هل كان ملتقى (أم جرس) جامعاً؟

بسم الله الرحمن الرحيم

كم كنتُ شغوفاً لمعرفة مخرجات ملتقى أم جرس الذي عُقد في الفترة(26-30 مارس2014) بدولة تشاد؛لأنّ الأمر يهمُّ كلَّ من يحمل الهمّ الدارفوري ، ويحزن لواقع دارفور الأليم، إنه لحق واقع يكسوه الحزن والكآبة، حيث أرواح عزيزة فُقدتْ، وأنهار من الدماء جرتْ، وشلالات من الدموع انهمرتْ، فتفشّى البغض والكراهية بين أهل دارفور، وصارت هوّة عميقة مليئة بالدموع الدماء تفصل بيننا. كلّ ذلك حصاد عقدٍ من الزمان، وما من طرف رابح في هذه الحرب ، لا الحكومة ، ولا الحركات المسلحة ، ولا القبائل المتحاربة، لأن الحرب مهما كانت فهي خسارة للإنسانية جميعها.
وفي ظلّ الأوضاع الإنسانية البائسة ، ونيران الحرب التي أكلت الحرث والنسل وما زالت ، بُذلت جهود إقليمية ودولية لوضع حدّ لمعاناة دارفور، وذاكرتنا السياسية تزدحم بعدد من المبادرات والمنابر التي أفضت بعضها إلى اتفاقيّات أظنّها لم تحقق الطموح ، ولم تضع حدّاً للأزمة وتجتثُها من جذورها. ولعل ملتقى (أمّ جرس) آخر تلك المحاولات الساعية لحلّ الأزمة الدارفورية.
لكن دعونا نتساءل، هل كان أم جرس جامعاً لكلً ألوان الطيف الدارفوري؟
قبيل انعقاد مؤتمر أم جرس الأول، كنّا نسمع صوتاً خافتاً في مجالس المدينة مفاده دعوة أبناء قبيلة الزغاوة إلي ملتقى جامع بغية حلّ مشكلة دارفور، وكان أول إحساس ساورني هو أنّ الدعوة بشكلها ستكون كارثة لما فيها من إقصاء للقبائل الدارفورية الأخري التي من دونها لم تحلّ الأزمة . واعتقد أنّ القائمين بأمر الملتقى استدركوا ذلك في الملتقى الثاني- وحسناً فعلوا.
لكنّ الدعوة إلى الملتقى صاحبتها إخفافات مقصودة في رأي، والوفود التي شاركت ضمّت أفراداً تمّ اختيارهم بصورة انتقائية ، إلا فما الذي يمنع أن تقدم الدعوات إلى فئات لم تقل شأواً عنهم ، وما الذي يمنع من أن يتم تنويرهم أو استشارتهم؟، ومن بينهم علماء ومفكرون في شتى ضروب المعرفة. وهنا أحبّ أن أشير إلى أنّ تغييب الآخر فكراً ورأياً لا يفضي إلى حلّ الأزمة ، وأن ينصّب بعضٌ أبناء دارفور أنفسهم سادات وكبارات وهم في إبراج عاجية ينتظرون أن نرتقي إليهم ففي ذلك تعقيدٌ للأزمة وزيادة الطين بِلّة، ومن الأفضل أن نتواضع فيما بيننا، ويكون مستقبل دار فور الغاية المنشودة وفوق كل الاعتبارات. وكان على أقلّ تقدير أن يضمّ الوفد أعضاء من جامعات دارفور الثلاث علماً بأنّ هذه الجامعات بها مراكز متخصصة في دراسات السلام والتنمية ، وهذا بالإضافة إلي معايشة أساتذة جامعات دارفور للواقع عن قرب ؛ ليسهموا مع أقرانهم ممن شارك في تقديم أوراق أمثال د. التجاني مصطفى الذي له باع طويل في هذا المجال، والبروفسور/عبدالرحمن بشارة دوسة وغيرهما.
وإذا كان في أمّ جرس حلّ فليكن السبيل إلى ذلك انطلاقاً من القواعد الشعبية في المدن والأرياف، ومنظمات المجتمع المدني بكياناتها المختلفة، والجامعات.وإعمال مبدأ المشورة والاستماع إلى الآراء بصدر رحب واتباع منهج النقد الموضوعي، بعيداً عن التعصب والأهواء الشخصية ، والشفافية في كلّ صغيرة وكبيرة وبخاصة الشقّ المالي، من أين جلب، وبأي وجه وُزّع، وفي أيّ غرضّ صرف؟؟؟ درءاً للشك والريبة.
إنّ كلّ مبادرة صادقة تسعى لانتشال شعب دارفور من مستنقع الحرب والدمار يجب أن تكون محل ترحيب والتفاف ، وربما ملتقى أم جرس الطريق الصحيح الذي يؤدي بنا إلى محطة الأمن والسلام والتنمية، وذلك مشروط بصدق النوايا وصفاء النفوس.
ختاماً:
يا من تولّيتم أمرنا من أبناء دارفور، تولونا بالجميل والحسنى، حتى نرى دارفور مكاناً عزيزاً طيباً، وقديماً قالت العربُ:
وكلّ امريءٍ يولي الجميل محبّبُ وكلّ مكان يُنبت العزّ طيّبُ

كتيّب( ملتقيات أم جرس- الطريق إلى حلّ أزمة دارفور) أخطاءٌ في اللغة والإخراج.
قرأت الكتيب المذكور أكثر من مرّة، لكن من يطلع عليه يقع بصره على أخطاء كثيرة ، ولعلّي أحيلك إلى بعضها:
– في الصفحة الأولى السطر(28) والشكر لمواطن أم جرس صغاراً وكباراً، والصحيح( صغيراً ، وكبيراً).
– ص 2 ،السطر(2) وبُذلت جهوداً ، والصحيح، (بُذلت جهودٌ).
– ص2 ، السطر(4) بعضها البعض ، والصحيح، (بعضها بعضاً).
– ص4، السطر(9) احتوت الورقتين، والصحيح( الورقتان)
– ص8، السطر(18) أم جرس اثنين ليست، والصحيح (ليس… بل لكل أهل… لتجسيد….)
– ص46 وردت كلمة (أن شاء الله ، انشاء الله) بصورة مكررة مما يدل على أن الخطاء ليس طباعياً، والصيحيح( إن شاء الله) ومشيئة الله تعالى شرط لتحقيق مخرجات أم جرس.
هذا قليل من كثير ، ولا أريد أن أكون مدققاً لغويّاً، غير أن هذه الأخطاء شوّهت كتيباً يفترض أن يطلع عليه شخصيات رفيعة وأولهم رئيس الجمهورية. وجميل لو أنّ الكتيب عُرض علي مدقّق لُغوي ، وتمّ تنسيقه في شكل أفضل من هذا من حيث المسافات والفقرات.

نواصل

د. عبدالرحمن فضل أحمد- جامعة الفاشر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..