التقرير الحولي.. ويعود الحول بلا حلول

كدت في البدء أن أجعل عنوان هذه المادة (حولية المراجع العام) عطفاً على التقرير الذي يطرحه المراجع كل عام على البرلمان، ولكني وجدت أن المراجع إنما يؤدي عمله ويبرئ ذمته و(الدور والباقي) على الحكومة بحكم مسؤوليتها عن ما يرد في التقرير ولكنها لا تفعل ما يجعل التقرير نافذاً وناجزاً، ولهذا عدلت عنه الى العنوان أعلاه، فبالأمس – وكالعادة عند حلول الحول ? قدّم المراجع تقريره الحولي، وكالعادة نشطت الصحف في تناقل مادة التقرير، وكالعادة أيضاً احتوى التقرير على مخالفات وانتهاكات كبيرة للمال العام، وكالعادة لم يُسترد من المال المنهوب سوى (بضع) قليل، وكالعادة كانت هناك بعض الوحدات لم تطالها المراجعة لتمنعها عن تقديم وثائقها ومستنداتها المالية للديوان ولم تستجب له ولم تتعاون معه، وكالعادة خلا تقرير المراجع من أية إشارة للبنوك، وكالعادة لم يتم القبض ولا على واحد من ناهبي المال، وبالنتيجة لم يحاكم ولا واحد من اللصوص، وكالعادة ظلت بعض المؤسسات (المدللة) بعيدة عن متناول يد الديوان الذي لا يجد إزاء دلالها سوى أن يردد (العين بصيرة واليد قصيرة)، وكالعادة سيرغي بعض البرلمانيين ويزبدوا حول ما جاء في تقرير المراجعة ثم في النهاية – وكالعادة أيضاً – ستتم إجازة التقرير بواسطة البرلمان رغم كل شيء ويهدأ كل شيء وينسى الناس أي شيء إلى أن يحول الحول ويطرح الديوان تقريره الجديد، ويعيد كل طرف ما اعتاد عليه كل عام، وهكذا يعود الحول والحول بلا حلول.
الديوان – بلا شك – مشكور ومأجور على ما ظل يضطلع به في حدود إمكانياته وسلطاته التي يقدر على ممارستها فعلاً وليس على الورق فقط، ولكن رغم ما يبذله من جهد سيظل تقريره ناقصاً ومبتوراً، فتقرير المراجع بالشكل والمحتوى الذي ظل يقدم به على مدى السنوات الماضية يحتاج هو نفسه إلى مراجعة تستكمل نواقصه البائنة، فلا نسمع عن وحدات لم يستطع الديوان أن (يهوّب ناحيتها)، ولا أخرى فوق المراجعة (حمدها في بطنها) ولا غيرها لم يعرف لها (طريق جرّة)، ولا تلك التي يعجز حتى (الدبّان الأزرق) عن معرفة (مكامنها)، ولا هذه البنوك التي لا يرد عنها ذكر، ودائماً (مخلّنها مستورة)، ولا هؤلاء النهابين الذين لم يعرف لهم أثر، ثم إن الديوان يحتاج كذلك إلى مراجعة مراجعيه القائمين على أمر المراجعة الداخلية بالمؤسسات والوحدات التي تتوفر فيها هذه الخدمة، إلى أي مدى هم مستقلون ونزيهون ويؤدون واجبهم كاملاً غير منقوص، لا ترهبهم عصا ولا تستميلهم جزرة، وفي الختام – وكالعادة أيضاً – أجد نفسي قد عدت للكتابة عن تقرير المراجع بما اعتدته كل عام.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..