السُّلطة القَابضة ..!

«كان معها جمالها فلم تتشرَّد .. وتوهج نورها فخطف الأبصار .. فانجذبوا إليها كالفراش المجنون» .. نجيب محفوظ!
رواية «رادوبيس» من نفائس محفوظ التي لاقت رواجاً نقدياً، لبعدها التاريخي ربما، أو لإسقاطها السياسي، جائز! .. لكن الذي يعنينا منها ـ في هذا المقام ـ هو تلك الإيماءات الفلسفية البديعة التي ناقشت ـ بهدوء ـ فكرة علم الجمال «معناه ومبناه ومبتغاه»..!
رادوبيس في تلك الرواية هي امرأة بلا أسلحة تقريباً.. بسيطة.. ريفية.. تتبع أهواءها.. تزوجت من رجل هجرت لأجله أهلها، وحينما هجرها بدوره، تكفَّل جمالها بكل شئ..!
هكذا ـ وعن سبق إصرار وترصد ميلودرامي! ـ صوَّر الروائي الحاذق رادوبيس امرأة مقطوعة الأصل والفصل والعائل والسند، حتى يبرز لقارئه سلطة الجمال وسطوته الأكيدة ومقدراته الفذة على جذب بقية السُّلطَات (المال.. المُلك.. والفن)، دونما أي اكتراث بمبدأ الفصل الذي نادى به مونتسكيو..!
الطريف حقاً أن جمال «رادوبيس ـ على كفره الصراح بديمقراطية فقهاء القانون، وطغيانه وشموليته! ـ لا يمكن توصيفه بملامح محددة، وهنا يكمن ذكاء الراوي الذي أفلت من دقة الوصف إلى رحابة المعنى، محاباة لقاعدة إنسانية جوهرية مفادها أن معايير الجمال تختلف من عصر إلى عصر، وأنّ مقاييسه ـ بالضبط! ـ تتفاوت من مكان إلى آخر ..!
معظم الأضابير التي ناقشت خضوع النساء المطلق لمقاييس الجمال التي فرضتها عليهن ـ ولم تزل ـ أهواء الرجال عبر العصور أكدت على أنّ محاكاة الصورة النمطية لجمال الأنثى في ذهن رجل العصر كانت ولم تزل مهمة المرأة التاريخية..!
كانت المرأة العربية ? التي تحاكي اليوم فزاعات الطيور كي تحظى بإعجاب الرجل – تستميت كي يزداد وزنها، لأنّ الرجل العربي كان يعجبه ذلك.. وكانت المرأة البورمية ? ولا تزال – تحارب نواميس الطبيعة من أجل امتلاك رقبة زرافة، تلف عنقها بالجنازير والسلاسل، وتقاوم آلام فقرات العنق، وكلما كان العنق طويلاً جداً ومشوهاً جداً كلما أعجب سيدها أكثر..!
بينما كانت أختها الصينية تخنق قدميها منذ ولادتها وحتى مماتها بالأربطة الغليظة حتى يختلط اللحم بالعظم، وتفوح روائح القروح، وكله في سبيل الحصول على أقدام معوقة، ومشية متعثرة تؤهلها لحمل لقب ذات «الزنابق الذهبية» الذي ينعم به عليها خطيب المستقبل.. وكانت بعض الأفريقيات يثقبن شفاههن ويجتهدن في توسيع تلك الثقوب، وكلما اتسعت الشقوق وتهدلت الشفاه، كلما ازدادت فرص الحصول على عريس لقطة..!
ولئن سألت عن حفيدات هؤلاء وأولئك، فإنّ أخطر مشكلاتهن الوراثية هي أن معظمهن يهزمن أنفسهن بأنفسهن بسلاح التناقض.. فهن من جهة يحاربن الأفكار التي تختزل قيمة الأنثى الإنسانة في صورة امرأة جميلة.. لكنهن جهة أخرى يجارين ـ طائعات مختارات ـ مؤامرات «التشييء» و»التسليع» التي يتهمن الرجال عادةً بالوقوف خلفها، فيدخلن إلى ساحات المعارك الجندرية بأظافر مطلية، ووجوه مصبوغة، وأجساد مذعنة تماماً لمقاييس الجمال التي يفرضها ـ دوماً ـ عزيزهن الرجل..!
الرأي العام
الأخت/ منى ابو زيد
كل عام وانت بألف خير ورمضان كريم ومقالك رائع كالعادة وربنا يسدد خطاك وينصر قلمك
لله درك هذا الابداع وانتي عشقناك من خلال هذا السرد الابداع
ذكرت الكاتبة ما تتكلفه النساء من مجهودات وبعضها شاق في سـبيل أن يحظين برضاء الرجل وضربت لذلك مثلا بالعربيات والبورميات والصينيات ونسـيت او تعمدت ألا تذكر نساء السودان وما يصـنعن لإرضاء رجالهن.. أم لعل الكاتبة حسبت أنها من نساء بني قيس أو بني تميم؟!! الى متى نظل نتشJبث بالعرب ونتشـعبط حى صار الاسـراف في اسـتخدام المساحيق والطلاءات لنسائنا عادة؟ّ! وما أرذلها من عادة..
Colour Women
نساء اليوم فرضن أيضاً مقاييس إجبارية على الرجال اللائي يرغبنهم وشمل ذلك أدق التفاصيل الجسدية والمظاهر الخارجية مثل تطويل الشوارب وتقصير اللحي وتمديد وتضخيم الأعضاء الداخلية. كل ذلك من أجل أنثى محددة ترغب في تلك المواصفات، تماماً كما تجتهد بعض الناس في انقاص الوزن وتكبير الشفاه بحقن البوتاكس وتضخيم الأثداء بالسيلكون وتكبير الأرداف أو تصغيرها.
إذا كان (تشليخ) النساء في السودان أمر جمالي لا يمكن القياس عليه باعتبار أن المرأة لم تشاور في هذا الأمر لأنها كانت طفلة قاصر، إلا أن عملية (دق الشلوفة) وهي عملية تثقيب الشفاه حتى الإدماء ومن ثم صب مادة سوداء كالسخام عليها، حتى تبدو الشفة مكتنزة وسوداء أمر شاق وصعب وتقوم به قديما المرأة بعد أن تبلغ من العمر عتيا وكل ذلك إرضاء لبعلها العزيز.
كلما سرنا في مسارب الطهر والعفاف كلما سمت وشفت نفوسنا وعافت المقاييس الدنيوية الزائلة، وكلما سرنا في دهاليز الماديات كلما ثقلت أرواحنا وتصلبت نفوسنا وهفت إلى إلى كل ما ذكرنا.
رحم الله أجدادنا فقد عمروا كون السودان بلقاءات حميمة مع جداتنا اللائي كن لا يعرفن غير الماء والماء فقط. اللهم أني صائم.
انت ذاتك بتهزمى نفسك بسلاح التناقض
ماقلتى قبل كده المراة تتجمل وتتبوبر للمراة وللاخريات
مالك كل يوم بى راى
وللا هى فلسفة وحشو كلام ساى