مقالات وآراء سياسية

مليونية أكتوبر تنتصر لحمدوك 

يوسف السندي 

الناشطون الذين ابتدروا الدعوة لمليونية ٢١ أكتوبر قرروا لها ان تذهب الى القصر الجمهوري ثم تعود منه إلى القيادة العامة مقر الاعتصام . هذا المسار المفخخ اختطفه ناشطي الدولة العميقة و روجوا له و دعوا عضويتهم و انصارهم للحشد في هذا المسار ، اذ انه مسار يلبي لهم أعظم حلم لديهم و هو إعادة الاصطدام بين الشارع و الجيش و زيادة مساحات الخلاف و عدم الثقة بينهم ، مما يعصف بالفترة الانتقالية و يجعل الثورة هباءا منثورا .

كذلك كان هناك سيناريو آخر تعد له الدولة العميقة يقتضي بمجرد وصول المليونية إلى القيادة العامة ان ينحاز إليها عدد لا يستهان به من الضباط و العساكر على طريقة النقيب حامد و الملازم محمد صديق، و يعلنوا حمايتهم للموكب و تمردهم على القيادة التي سيروجوا للجماهير أنها هي من فضت الاعتصام ، و هكذا يرتفع الاحتقان و يحدث العنف و العنف المضاد و يخرج الأمر عن السيطرة و يقفز على السلطة صف جديد من الضباط ، يدعون انهم جاءوا للقصاص من قتلة الشهداء في الاعتصام بينما هم في الحقيقة الدولة العميقة بشحمها و لحمها .
فطنت أحزاب الأمة القومي و المؤتمر السوداني و الاتحادي المعارض للسيناريوهات المخيفة التي تخطط لها الدولة العميقة و التي يخدم خطها مسار مليونية هؤلاء الناشطين بوعي او بدون وعي منهم ، فاعلنوا مقاطعة المواكب ، و أكدوا انهم مع دعم حكومة حمدوك لمواصلة مشوار إنجاز أهداف الثورة .
كذلك فطن لها تجمع المهنيين فتراجع عن مقاطعة المليونية و التف عليها بطريقة ماكرة ، حررتها من قبضة أجندة الدولة العميقة و حولتها إلى مواكب احتفالية للجان المقاومة في الميادين و الساحات بعيدا عن مسار القصر و القيادة المفخخ .
الحزب الشيوعي كذلك فطن للامر متأخرا جدا ، و تراجع عن مسار القصر و أعلن التزامه بالمسار الجديد لتجمع المهنيين و لجان المقاومة .
و هكذا و بعيدا عن المسار المفخخ خرج الآلاف من السودانيين في مدن العاصمة الثلاثة و في بعض مدن الولايات محتفلين بأكتوبر و مقدمين الدعم الكامل لحكومة حمدوك ، حيث ظهر هذا الدعم في انتشار صور لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك بين المتظاهرين في ساحة الحرية .
نتيجة لانسحاب الأحزاب السياسية و تجمع المهنيين من مسار الناشطين المعيب ، وجد الناشطون أنفسهم لوحدهم في شارع القصر و عددهم لا يتعدى أصابع اليدين ، و كان لافتا حين توجهوا نحو القصر عدم استقبالهم بواسطة اي مسؤل رفيع من أعضاء مجلس السيادة المدنيين او العسكريين او حتى من مجرد موظفي القصر ذوي الدرجات العليا ، فسلموا مطالبهم لأحد ضباط المكلفين بتأمين القصر و انصرفوا .
كذلك كان لافتا اختفاء الدولة العميقة تماما ، إذ فشلت مخططاتها في قيادة الجماهير نحو المسار المفخخ و دفعهم لمواجهة حتمية مع الجيش و الدعم السريع يستفيدون منها في إستعادة زمام الدولة أو على الأقل أحداث الفوضى التي تهد المعبد فوق رأس الجميع .
انتصر الشعب بالأمس لحمدوك و للجان المقاومة و خرج للطرقات يهتف للسلام و الحرية و العدالة و هو يحمل صور حمدوك ، ثم قدم مطالبه الموضوعية للحكومة بصورة حضارية راقية دللت على وعي هذا الشعب و على إيمانه العميق بضرورة تحقيق أهداف الثورة من خلال من اختارهم في مجلسي السيادي و الوزراء .
يوسف السندي
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..