مقالات متنوعة

السادس من أبريل ماضي زاهر وغد مشرق

-1-
قرأت في الفيسبوك دعوات لأشخاص يقطنون العاصمة يبدون استعدادهم لاستضافة عدد من ثوار الأقاليم للمشاركة في موكب 6 أبريل، وعلى الرغم من ان الدعوات تمت بحسن نية وبصورة نبيلة تبرز ميزات الشخصية السودانية التي حاولت الانقاذ طمسها، إلا ان هذه الدعوات تكرس لمركزية مقيتة، والناظر بعمق في تاريخ السودان الحديث يجد ان المركزية كانت بمثابة قاصمة الظهر لكل الفرص التي لاحت لخلق وحدة حقيقية وشعور قومي موحد يستوعب التنوع ويديره بصورة فعالة  يتساوى فيها المواطنين في الحقوق والوجبات فعلاً وشعوراً.
-2-
في 6 أبريل 1985 انتصر شعبنا على نظام شمولي ولكن فشل في بناء نظام ديمقراطي يؤدي الي استدامة السلام واعادة  هيكلة الدولة علي اسس جديدة تحقق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية ، لذلك يحتفل البعض بثورة أبريل المجيدة، والبعض الاخر لا يمثل لهم هذه التاريخ شيئا مذكورة ، لان الحرب في مناطقهم ظلت مستمرة في ذات التاريخ وقبله
وبعده ، وان قدر لهم ان يحتفلوا سيكون احتفالهم باتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) ، علي الرغم من انها مدخل  لأكبر كارثة في تاريخ السودان وفقدنا علي اثرها جزء عزيز من ارض الوطن ، الا انها اوقفت الحرب وحققت لهم  استقرار نسبي في مناطقهم لفترة محدودة ، لذلك يجب ان لا نختزل الثورة الحالية في العاصمة علي الرغم من اهميتها بل يجب ان ندعها تنساب في كل شبر من بلادي لتنبت لنا وحدة وحرية وشعور قومي يقينا اسباب الحروب وشرورها.
-3-
الثورة الحالية ما يميزها انها بدأت من الأقاليم، ثم تفاعل معها المواطنين في كل بقاع السودان المختلفة ، فالجميع لهم سهم  وافر في القري والمدن ، والبوادي والحضر ، فالثورة للجميع واي قرية في اقصي مناطق السودان خروجها في مظاهرات  سوف يكون مؤثر وفعال بحساب الفعل الثوري التراكمي ، لذلك من الضروري جعل شعلة الثورة في الأقاليم متقدة وان  خفت بريقها بعض الشي ، فطبيعة الثورة ان تعلو وتهبط ولكن تظل في تصاعد مستمر ، فمدن مثل عطبرة والقضارف وغيرها من مدن السودان المختلفة يمكن ان تخرج في مظاهرات مليونيه ويمكن ان تتقدم في طريق الاضراب السياسي والعصيان المدني اذا وجدت نفس الزخم الاعلامي التي حظيت به التظاهرات في الخرطوم ، وهذه من شانه ان يخفف الضغط علي الثوار في العاصمة ، فالنظام يترنح وتنوع الضربات ليشمل كل اجزاء جسده يعجل بسقوطه .
-4-
اهتمام النظام منصب علي وسط السودان او ما يعرف بمثلث حمدي ، وتضائل هذا الاهتمام لينحصر في الخرطوم ، مما ادي الي حدوث هجرات مكثفة في العقود الاخيرة من الريف والمدن للعاصمة ، زادت علي اثرها الكثافة السكانية بصورة مطردة ، قابلتها زيادة مضاعفة في القبضة الامنية ، جعلت من الخرطوم عاصمة معقدة ومتشابكة ، تحيط بها القوات النظامية من كل جانب ، ومع بداية تظاهرات ديسمبر تحولت الي ثكنة عسكرية ، وعلي الرغم من ذلك استطاع تجمع المهنيين السودانيين زلزلة عرش النظام بتنوع التظاهرات في اماكن مختلفة من العاصمة ، فالسر يكمن  في تعدد اساليب المقاومة وتنوع مناطقها الجغرافية ،فموكب 6 أبريل الذي دعي له تجمع المهنيين السودانيين في كل  مدن السودان ، يعتبر خطوة ذكية للأمام ، واضافة نوعية للحراك ،بل يعتبر يوم مفصلي ومنعطف تاريخي يزيل المتاريس من امام الامواج الهادرة للجماهير ، فلنجعل كل المدن السودانية تنصهر في بوتقة واحدة ، ونعمل علي  حصار الخرطوم كما فعلت الثورة المهدية ، ولكن حصار من علي البعد يشل الحركة في مدن السودان المختلفة  من غير ان يتحرك الثوار الي الخرطوم ، فالثورة التي ننشدها ، ثورة واعية متجذرة في القري والمدن ، والبوادي والحضر ، ثورة بدايتها الحقيقة اسقاط النظام ، ثورة مستمرة ودائمة لاستئصال كل الامراض المزمنة التي انهكت جسد الوطن ، وبناء دولة المواطنة التي نتمناها ونستحقها .
-5-
موكب 6 أبريل المحددة وجهته نحو القيادة العامة للقوات المسلحة، لديه رسالة ممهور بدم الشهداء وانين الجرحى  للقوات النظامية ومطالبتها بالانحياز الي صفوف الثوار ولتكون عنصر مهم من عناصر التغيير ، باعتبارها  ضامن وعامل حاسم لإنجاح الثورة وتقليل تكلفتها ، وذلك بالاعتماد علي القيادات الوسيطة التي لها  مصلحة في عملية التغيير وتمتلك الوعي الكافي بحيث لا تنطلي عليها خدعة انحياز الرئيس للمؤسسة  العسكرية وتعين بعض الجنرالات الفاسدة في منصب الولاة ، فالنظام يلفظ انفاسه الاخيرة واي عملية ضخ دماء جديدة لا تجدي نفعاً ، فقد سبق السيف العذل وتم اصدار شهادة وفاة للنظام بأمر الشعب ،
وسيشيع الي مثواه الاخير في مزبلة التاريخ حيث يجب ان يكون.

معتز إبراهيم صالح
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..