لماذا يتوقف الحوار في رمضان

تكرر توقف الحوار في ظروف كثيرة من ضمنها الانتخابات الاخيرة لانشغال حزب الحكومة الطرف الرئيسي في الحوار بترتيبات الانتخابات، حتى إذا انتهت الانتخابات بفوز الحزب الحاكم فوزراً كاسحاً ، اشرأبت أعناق الذين وضعوا كل البيض في سلة الحوار أن يروا خطى الحوار وهي تتسارع ولكن للحكومة رأي آخر ، انشغلت أيضا بتشكيل الحكومة التي ولدت بعد مخاض عسير ، وبدلاً من العودة إلي الحوار بجد واخلاص قررت الحكومة استئناف الحوار بعد رمضان ….مع العلم أن في رمضان يصفد مردة الشياطين وتصفوا فيه النفوس وتبتعد عن اللف والدوران هذا الجو هو المناسب للحوار وبالتالي فأن تأجيله إلي ما بعد رمضان وبعد اطلاق مردة الشيطان يعني فيما يعني ان الحكومة ليست في عجلة من أمرها وأن الحوار ليس أولوية وان اطلاق سراح الشياطين ربما يساعد في تباطؤ الحوار وهكذا نستشف للمرة المائة عدم جدية الحكومة في الحوار وأنها لجاءت إليه تكتيكيا لتجاوز بعض المعضلات من ضمنها تمرير الانتخابات ….. لم تتعظ الحكومة من الضربة التي تلقتها من الشعب بالمقاطعة الشاملة للانتخابات ، تلك الضربة كانت كافية لإعادة العقل إلي الحكومة لتدرك أن الشعب قد ضاق زرعاً بسياسات الحكومة وما عاد قادرا علي تحمل مزيد من السياسات الرعناء , لم يحدث شئ منذ الانتخابات وحتى الآن يشير إلي أن تغييراً جديداً في النهج في الطريق بل العكس تراجعت كثير من المؤشرات الايجابية ومن ضمنها تباطؤ الحوار….. ليس هذا فحسب بل أن الحكومة الجديدة والتي جاءت مترهلة وعريضة أكثر وأعمق من سابقتها ولم تحمل في جوفها إلاّ مزيد من الضغط علي كاهل المواطن المسكين!! اما المشاكل التي تحيط بالبلاد فقد زادت وتيرتها والمجتمع الدولي والإقليمي سارع إلي الضغط علي الحكومة بصورة تكاد تكسر عظامها وتذهب ريحها و ما حصل للسيد رئيس الجمهورية في جنوب افريقيا ليست مسألة عارضة يمكن أن نهيل عليها التراب وننساها بل كانت رسالة واضحة أن الاستهداف مازال علي أشده ولولا لطف الله وحكمة قيادة حكومة جنوب أفريقيا لأصبحت امرنا هرجاً ومرجاً…..الله وحده يعلم عواقب توقيف الرئيس في ظل الظروف التي تعيشها البلاد ، هذه المرة سلمت بعد أن تعرضت سمعة البلاد وكرامتها إلي الذل والمهانة بصورة غير مسبوقة , الازمة لم تنفرج بعد بالرغم من احتفالات الحكومة بنصر وهمي كان محل أستهجان حتي من عقلاء الحكومة , فان كانت للحكومة مراكز بحث ودوائر اتخاذ القرار فعليها أن تدرس ما حصل من جوانبها المتعددة لئلا تتكرر مثل هذه الأخطاء …. لم يقف الأمر عند هذا الحد من الضغط علي البلاد بل تجاوز إلي مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي فهاهي الأمم المتحدة تصر علي بقاء قوات اليوناميد في دارفور لان الوضع في دارفور ما زال يهدد السلم والأمن الدوليين وأن قراراً بتمديد أجل هذه القوات قدمت من الحكومة البريطانية لمجلس الأمن وبطبيعة الحال فأن القرار سوف يجد طريقه إلي التبني وهذا الوضع يخالف رأي الحكومة والتي طالبت بأنهاء وجود هذه القوات وقد وجدت تجاوباً من المجتمع الدولي وكان الحديث يدور حول الجداول للخروج ولكن أرتد الأمر إلي الصورة التي عليه الأن ، وبما إننا لا قدرة لنا علي مجابهة المجتمع الدولي غير الجعجعة وطق الحنك بالأضافة إلي ان الوقت غير مناسب للمواجهة فأن المسألة تحتاج إلي ترتيب الداخل بصورة تقوي من اللحمة الوطنية … ولعل المشاكل لا تأتي فرادي فقد أطلت طامة أخري براسها, تجديد بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب من قبل أمريكا هذه أيضا أحدي الضغوط علي حكومتنا … والتي توددت لأمريكا في الفترة السابقة وظنت أنها سوف تخفف من عقوباتها علينا ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن…….
في ظل هذه المعطيات الانية بجانب المشأكل الداخلية التي تراكمت الاقتتال مع الحركات المسلحة والاقتتال بين القبائل والانفلات الأمني تلقي بظلالها علي مجمل الأوضاع التي لم تتجه بعد إلي الانفراج لا الاقتصاد تعافي او حتى في طريقه إلي التعافي,
ولا الاستقرار السياسي يظلل البلاد ولا الخدمات الضرورية في طريقها إلي التحسن في ظل هذه التراكمات وعدم رضا الشعب عن أداء الحكومة …. لا يوجد طريق خلاف طريق الحوار الجاد المفضي إلي التوافق الوطني …. هذا الحوار هو المخرج الوحيد لما تواجهه البلاد … ألم يدرك أهل الحكم هذه الحقيقة البسيطة مالهم كيف يحكمون أليس فيهم رجل رشيد!!
عادة الحكومات العشوائية أنها تسعي إلي حتف أنفها بنفسها ما الذي يجعل الحوار يتراجع بهذه الصورة في الوقت الذي تهرول فيه قوي المعارضة إلي الحوار وتسرع الخطي و يقابل ذلك من جانب الحكومة بالتلكؤ والتردد حتى أفرغ الحوار من مضمونه ويوم ان ينفض الشعب يديه عن الحوار ويركله فأن الطامة سوف تقع يومئذ فهشاشة البلاد في بنيانها الوطني وضعف مؤسساتها والأمراض التي تفتك بها من العنصرية والقبلية والجهوية والغبن والكراهية تجعلها عرضة للتفكك ولتصبح أثراً بعد عين !! وما احداث ما يجري في سوريا والعراق واليمن ببعيدة فعلي عقلاء السودان المستشعرين بالخطر التحرك قبل فوات الأوان أما انتظار هذه الحكومة فلا يزيد البلاد إلاّ خبالا علي خبال ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بارود صندل رجب
المحامي
[email][email protected][/email]