما علامات الإعياء الشديد من أثر التعذيب ، وهما يرغمان على الإدلاء بإفادات مبهمة ، يقول فيها أحدهما أنه قد تلقى أموالاً من قبل حكومة جنوب السودان لصالح القوات المشتركة ، فيما الآخر الذي بدا على هيئته وتصرفاته أنه فاقد للوعي من أثر تعاطي مادة مُسكرة يبدو أنّ جلاديه قد أرغموه على تعاطيها ، حيث يعترف على نفسه بأنه قد أقدم على جلب سبعة أفراد من منسوبي المؤتمر الوطني من الخلاء ? هكذا يقول ( الخلاء ) وقام بتصفيتهم بأمر من احد قادته ؟!
وقد صاحب بث هذه المادة تعليق من الدكتور ربيع عبد العاطي الذي تم التعريف به على أنه إعلامي وكاتب صحفي ؟ ، حيث بدأ كدأبه بكيل التهم الجزاف من العيار الثقيل لحكومة جنوب السودان بما لم يقله مالك في الخمر ، ومن أخطر ما أورده في ذلك التصريح قوله ( أن دولة الشمال بإمكانها إعادة الأمور للمربع الأول ) وأردف قائلاً : ( والشمال لديها القدرة على احتلال كل مدن الجنوب ) ؟! ، انتهى ..
وفي المقام الأول : نود أن نسجل موقفاً عاجلاً نحمّله لقيادة الحركة الشعبية ويتحمل تبعاته حكومة الخرطوم ، وهو أنّ هناك منتسبين للحركة الشعبية والجيش الشعبي في الشمال هم أسرى لدى حكومة الخرطوم وتقوم أجهزة أمن النظام بتعذيبهم شتى صنوف العذاب وتنتزع اعترافات كاذبة منهم .
وأنّ هذا الأمر يعد انتهاكاً صارخاً للأعراف الدولية في التعامل مع اسري الحرب الذين هم في حالة هؤلاء _ يعّدوا رهائن قام النظام باختطافهم من دورهم ومواقع عملهم في الدولة _ . وبالتالي يجب عدم السكوت عليه البتة وإثارته وتصعيده بصورة عاجلة للمنابر الدولية والمطالبة بدخول منظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدوليين للوقوف على أوضاعهم الإنسانية داخل معتقلات النظام .
ثانياً : إن الذي نعرفه عن فنون التعامل بين الدول التي تحترم نفسها ، أنه حينما يكون هناك ترتيباً لاستقبال وفداً رئاسياً زائراً لدولةٍ ما ، فان الدولة المضيفة تقوم بتوجيه وسائل إعلامها الرسمية ببث المواد الإعلامية التي تلطف الأجواء بين البلدين كي يتم البناء عليها والخروج بأفضل النتائج الايجابية من تلك الزيارة المرتقبة . وفي حالة حكومة الخرطوم المأزومة هذه التي تمر بأزمة اقتصادية طاحنة تكاد تطيح بها على اثر فقدان الدولة لموار الجنوب النفطية ، وحاجتها الماسة لدولة الجنوب للحصول منها على بعض المكاسب الاقتصادية ، فضلاً عن بقية القضايا المتعلقة بأمن الحدود والعلاقات الدولية ، فكان بإمكان حكومة الخرطوم أن تكون أكثر حصافة في تعاملها مع هذه الزيارة عن ذلك الموقف الأرعن ، لا سيما وانه في قاموس العلاقة بين شعبي السودان ما لا يسعها العمر لحصرها ، _ لكن فاقد الشيء لا يعطيه ! .
ثالثاً : وبصدد العلاقات بين دولتي السودان وان كنا نتطلع لأكثر من علاقة حسن الجوار بينهما حيث أمانينا في هذا الجانب لا يحدها حدود وهمية يراد ترسميها بين أجزاء الوطن الواحد ، وإنما تمتد للأمل نحو إعادة توحيد البلاد مجدداً على أسس جديدة .
وإن كنا نتفهم بأنّ لدولة الجنوب تقديراتها الخاصة بشأن علاقاتها الخارجية كونها دولة ذات سيادة ، ونحترم شجاعتها في اتخاذها القرارات الصعبة في الأوقات الصعبة دونما مواربة ومنها قرار هذه الزيارة المفاجئة .
برغم كل ذلك فتقديري الشخصي في توقيت هذه الزيارة أنها قد أتت في غير وقتها لا سيما في ظل الأجواء الراهنة التي تنكل فيها حكومة الخرطوم بالحركة الشعبية في الشمال ومعها كافة أفراد الشعب السوداني .
وقد لا يسع المجال لذكر كافة أسباب التي بنيت عليها هذا الموقف ، ولكن اقلّها أن هذه الزيارة ستعطي الانطباع لدى حكومة الخرطوم بانكسار حكومة الجنوب وعجزها عن إدارة شئونها ، بما تحقق المقولة السابقة للمؤتمر الوطني حين انفصال الجنوب :( ما يقدروا يعيشوا بلانا وهيرجعو لينا) .وأرجو أن أكون مخطئاً في تقديري هذا وتكذبني الأيام في ذلك أو تصدقني ، والشاهد بيننا وسائل أعلام النظام وكتابها المسعورين . نواصل بإذن الله