مقالات وآراء سياسية

دولة السودان الرخوة

محمد حسن شوربجي

وحقا فنحن دولة رخوة اقتصاديا وأمنيا .
وان كنا نظن اننا دولة قوية بتعدد تلك المليشيات العسكرية التي تجوب شوارعنا وكل حياتنا.
ونظن كذلك بأننا دولة قوية اقتصاديا ومواردنا المائية والأخرى التي في باطن الأرض تجعلنا ملوكا.
وتلك البقية التي تتحكم في مفاصلنا من احزاب ونخب فاشلة وقد وجدت نفسها وهي تحكم  دولة رخوة وهزيلة .
ويقصد “ميردل” بالدولة الرخوة:
“الدولة التي تصدر القوانين ولا تطبقها،
ليس فقط لما فيها من ثغرات،
ولكن لأن لا أحد يحترم القانون،
فالكبار لا يبالون به لأن لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه،
والصغار يتلقون الرشاوي لغض البصر عنه”.
وان كنا نخدع أنفسنا ونتغني بدولة القانون لا وجود لها وشعر الحماسة يكاد يبكينا عزة:
انا الاسد النتر  ::::::: وكتين تكورك عزه
فارس الدواس والحك تلقاني وكت الفزه
راجل ود رجال  ::::::: ماني البموت في مزه
لو كل البنات حرم ::::::: كاسن معاي ملزه
وانا حامي العروض يوم السيوف تنهزا
وانا السيف الختف فوقي الرقاب تنجزا
لو درت الكرم :::::: انا كرم السحاب الشزا
ضكر الجنيد الجد :::::  ماني البقوم باللزا
وان كان هذا الأمر يجافي الحقيقة ونحن  دولة ضعيفة جدا  لا تقوى على تحرير اراضيها المحتلة شمالا في حلايب وشلاتين وجنوبا في الفشقة وغربا في كاودا.
وفقط اكثرنا كدون كيشوت يحارب طواحين الهواء بالسيوف الخشبية وذلك الحصان الهزيل.
يقول  عالم العلوم السياسية والاجتماع السويدى جونار ميردال في كتابه:
الدراما الآسيوية.
العامل المشترك الأعظم بين الدول الرخوة  هو:
غياب سيادة القانون.
وحقا فنحن لا نكترث بقانون أو سيادة.
فبالأمس خرج علينا أحدهم وهو ينتحل رتبة نقيب شرطة وقد سرق خروفا يحمله وقد زينت الكثير من  الدبابير كتفيه .
فان كان هذا هو حالنا وأربعة جيوش تدخل الخرطوم باسلحتها الفتاكة.
وكل زعيم ميليشيا تحرسه قوة أمنية.
ليخرج علينا الفريق  كباشي وهو يتمنى أن يرى من فض الاعتصام.
يقول هارولد لاسكى في كتابه «الحرية في الدولة الحديثة»: أسوأ أنواع الحكم في أي هو دولة الحكم الدينى أو العسكرى،
وذلك لغياب أعظم كلمة: هي الديمقراطية بمعناها الصحيح،
وحقا فنحن بعيدون كل البعد  عن الديمقراطية الحقه.
و بعيدون كل البعد عن دولة القانون.
و لا نعرف بدقة حتى الآن  تعريف  الدولة الحقه.
وان كانت هي وبكل بساطة   شعب في إقليم جغرافى محدد تحكمه  حكومة،
وهذا الشعب يخضع لنظام سياسى معين متفق عليه يتولى شؤون تلك الدولة.
وان كان حال المواطن المسكين كحال  “سيزيف”   المكير  الذي استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس مما أغضب كبير الآلهة زيوس،
فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاها
فإذا وصل القمة تدحرجت بسرعة إلى الوادي،
فيعود إلى رفعها إلى القمة مرة اخري ويظل هكذا حتى الأبد،
فأصبح سيزيف رمزا للعذاب الأبدي.
وهو يعاود صعود الجبل نحو “القمة” وصولا للمدينه الفاضلة” لتعود تلك الصخرة وتنحدر نحو السفح تتدحرج من “قمة” الأحلام إلى “سفح” الواقع لينزل “سيزيف” ويعود إلى حمل “صخرة” آماله من جديد  ..
وهذا هو حاله منذ الاستقلال ..
وكأنه نفس سيزيف يحلم بالمدينة الفاضلة كل يوم وهي أشد بعدا عنه.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..