مهلا .. الأمر حسم بمباراة ؟!؟

د.فائز إبراهيم سوميت
[email][email protected][/email] عنطزة :
أوروبا .. العانس العجوز .. شهرتها طبقت الآفاق العالمية .. بحبيبة كشوف جغرافية وتلاتة أو أربعة كشاشيق مستعمرات فى أفريقيا وآسيا .. سبقتها قبل ذلك النهضة الأوروبية الذاتية فى مختلف نشاطات الإنسان الإبداعية ? من هنا ومن هناك – فآلت على نفسها التبشير والتنكير للدول التى تحت حزام الفقر والالغام حتى طغت وتجبرت وقالت أنا لم أفرط فى العلوم والنظريات الإنسانية للحد الذى جعل العالم ليس فى حاجة إلى تفاسير جديدة تتعلق بالإنسان .. وسدت الطريق أمام النظريات والأكليشيهات الحديثة الأخرى وحظرت التبشير فى الإتجاه المعاكس لفلسفاتها ونظرياتها . ثم إستطالت تجارتها لما وراء البحار .. أتخمت .. وتبرجت وأخذت زينتها عند كل مأتم عربى أو أفريقى عالمى . ثم فجرت .. ثم إنكفأت على وجهها بعد أول أزمة إقتصادية فى أواخر ثلاثينيات القرن التاسع عشر .. والتى ترنحت بها حتى دفعت بها إلى حرب كونية ثانية طاحنة والاولى لاتزال آثارها ماثلة فى عذابات دول العالم الثالث التى أدخلت لها بالتبعية الشوهاء وهى لاتملك فيها لاناقة ولابعير ولاحتى تيس . . وكنوع من تأنيب الضمير الأوروبى فتحت اوروبا بواباتها البيضاء لإحتضان أبناء العالم الثالث , فعلمتهم الأكل بالملعقة والشوكة والنوم بالروب دى شامبر ثم الهذيان فى المؤتمرات الدولية مخدرين بأنخاب الويسكى والكونياك الأحمر , وتركتهم يتناقشون كثيرا فى أمر التعليم الأوروبى وكيفية تكنجة العقول الأفريقية وتحنيط الأفكار العربية وأخذ النقاش عن من سيفوز بالنسخة القادمة من كأس الأمم الأفريقية مصر أم الجزائر .. ثم الإتفاق حول نسب العمالة أقصد نسب الأرباح والأسهم فى بورصات الحروب الأهلية والقبلية هنا وهناك . . يقابلونك , وفى أعينهم الكثير من الإندهاش .. إندهاشا حادا لاتملك له تفسيرا حتى لو بقيت عميد الدبلوماسية العالمية .. وبنفس القدر يقدمون لك إنتاجهم كأنهم يعتذرون لك , بأن لك حق فيما أنتجته مراعيهم ومصانعهم من باب الزبون دوما على حق , وأى زبون , ويقولون لك : ( أن لونك هذا لم تنتجه حتى مصانع قوس قزح ) .. ليه كستنائى هو .. , ولذا كنا نرى الكثير من الزنوج يتمخترون ويتبخترون ويتيهون فى شوارع كان , أو روما أوفى شوارع جلدونى أو فى مدينة البندقية , ودليلى على أنهم تائهون ومغرورون بما همست به أوروبا العانس فى آذانهم , لكن إلى حين , تجوالهم فى صلف مع هز المؤخرات رجالا ونساء وفرض أغانيهم ومسرحياتهم البهلوانية التى تذكر الرجل الأوروبى الأبيض إستعماره للقارة الأم ? أفريقيا ? فى حين أن الرجل الأوروبى المستعمر إذا لم يكن يرضى عنك لما دفع إلى جوازك تأشيرة دخول لعالمهم لتقدم مسرحيتك لهم وتهز جزوع الكاكاو والباباى والموز الكاذب والتى قد تكون سبقتك بطائرات نقل خاصة من نيروبى أو كينشاسا أو من دلهى , للعانس العجوز , مع عميق إمتنانا أن أعطيتينا حق إنسانى وإستبدلتونا الموز والكاكاو بالبيجو واللكزس والبوما والجاغوار ” فيا هازى الجزوع تمختروا لكن لاتتيهون مرحا ” . . والتى يستقبلها الجمهور الأوروبى ببروده المعهود فيه وبنفس الإندهاش الأول الذى إستقبلونهم به .. والمسرحية لاتعدو أن تكون جزءا من الأوهام الأوروبية التى زرعت فى رؤوسنا وهى أن الأوربيون سرقونا , وهذا حق لنا أن نتيه فى شوارع سام الفارهة ونهز مؤخراتنا دليل السرقة الدامغة ? كيتا لمستعمرنا ? وعندما تنشب أول مشاجرة بين المواطنين الأوروبيين وهازى الجزوع – على ما أظن لتتساقط علينا أوروبا رطبا جنيا ? فى بار أو فى هايدبارك مهمل , تنطلق صافرات الإنزار , والهراوات ومسيل الدموع والكلاب البوليسية , وتنطلق أيضا الأغانى الأمريك ? لاتينية الحماسية ” قت أب إستاند أب فور يور رايت ” .. وتفتح ضهريات عربات الشرطة لتستقبل الأجساد البشرية .. وكذلك اليوم التالى تفتح الصحف أفواهها : ( بأن هناك حق إنسانى أنتهك ) . وقت أب إستاند اب فور يور دايت المرة دى . .
أوروبا تثير فيك الإندهاش كما تثير الحفائظ والغرائز , فإذا ذهبت إلى سوق السيارات , وهذه طبعا خاصية تسم هازى الجزوع من كل سكان البرية , فهم مولوعين بأسواق السيارات فى فرنسا , وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا , فالأوروبى لايبيعك السيارة فحسب بل يبيعك تاريخك أيضا كأن يقول من باب التذكرة أن هذه السيارة تم إنتاج أول موديل منها بعيد الحرب العالمية الثانية وتطورت إلى أن وصلت إلى هذا الشكل القابل للتعديل من كل زواياه , مما يجعلك تتحسس آثار السياط التاريخية على خطوط الطول والعرض التى قسمت بها بلدك .. أما تلك الفارهة صنعت تيمنا بمرابضة هتلر بجيشه على تخوم الراين , على الرغم من علم الأوربيون بأن أغلب الأفارقة الذين يرتادون تلك الأسواق لايشترون منها , أولا لإرتفاع أسعار تلك السيارات وثانيا على ما أظن الشغلانية فنكهة أيديولوجية .. وتلك السيارة التى على الرف لقد دشن أول موديل منها شمبرلين , أما تلك الحسناء التى ترقد هناك أهداها الرئيس الفرنسى شارل ديجول إلى الرئيس الكينى جومو كنياتا لكنه رفضها خوفا من أن يتهمه شعبه بالعمالة والإرتزاق .. حتى بائعات الورد , اللائى فى ذاتهن ورود لايبعنك إياه وهن صامتات بل يقولن لك ان هذه الوردة من سلالة نبيلة ? من قمنا صغارو شفنا الورود وأمات خدود , لكن ما عرفنا للورد أصول وسلالات نبيلة شامية ولاتركية ولا حتى من الهنود الحمر- فتقول لك أن الملكة جزابيلا قبل أن ترتبط بأنطونيو كان يرسل لها ” ربطة من هذه الوردة ” كل يوم .. جرجير يا جزابيلا .. عم سعد بتاع الخضار , إنت يا أنطونيو .. وهى تنظر لك بعين يملؤها الإندهاش لتتأكد هل أنت من هازى الجزوع الذين زحموا عليهن أسواق الورد وأسواقهن الأخرى .. واما هذه فهى وردة ? تشير إليها – من أصل عربى خزامية الحشا رومية الشراشف وشرقية المياسم .. يا بت الناس أختينا جاى ولاجاى وردة هى ولاتشريح جثة .. بعدين إشتراها أنطونيو لجزابيلا , إشتريها أنا , أنا مالى ومال جزابيلا ولا دار الجلال ولاعطية اللة .. فتنسحب بعد أن عرفتنى أننى لست من هازى الجزوع مع وفرة المؤهلات المؤدية إلى ذلك . فتهز أيضا بائعة الورد , على طريقة شاكيرا , جزعها وتغادرك إلى غيرك . الجميع يذكركونك بأنك جزء من بضائعهم .. فهم حريصين غاية الحرص أن يجعلوا كل شئ باعث لدهشة الزائر ..
شاهدت فى إحدى مباريات كاس العالم , وهنا قمة الإندهاش الشرقى والغربى معا , مباراة جمعت روسيا وألمانيا , لاأذكر قبل ثلاث أو أربع كؤوس عالمية , كان ولأكثر من نصف الشوط الأول وبشكل ملحوظ ان اللاعبين الروس يرمون الكرة من مختلف الزوايا , فترتطم بالعارضة , يبنون الهجمة بشكل سريع فتنتهى اللعبة فى العارضة وهكذا والمدهش أكثر أن اللاعبين الروس حينما يستلمون الكرة من أى زاوية بالملعب فى الجناح الأيسر أو الأيمن أو حتى من عمق ترسانات ألمانيا الغربية يرسلون الكرة لترتطم بالمقاس فى العارضة , وعلى ما أذكر أن روسيا خرجت مبكرا من ذاك المونديال العالمى .. لكنها تركت رسالة لعشاق المستديرة ومفسريها ومحلليها ولاعبيها وبوجه الخصوص للعاملين عليها , أن الأمر حسم بمباراة . وهز الجزوع أحسن من لا شئ …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..