مقالات وآراء سياسية

المدينة الملعونة

خالد قمر الدين

عليها لعنة النور (الكهرباء) وكأنما بينها والظلام عشق أبدي .. تحن إليه ويحن إليها .. تقابله يوميا ، ليس خلسة ولا على إستحياء ، وإنما علنا كل ما يأتي المساء .. تحتضنة ويحتصنها .. تداعبه ويداعبها .. تلهو به ويلهو بها الساعات الطوال .. تنفرد به ويخلو بها تماما حتى يقطع خلوتهما الخيط الابيض من كل فجر .. يالله .. ما هذا الظلام .. ما هذا الفجور المظلم .. معروف مسبقا في هذه البلاد الطيبة أن وراء كل ظلامة وظلام ، ظالم ظالمان او مجموعة ظالمة .. من وراء الظلم والظلام في هذه المدينة ؟ .. هذه المدينة الوسيمة رغم الندبات .. رغم المساحيق وعمليات التجميل المصطنعة والمتكلفة والشائهة .. التي لم ولن تنير وجهها المظلم .. من وراء هذا العشق الممنوع ؟ من وراء هذه اللعنة ؟
بالله عليكم .. أخفضوا اصواتكم .. ناقشوا أمرها سرا .. لا نريد لهذه اللعنة ان تسير بها الركبان .. لانه ببساطة لا يستوعب ابناء بلدي أن مدينة تصدر لهم المنقا والقشطة والفاف والذهب مدينة بكل هذه الإيرادات ببساطة يمكنها ان تكون مدينة من ذهب .. ولكن .. مدينة تصدر كل هذا وهي مظلمة .. مدينة تنفخ من احضانها الانوار .. وتدفع بها إلى الناس وهي مظلمة .. مدينة تقدس النور وتعبد النور وهي مظلمة .. يا لهذه المدينة التي تخصم من عمري ثلاثين عاما .. اخصميها .. انها لا تعنيني كثيرا .. عيديني إلى الرواء .. عيديني كثيرا إلى ما قبل الثلاثون .. الخصم هذه .. انها ايضا ملعونة .. ملعونة في وطني .. شهدت وأسست لظلم وظلام كبيرين .. عيديني يا هذه الوسيمة إلى صغري وحداثة سني .. إلى تلك الرواية ذات الحجم العادي .. التي كانت تبدو في ناظري كمجلد ضخم (حب في الظلام ) .. إلى ذلك الحب العظيم .. الذي ينداح ويتقطر وفاء مسكرا جدا يخامر عقل القاري .. ذلك الوفاء الذي يحتاجه إنسانك أيتها المظلمة .. حتى لا تظلين كذلك ملعونة على الدوام .. نعم لهم إبتساماتهم في في وجهك .. ووجهك مظلم .. انت ليست ملعونة على الاقل هذا رأيي الشخصي .. ولن تظلين مظلمة هكذا .. فضلا عن إبتساماتهم هذه ستبتسم لك الحياة يوما .. سترين النور .. ستصيرين ابنة النور .. سيشع من كل جوانبك.. فقط توكلي على الله وحدثيهم .. صحيح لهم مشروعاتهم الجليلة الجميلة .. ولكن ذكريهم بأن المشاريع أولويات .. وأن هناك مشاريع بقيامها تخرج من ارحامها مشاريع اخرى .. تلد مشاريع ..
سترين النور حتما .. ستلعنينهم .. لا لا لا .. لن تفعلي .. انت مسامحة .. مسامحة جدا .. اكثر مما يجب .. لذلك انت كريمة .. كريمة جدا .. اكثر مما يجب ايضا .. غمرتيهم بالجود فبخلوا .. إحتضنتيهم فنهبوا .. وذهبوا .. غير مأسوف عليهم .. تطاردهم اللعنات .. لعنات ابناءك .. إذا لن تلعنيهم انت .. ولن افعل انا .. سيفعل كل ابناءك .. سيكتبون بالنور على جبيهة جبلك الشامخ (اللهم ألعن من سرقوا من هذه المدينة نورها) .. سيشيعونهم حتى عمرانهم الخراب .. الذي ارادوا من خلاله مساواة نفوسهم المريضة بأسيادهم (الأباليس ..المطاميس .. الكبار) .. ظنا منهم انها فلاحة .. وانهم يحسنون صنعا .. نسوا بجهلهم انها .. وانها ستزول .. سريعا .. سريعا جدا .. اسرع مما يتصورون .. وستضعينهم انت وابناءك في الجانب المظلم من الذاكرة .. لانهم لا شيء .. مجرد همباتة .. وستخلدين انت وابناءك .. مدينة النور .. وأبناء النور ..
سيكتب التاريخ هذه الحقبة المظلمة .. ستودعينها إلى الابد .. سيذكرها اجيال .. سيسمع عنها اجيال .. ستقرأها اجيال لاحقة .. ستكون دروس وعبر توقد في عقولهم النور .. نور المعرفة الذي يدحر ظلام الجهلاء .. رواد التجهيل .

خالد قمرالدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..