مقالات سياسية

قانون النقابات المرقع: تفجر الصراعات وتغيب قواعد العاملين (3)

صديق الزيلعي

كتبت في المقالة الاولي عن دعم المجلس العسكري (المكون العسكري لاحقا) للنقابيين الاسلامويين. وفي المقال الثانية عن بطء وتلكؤ الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية في اتخاذ قرار حاسم بإلغاء قانون 2010 المفروض على النقابات. نتج عن ذلك موقف غير طبيعي ومضر بتطور الحركة النقابية. حتى المبادرات التي تمت لسحب الثقة من القيادات السابقة، لم يتم دعمها بحجة انتظار صدور للقانون. وهنا أصبح بيروقراطيو وزارة العمل في موقع الثقل في التقرير بشأن القانون، لأنهم من يمسك بالقلم. ورغم ان اول نقابة تم تاسيسها قبل وجود قانون للنقابات في البلاد.

ظهرت في الساحة النقابية، انطلاقا من الموقف حول القانون، ثلاث تيارات رئيسية. تيار الاسلامويين في قيادة اتحاد العمال السابق، وتيار استعادة النقابات العمالية، وتيار القانون الموحد. وصار كل من هذه التيارات يتحرك وفوق استراتيجيه السياسية وحساباته النقابية.

ركز تيار الاسلامويين في قيادة اتحاد العمال السابق على الحملة الخارجية. فقد اتصل بالاتحادات النقابية الإقليمية والعالمية، وقدم شكوى الى منظمة العمل الدولية. وقد حقق نجاحات في كسب تعاطف تلك المنظمات حول احتجاجه على تدخل السلطة التنفيذية الحكومية في العمل النقابي. وهي كلمة حق اريد بها باطل. والمضحك حقا، ان الساعد الأيمن لغندور، يترجى الجهات النقابية العالمية لدعم الحريات النقابية في السودان، وإيقاف تدخل الجهاز التنفيذي في العمل النقابي. أثرت الحملة في عدد من المنظمات والاتحادات التي اعانت مواقف حول الحريات النقابية المعدومة في السودان، وطالبت بإيقاف تدخل الجهاز التنفيذي في العمل النقابي. أما منظمة العمل الدولية، فقد كان لها اتفاق سابق مع الوزيرة السابقة حول لجنة لدراسة مشروعات مشتركة، لا علاقة لها بالعمل النقابي. تمت إضافة قضية الحريات النقابية للمهام التي كلفت. هذا الموقف كان له تأثير كبير على الوزيرة ولجنتها. اما على المستوى داخل السودان فيحرر هذا التيار موقع اتحاد العمال السابق في النت، وينشر الادانات والبيانات حول الأسعار والغلاء والأجور ومستوى معيشية العاملين، ويحرض العمال على المقاومة. وهي القضايا التي صمتوا عنها خلال الثلاثين عاما، التي سيطروا فيها على النقابات.

التيار الثاني هو تيار استعادة النقابات العمالية. ورغم ان التاريخ النقبي عرف العمل المشترك بين كافة فئات العاملين، الا ان هذا التيار يحمل عداء، لا سبب له، ضد المهنيين وتجمعهم. وقد دعم هذا التيار الوزيرة الاولي، وشارك بنشاط في لجنتها، كما دعم القانون المقترح الأول. ثم دعم القانون الثاني من الوزيرة الحالية. وخلال مناقشتنا سنتعرض لنقاط الاختلاف بينه وبين بقية القوي النقابية، خاصة حول نقابة المنشأة ووضع المسجل والانتماء لنقابتين وغيرها من نقاط الخلاف.

التيار الثالث، وهو الأكبر بين التيارات الثلاثة. حيث بادر مركز الأيام للدراسات لتنظيم عدة ورش عمل، وحد خلالها مشاريع القوانين المقدمة من تجمع المهنيين، والأحزاب السياسية. شارك في تلك الورش قيادات نقابية عمالية ومهنية، وأكاديميون، وقانونيون. كما عقد مؤتمرا حول القانون، وحلقات تدريبية للنقابيين. خلص كل ذلك النشاط بإنتاج ما اتفق على تسميته بالقانون الموحد. وهو تصور يشكل قطيعة تامة مع قانون الاسلامويين، ويشكل امتدادا للإرث القانوني للحركة النقابية السودانية، وخبراتها التنظيمية والإدارية، ومنهج عملها.

الوضع الراهن يستدعي توسيع الحملة من اجل قانون ديمقراطي، مستمد من تقاليد وتجارب الحركة النقابية السودانية، التي صارعت كل عمرها من اجل مركزها الموحد. وان يتم نقد الآراء والاطروحات والمقترحات التي ستؤدي لتشرذم الحركة النقابية، مما سيؤدى لإضعافها وتهميشها. وسنقوم بنقاش مواد القانون في الحلقات القادمة.

(نواصل)

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..