أخبار السودان

المرصد السوداني لحقوق الإنسان: تقرير الخبير المستقل الذي سيقدم لمجلس حقوق الإنسان بجنيف بخصوص حالة حقوق الإنسان في السودان شامل

الرشيد سعيد: ملفات سودانية حول تقرير الخبير المستقل
مع البراق النذير الوراق المدير التنفيذي للمرصد السوداني لحقوق الإنسان
في استعراض وتحليل مكونات التقرير..

أكّد البراق النذير الوراق المدير التنفيذي للمرصد السوداني لحقوق الإنسان والموجود في الخرطوم إن تقرير الخبير المستقل الذي سيقدمه لمجلس حقوق الإنسان بجنيف بخصوص حالة حقوق الإنسان في السودان هو تقرير شامل ونجح في تغطية قضايا مختلفة ومتنوعة بشكل كبير وبمهنية عالية، وأضاف البراق خلال مقابلة مع راديو دبنقا إن التقرير استطاع أن يغطي بمهنية عالية عدداً كبيراً من القضايا وبمعلومات موثقة حسب ما ظهر من القراءة الأولية للتقرير. وأمن على أن الخبير تلقى تقارير من منظمات المجتمع المدني نفسها حول ما يتعرضون له من مضايقات، هذا خلاف التقارير الصحفية التي تعتبر أيضاً مرجعية، ولكنه شخصياً قابل عدد كبير من الناشطين والعاملين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وقام بزيارات ميدانية للضحايا خلال زيارتين في فبراير ومايو 2017، وبالتالي المعلومات مستقاة من مصادرها الرئيسية. وقد حرص الخبير المستقل على إيراد اسماء مدافعين عن حقوق الإنسان للتأكيد على موثوقية مصادره ودقة معلوماته
وحول استهداف طلاب دارفور أكد البراق إن ما يبدو للعيان أن هناك استهداف لطلاب دارفور ولكن الحقيقة أن النظام يستهدف كل من يقول بما لا يتفق مع ما يراه النظام. وشدد على أن طلاب دارفور يعانون وأسرهم تعاني بشدة أكثر ولذلك صوتهم يبدو عالياً أكثر من غيرهم، لذلك دائماً ما يكونون في الواجهة ولكن حتى الطلاب من جامعة البحر الأحمر تعرضوا للضرب والاعتقال والطلاب في بخت الرضا والطلاب في كل مكان يتعرضون للمضايقات، وليس الطلاب فحسب، فأي معارض وكل من يقول كلمة لا تتفق وهوى السلطات يمكن أن يتعرض للمضايقات والاعتقال وحتى للقتل، وخير دليل ما حدث في سبتمبر 2013 فهناك عدد كبير من الناس قتلوا ومن إتجاهات واثنيات مختلفة وحتى الآن السلطات لم تخرج بتقرير متكامل يوضح ملابسات هذه القضية.
وفي سؤال حول أن ترحيب الخبير المستقل بعملية تعويض ضحايا سبتمبر ربما يبدو وكأنه اكتفاء بما فعلته الحكومة، يقول البراق أن من سخريات القدر أن بعض الصحف المحسوبة على الحكومة تحتفي بالترحيب أو الشكر الذي يورده الخبير المستقل في تقاريره المختلفة. ولكن الشكر والترحيب بروتكول متبع خصوصاً في حال وجود تقدم ما أو تطور طفيف، إلا أن هذه ليست هذه هي الرسالة، فالرسالة موجودة في ثنايا التقرير وفي التوصيات، لأنه مثلاً في موضوع ضحايا سبتمبر أوضح أن القضية راوحت مكانها فيما يتعلق بالتحقيقات والتقارير، وبالتالي ليس صحيحاً أن الترحيب والشكر يعني أن الخبير قد تجاوز القضية المعنية.
وفيما يتعلق يقضية الحريات الدينية التي طرحها الخبير المستقل يقول البراق أن هذه القضية ذات شقين، جانب أيدولوجي متعلق بالسلطة وتوجهاتها، وجانب اقتصادي متعلق بالأراضي والممتلكات والموارد، فالجانب الأيدولوجي واضح في تصريحات كثيرة ومناسبات متعددة وضحت التوجهات المتطرفة حيال الآخر المختلف دينياً أو ثقافياً وهذا اطار مهم يجب استصحابه في هذه القضية، الجانب الآخر وهو الاقتصادي المتعلق بالاراضي ومواقعها فواحد من الزرائع التي قالت بها السلطات وأوردها الخبير المستقل أن هدم بعض الكنائس متعلق بالتخطيط العمراني، وقالت الحكومة إن هذا يشمل المدارس والمساجد التي أقيمت بطريقة عشوائية ومخالفة لنظام التخطيط، وكأنما كل الكنائس التي هدمت مخالفة لنظام التخطيط وهذا كلام غير دقيق وتكذبه وقائع كثيرة منها أن بعض قيادات هذه الكنائس اشتكوا من تعرض اسرهم للتشريد بعد هدم منازلهم وهذا مخالف لمبادئ حقوق الإنسان بشكل قاطع.
وفيما يتعلق بتعديل القوانين وقانون الصحافة والمطبوعات يقول البراق أن تعديل القوانين كانت تجاربها في السودان غير سارة، فكثير من القوانين التي تم تعديلها كان التراجع سمة واضحة فيها، وكذلك موضوع تطبيق القوانين نفسها، فمهما كانت النصوص براقة وتبدو متوافقة مع مبادئ الحقوق إلا أن التطبيق على الأرض والممارسات تظل هي العقبة الكؤود في تعامل السلطات مع القوانين أو الممتهنين للمهن المختلفة إذا كانوا صحفيين أو عاملين في مجال الحقوق أو السياسيين المعارضين للسلطة، فهناك مثلاً قانون الأحزاب ولكن ما تواجهه المؤسسات السياسية الحزبية مخالف لهذا القانون نفسه ومخالف لدستور البلاد(2005). فواحدة من المشكلات أن الدستور نفسه يتم خرقه في كثير من الأحيان، فليست نصوص القانون وحدها هي العاصم من تغولات السلطات، ولذلك الخبير المستقل ذكر موضوع العدالة وموضوع استقلال القضاء وهذه من القضايا المهمة في الملف السوداني ويجب إيلائها العناية المطلوبة. وفي سؤال حول حديث التقرير عن تحسن في أوضاع مناطق النزاعات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وأنه مناقض لتقارير منظمات أخرى يقول البراق إن إحدى المشكلات أن هذه المناطق غير آمنة وهي ليست بالسهولة التي يقول بها البعض ويوحي بها، فالحركة فيها صعوبة حتى لمنظمات الاغاثة، وبالتالي كل المعلومات التي تأتي من هناك يكون فيها شئ من النقصان هذا من جانب، أما من الجانب الآخر فإن ايقاف اطلاق النار يؤدي بشكل ما لتحسن في الأوضاع، ولكن المشكلة أن المدن نفسها أصبح فيها معاناة، ولذلك موضوع مناطق النزاعات أومناطق ما بعد النزاعات يجب أن يحل في الإطار الشامل وليس في إطار حالات فردية أو بحلول جزئية أو في اطار قرارات سياسية كيفما اتفق.
وفيما يتعلق بأوضاع لاجئي جنوب السودان قال البراق إن القضية أيضاً مرتبطة بأيدولوجيا الدولة وتاريخ الصراع السياسي مع دولة جنوب السودان، فهناك بعض الجهات في الخرطوم وفي الشمال غير راضية عن وجود دولة جنوب السودان نفسها دعك من أن يكون لها لاجئين، بل إن بعض الأصوات تقول لماذا عاد الجنوبيون وقد انفصلوا وهم اختاروا الانفصال فلماذا يعودون؟ وهذا لا يمت لمبادئ حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين بصلة. أيضاً من المفارقات أن بعض الصحف التي تصدر في الخرطوم مهتمة منذ سنوات بقضية جنوب السودان من منطلق أيدولوجي وبعضها كان مؤيد للانفصال من زمن طويل ولازالت تلوك قضية جنوب السودان وحريصة على الإتيان بكل الأخبار السلبية من هناك. فمثل هذه الصحف ساهمت في تغذية روح عامة في الشمال بأن جنوب السودان إن كانوا في جوبا أو كلاجئين فهم غير مرغوب فيهم وغير مرغوب في العلاقة معهم وذلك ما انعكس على وضعية لاجئي جنوب السودان، ولكن من جانبنا كحقوقيين نفترض أن الدولة ملزمة بما وقعت وصادقت عليه من اتفاقيات خاصة الاتفاقيات الخاصة بحقوق اللاجئين وهذه مسائل تحتاج للمراجعة ويجب على المجلس وعلى المجتمع الدولي أن يهتم بشكل أكبر بقضية لاجئي جنوب السودان خاصة مع وجود هذا العدد الكبير المذكور في التقرير(417000 ألف).
وفي تعليق على إبداء القلق وتكرارها في متن التقرير قال البراق إن الكلمة تعني حث المجلس والمجتمع الدولي والأطراف المعنية بالتعامل بجدية مع ملف حقوق الإنسان في السودان باعتبار انه ملف يمكن ان تتفاقم فيه الأوضاع. وأضاف إن بعض الناس يرون في كلمة القلق نوع من التداعي اللغوي ولكنها تحمل محمولات كثيرة ومعاني قوية أولها أن هذه القضية يجب التعامل معها بجدية أكبروأن تعامل المجلس والمجتمع الدولة مع ملف السودان ليس بالمستوى المطلوب وهذا واضح من خلال التوصيات التي وضعها الخبير المستقل في خاتمة التقرير، حيث أنه يحث على الاهتمام الأكبر بالملف السوداني وبالقضايا التي طرحها، وقال البراق: في هذه السانحة أود الإشارة إلى أن المنظمات المستقلة كانت تطالب في سنوات سابقة بالتحول للبند الرابع عوضاً عن البند العاشر فالخبير المستقل الموجود الآن يقدم تقريره هذا وفقاً للبند العاشر المتعلق بالمساعدات التقنية وبناء القدرات، ويبدو أن التقرير يريد أن يقول إن هذا لا يكفي، وبالتالي يجب على المجتمع الدولي والمجلس أن يطور من آلياته ويرفع درجة الاهتمام بالسودان، ونحن لا نريد أن نقول أن المجلس يمكن أن يذهب للبند الرابع مباشرة لأن هذا الأمر واجه صعوبات واعتراضات داخل المجلس من دول صديقة للحكومة السودانية بل بعض التقارير داخل المجلس قالت إن بعض هذه الدول الصديقة قالت إن على الحكومة السودانية أن تقبل بالبند العاشر وتطالب به وتسعى له، وفي رأينا الخاص يمكن أن يحدث اختراق إذا تم تطعيم البند العاشر ببعض بنود البند الرابع وذلك سيعني جودة التقارير والوصول للمناطق المتأثرة والبند الرابع طبعاً يتطلب وجود مقرر خاص وهو ذو صلاحيات أوسع، ففي ظني أن من الافضل للسودان بل من الأفضل للحكومة السودانية نفسها أن تقبل بتطعيم البند العاشر ببعض المواد من البند الرابع لتحسين أوضاع حقوق الإنسان لأنه بالشكل الحالي ستراوح القضايا مكانها ولن يحدث تقدم وبالتالي بعض الجهات وبعض الدول سيكون السودان لقمة سائغة بالنسبة لها فيما يتعلق بمصالحها معه وهذا ضار بالنسبة للدولة السودانية نفسها.
وفي سؤال عن البند العاشر المتعلق بالمساعدات الفنية وبناء القدرات كونه لم يقدم الكثير للملف السودان، أوضح البراق أن هنا تكمن المشكلة وهو ما يدعو لضرورة مراجعة آليات المجلس وتطويرها للتوائم مع حالة ملف حقوق الإنسان السودانية. وشدد أن مقترح تطعيم البند العاشر بمواد من البند الرابع لا يأتي من فراغ بل لرأيهم كحقوقيين متابعين أنه من الضروري تطوير هذه الآليات. وأضاف فمثلاً العام الماضي كانت الحكومة السودانية معترضة على القرار الذي يعمل بموجبه الآن السيد نونوسي وكانت نقطة اعتراضها أن القرار تجاوز البند العاشر في بعض مواده نحو البند الثاني وهو ما لم يكن موجوداً في القرار السابق له(2015)، فما المانع من فعل نفس الشئ مع البند الرابع لكي نلمس بعض التطور لأن البند العاشر بطريقته الحالية أصبح غير ذي جدوى؟. وأضاف البراق إن أمر المساعدات الفنية وبناء القدرات لا يخص الحكومة السودانية وحدها بل يشمل المنظمات المستقلة والمجتمع المدني ويجب أن تستفيد منه جميع الأطراف.

راديو دبنقا

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..