يا هو ده السودان

يا هو ده السودان
مشاركات
أعطني مسرحاً؛ أعطك أمّة، بينما العبارة هناك تمشي على قدمين نراها هنا كسيحةً أفقدتها البلايا والرزايا التي ألمّت بها، ولا زالت تُزْرِي بنا. فأيةُ أمةٍ نحن بالله عليكم؟ وهل مِنْ أمةٍ في الأرض إلاّنا مَنْ يحتفي بالأقزام، ويُقزّمُ العمالقة، أنظروا الى شكسبير، ولماذا شكسبير؟ فلَنْرنُو الى مصر القريبة كيف أنّها تحتفي بمبدعيها، فمَنْ منكم لا يعرف أحمد شوقي، ومَنْ مِنْكُم لَمْ يُشاهد مدرسة المشاغبين؟ أو شاهد ما شافش حاجة؟ وانظروا كيف انتشر اللسان المصري حتى صار عِلْمَاً يُدرّس بجامعاتها، علماً يُعرفُ بالمِصْريات؛ فعبر الدراما خرج التاريخ المصري والتراث المصري والأدب المصري، وعبر الى الأمم بتسابق الفضائيات العربية على الدراما المصرية، وقولوا لي بالله عليكم: هل تعرف أمةً في الأرض سوانا شيئاً عنْ (وجه الضحك المحظور)، أو (تاجوج). وربّ بعضاً منّا هنا بالسودان لم يسمع إلا صوت السلطة وأخبار السلطة عبر مذياعها وفضائيتها، بينما (البجراوية) و(كوش) و(الاهرامات) بضع آثارٍ تقبعُ هناك. وربّ سائحٍ يجوبُ البلاد طولها وعرضها ويسألُ عن مواقعها ولا يجد مَنْ يذكر منها شيئا.. ياهو ده السودان. فكم منْ مبدعٍ يحمل نعشه بضع من الجيران والأقارب ومعجبيه ومتعاطي إبداعه، بينما الساسة جنائزهم ملوكيّة يتقدّمها الإعلام، ويعلن لها الحداد على فقدها؛ بل وتدبّج لهم السير ناصعة البياض على صفحات صحافة الخُرطوم. (أعطني مسرحاً، أعطيك أمة) عبارة كسيحةٌ في بلاد فسيحةٍ وصحافة فصيحة وسياسة كذوب تُظهر خلاف ما تُبطن، وتحدّثُ النّاس عن بلاد غير التي يقطنون، وعن انجازاتٍ غير التي يعيشون من واقعٍ مريرٍ وويل وثبور. فمَنْ منكم قد سمع بمرض الأستاذ بدر الدين مصطفى، المخرج المسرحي صاحب البصمات الوضئية على الخشبة؟ من منكم يعلم بما ألمّ به من شللٍ رَعَاش أقعده طريح الفراش ملازماً داره بعد أنْ عزّ الدواء وكَثُر البلاء بينما وزارة الثقافة تبحث لها عن انجازاتٍ في مسارح أنشئتْ ما بين يوم وليلة، بعد أنْ أوهمت النّاس، أو حسبتْ ذلك وهي تُطلق عليها أسماء مبدعين لا يختلف حولهم إثنين لهم إبداعاتهم وإنجازاتهم التي عانقت أشواق وأحلام البُسطاء. وزارة الثقافة التي جعلت يدها مغلولةً الى عُنقها وأسرة المبدع بدر الدين مصطفى على أرجلها جئيةً وذهابا ما بين الحارة الوزارة، تنشد دعماً لعلاج مبدعٍ ومخرجٍ معروف، ظنّت أنه حسب الأعراف المتبعة عالمياً بأنّه ثروة قومية، ونسيت بأنّ الثروة والسلطة ينالها مَنْ يحمل سلاحاً في أرض مَنْ كان يُقدّم له دعماً وعوناً ومواساةً رحل زيدان إبراهيم الانسان الذي أعطى بقدر ما أعطاه الله. فيا ساستي الأجلاء بالله عليكم هلا تركتم معتمدا أو والياً أو مديراً تنفيذياً يُعاني ويلات المرض دون أنْ تبعثوا به الى كبريات مشافي العالم.. مجرد سؤال؟
التيار