العيد في القضارف … بين فرحة الدستوريين .. وحرمان المساكين

العيد في القضارف … بين فرحة الدستوريين .. وحرمان المساكين

القضارف : حسن محمد علي
[email protected]

يتقدم النور الزاكي الذي يعمل سائق كارو من الصيدلية المركزية للتأمين الصحي بولاية القضارف ، سائق الكارو الذي أعيته الايام والسنوات راضيا بقسمته البسيطة التي يرجع بها لاهله في اعقاب يوم متعب ، الكادح يتقدم لبائع الدواء بروشتة علاجية ، الطبيب الصيدلي يرده بشئ من الضجر ان الدواء موقوف ، الدنيا قبايل عيد وعلي الزاكي بمثلما يفعل الناس ان يوفر الدواء لمرض ابنته الطارئ وكذلك اعداد كسوة كاملة ، الدموع لم تكن عزاء النور الزاكي وهو يعد نقوده التي لاتكفي بالكاد لمصروف البيت للاكل والشرب ، ابنته المريضة تكمل يومها علي سياط الحمي

في نهاية الشهر الفضيل اوقفت ادارة هيئة التأمين الصحي بولاية القضارف علاج اكثر من (3) الف من الفقراء الذين يستفيدون من خدمة التأمين الصحي بالولاية ، التأمين الصحي ما بينه والمنضوين تحته ليس عامرا ، كروت الضغط كانت واضحة من جانب الادارة التي لم يصرف منسوبيها حافز اضافي من وزارة الرعاية الاجتماعية بجانب مرتبهم الاصلي ، الحافز يتجاوز المرتب ، اقرب طريق لنيل الحقوق في دولة الافندية هو جيوب الفقراء والمساكين ، الكثيرون تقطعت بهم السبل في ذلك اليوم في انتظار صرف دواء المرض الذي لاينتظر ولايعرف المجاملة ، امام الصيدلية المركزية بولاية القضارف تجمهر العشرات يحملون اوراق الطبيب في اياديهم ، بعضهم مندهش ، واخر ساخط علي تلك الحالة ، اقتربت من احدهم مستفسرا عن كيفية مقابلته لمثل هزا الظرف قال باسي يغالبه انه سوف يضطر لبيع بعض من اثاثات بيته لتوفير الدواء ، ولكن الاخر بجوارنا قال انه لا يملك حتي اثاثا في بيته ، إمرأة لم تصبر علي مغالبة دموعها وجدتها داخل مستشفي القضارف زوجها المريض يحتاج الي علاجات ضرورية وهو يرقد باحد العنابر متأثرا بمرض لعين قالت انها من الصباح الباكر تتجول تارة بين ادارة التأمين التي تبعد من السوق الرئيسي مكان تواجد المؤسسة العلاجية الرئيسية في الولاية وبين صيدليته وفي كل مرة تغفل راجعة لمعاودة زوجها الزي تمارضه لوحدها وفي رحلتها تلك لم تظفر بشئ

هيئة التأمين الصحي بولاية القضارف تقول انها ترقد علي اكثر من (11) مليار جنيه مديونية مستحقة لها في مؤسسات وزارة المالية الولائية والرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة الولائي والاتحادي ، المبلغ المذكور ضخم بحيث انه لا يمكن ان يكون قد تراكم بين ليلة واخري ، واجب السداد ينبغي ان يلقي علي عاتق الوزارة المختصة وهيئة التأمين في متابعة الامر مع الجهات الدائنة ، وزير الرعاية الاجتماعية يقضي جل يومه في التجوال بين خدمات الحج والعمرة ، الوزير الذي ينتمي لقوات الدفاع الشعبي ينشط ايضا في سد جبهات القتال ولكنه يفشل في سد ثغرة الفقراء والمساكين اختصاصه الذي يقبض عليه اجرا وراتبا وحافزا ، موقف الفقر في القضارف يتطاول الي اقصاه ، الامر ينتهي برئيس الجمهورية المشير عمر البشير للتوجيه في زيارته الاخيرة للولاية بتفقد الفقراء في بيوتهم وليس قطع العلاج منهم ، الوزير يمنعه سفره المتكرر من الاطلاع حتي علي تقارير نسب الفقر وإستشرائه

ادارة مثل التأمين الصحي التي تقوم باستقطاع اموال ضخمة من الموظفين لصالح تقديم خدمتها تقطع بلا أي مبررات خدمتها من اصحاب الحوجة الذين لا يستطيعون توفير الحد الادني من مصروفهم ، وزارة الرعاية الاجتماعية تغط في ثبات عميق تجاه قضيتها ، حكومة القضارف التي تشكلت من توليفة متباينة أظنها غير منشغلة في غالب عملها بهذه الجزئيات البسيطة ، شرائح الفقر في القضارف دائما ما تتقطع بهم السبل في الحكومة التي تدعي رفع شعار التقشف وتضع رجليها مع المساكين في بيوتهم ، وزير المالية يمر عليه ايقاف علاج الفقراء مرور الكرام ، بينما تمارس الدولة عملها كالمعتاد في يوم الاجازة ، جميع وزراء ومعتمدي القضارف ومسؤوليها الكبار من لدن مدراء الادارات يصطحبون اثناء العطلة الرسمية موظف الحسابات والصراف والمراقب المالي

قبل ان يتم قفل الحسابات للعطلة الرسمية يسري قرار صغير في جوف حكومة القضارف ، القرار لا يطلع عليه الكثيرين او لانه خرج عقب اعلان العطلة ، الفرمان السري يتلخص في صرف (5) الف جنيه لجميع شاغلي المناصب الدستورية بحكومة التغيير والتقشف ، صغار موظفي حكومة القضارف يقبضون فقط راتبهم الشهري لاستقبال مصاريف العيد ، عدد كبير منهم جأروا بالشكوي للصحيفة ، موظفين في مؤسسات ولاية القضارف المختلفة لم تمنحهم الحكومة استحقاقاتهم الفعلية من بدلات واجر اضافي بل ان بعضهم استدان جل مرتبه لمقابلة نفقات شهر رمضان الكريم ، الحكومة التي تتألف من (26) منصبا تغدق علي نفسها بملايين عددا ، المبلغ الزي تم صرفه يمكن ان يحل ضائقة في ولاية المسغبة ، لا يمكن ان يصدق المواطن البسيط ان الحكومة ترفع شعارات سامية وقبل ان تطفأ الانوار تقبض بين يديها ثمن تلك الشعارات وتشيعها لمثواها الاخير ، حكومة التغيير يسخر منسوبيها من صرف سابقيهم ويتندر بعض وزرائها عليهم بإراقة المال العام بلا ثمن ،الافضل للحكومة التي لا تستطيع ان تحافظ علي مبادئها ان تصمت ، الغبن يعتمل فقط عندما يحس العامل ان مرؤوسه يستغفله ببعض مفردات ويستحوز هو علي الكيكة

احد محسني ولاية القضارف يفتح مكتبه ابان كل عيد للمحتاجين ، المحسن يتدفق الي مكتبه المئات من الرجال والنساء ، المنظر عبرت عنه كمرتنا كما ترون في الصور نساء قضين جل يومهن في الصفوف علهن يظفرن ببعض مما يسد الرمق فلا مجال لطموح الملابس وجديد العيد ، (التيار) التي كانت هناك وقضت ما يقرب من الساعة في المشاهدات قبل يوم من العيد استطلعت البعض ، الاجابات لم تخرج من مضمون ما تحمله ظروف الولاية وضنك عيشها وفقر مؤسساتها تجاه هؤلاء ، احدي النسوة لما اعياها التعب استعانت بظل مبني تلفزيون الولاية لتسقي طفلها المريض بعض الدواء علي امل خوض منافسة جديدة بين الزحام للظفر بشئ ، المشهد هز موظفين من ادارة التلفزيون كانا موجودين ساعتها ، الكاميرا لم تستطيع ان تنقله لكم ، ايضا في زات الزحام مشاجرة عنيفة حدثت عندما اتهمت بعض النساء شابا لا يتجاوز الاربعين بانه سطا علي عيديتهن ، المشاجرة تطورت الي ان وصلت الي مخفر الشرطة ولم يفض الاشتباك الا بعد ان تدخل افراد من شرطة النظام العام ، مبني ديوان الزكاة بالولاية شاهق البنيان بدأ صامتا يبدو ان اهل الحاجة لا يجدون مبتغاهم ، تتناقل في جوف المدينة قبل يومين ان احد الصفوف امام مكاتبها يحمل ولادة احداهن ، الطفل اراد له قدره ان يصرخ وهو يمد يده لمن لا يملأها ، الام لاتعرف ان ألام المخاض قد تفاجئها بتلك السرعة وهي لم تجمع بعد لاطفالها الاخرين بعض من قوت ،المشاهد المحزنة في ولاية العطاء تسد الطرق المئات لم يخرجوا من بيوتهم غير ان البعض ممن اسورته الحاجة من كل جانب كسر قيد التعفف

ألم يحين بعد ان تتجه الحكومة التي ابدلت ثيابها من القديم في العيد وقبله وصنعت لنفسها بزة زاهية دبجتها بنياشين الشعارات البراقة ان تعيد البصر في مؤسساتها زات الصلة بالمجتمع ، الم يحين بعد حساب دخل ديوان الزكاة والتأمين الصحي كيف يجبي وان يزهب ، يجب ان تعقب عطلة العيد قرارات واضحة من الحكومة قبل ان ينتشر الداء في العيد القادم ، محاصرة تلك المشاهد المخزية تحسمه القرارات الرادعة والحاسمة باقالة المسؤولين واستقدام الافضل ، وضع الولاية الاقتصادي مؤهل عشرات المرات لتحمل مثل هزه النتوءات ولكن الاقتصاد تصنعه الارادة والعزيمة ، والحكومة ما تزال تصرف لنفسها وتصرف النظر عن شعبها ، لمازا ياتري تصنع لنا حكومة القضارف في ايام العيد والفرح مثل هزه المناظر المؤلمة بدلا من ان تنثر العبير علي وجنتي شعبها

صحيفة التيار

تعليق واحد

  1. هذا زمانك يا مهازل فأمرحى ،مسكين الشعب السودانى الذى تحكمه مثل هذه

    الحكومات البائسه ،نسأل المولى عز وجل أن يخلص السودان من هذا الداء اللعين

  2. حسنا فعلت أخى حسن ، نقلت صورة واحدة من صور المآسى التىتنتشر بهذه الولاية البائسة ، امبراطوريات تتحكم فى حياة الناس ، التأمين الصحى ، الدواء الدوار ، ديوان الزكاة ، ادارة النفايات واخر، انه برنامج التغيير الى الأسوأ الذى رفعته حكومة الابالسة، القضارف تحولت بفعل حكم الصبية الىمدينة من الاشباح كأنها خارجة من العصور الوسطى،خمسة ألف جنية يامفترين!!!!

  3. هذه هي الدولة الرسالية! هذا هو المشروع الحضاري… هؤلاء هم اصحاب الايدي المتوضئة.. يبدو ان وضوءهم ذلك يتم بدماء الفقراء و المتاعيس و ليس بالماء الطهور…. حكام نزعت الرحمة من قلوبهم و لا يفكرون الا في انفسهم و الكسب الذي ينالونه لاشخاصهم و ينسون عظم المسئولية و لا يتذكرون حديث الرسول صلى الله عليه و سلم " كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته" و لا يخطر على بالهم قوله صلى الله عليه و سلم " وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها "
    يهللون و يكبرون و ياكلون اموال الناس بالباطل و يجبون دماء الفقراء و المساكين ثم يكنزون ما يجمعون ليزدادوا غني و يزداد الفقراء فقؤا…. و زكاة فرضها الله للفقراء و المساكين فاصبحت هي ايضا جباية تبنى بها القصور و يتنعم بها الاغنياء اصحاب الايادي المتوضئة و يحرم منها مصادرها المحددة بقرآن يتلى الى يوم الدين… و تسمع هي لله من قوم يكنزون الدنيا و يخربون آخرتهم!
    يحسبون انهم من الصالحين و ان الله مكنهم بدينهم و ترى وجوههم المكتنزة و عرباتهم الفارهة و حلاقيمهم الكبيرة و ضحكاتهم المجلجلة و نسوا ان عمر بن الخطاب – المبشر بالجنة و الذي كان القرآن يتنزل على لسانه و يفارق الشيطان طريقه – ذلك العمر كان له خطين اسودين في وجهه من البكاء خوفا من الله تعالى من عظم مسئولية امر المسلمين….. و هم يضحكون و يبنون القصور و يكنزون المال على حساب الجوعى و المرضى و لا يكلفون انفسهم حتى مشقة النظر اليهم اذ يبدو ان مظاهر البؤس تفسد بهجتهم و تكدر لين عيشهم!
    امنوا مكر الله و الله متربص بهم
    يجسبو لعب!

  4. (كروت الضغط كانت واضحة من جانب الادارة التي لم يصرف منسوبيها حافز اضافي من وزارة الرعاية الاجتماعية بجانب مرتبهم الاصلي)!! البدريين يتهافتون علي الغنايم وينهشون في لحم المواطن!!!اليست ذه ولاية كرم الله الذي اشبعنا صراخا وعويلا انه مع التغيير ومن اجله!! ام هي دعاية الانتخابات والتسويق للمصالح!! اليس هذا التامين الذي يسيطر عليه التنابلة من المحظوظيين يتقاسمون عوائده ويتقاتلون علي امواله ووظائفه!!!! وهاهم بعد الغاء مجانية العلاج يلعب بجياة الناس!!! ولكنها العصابة التي امنت العقاب واقتدت بولاتها وحكامها الفاسدين الصامتين علي كل الرزايا التي تلفح روؤس الغلابة من ابناء شعبنا الكليم!! بينما يتقاسمون هم المخصصات علي كراسي لم يملئوها بحقها ولم يقدموا منها شيئا يذكر!!1 ولو قام بالاضراب او الاعتصام اطباء الصحة لهاجت الدنيا ولم تقد ولرمتهم بابشع النعوت!!وهم من ناداي مرارا وتكرار باصلاح الواقع الطبي بما فيه واقعهم المزري اكان ماديا او علميا !ولكن لاحياة لمن تنادي والمواطن المسكين لايعرف خقوقه وليس هناك من يعرفه بها!! فلو انه حصيف لدعم مطالب الاطباء ولوقف حتي لو تامل ليعلم لماذا وفي ماذا تلهج السنتهم!!!!!!!!! ولو له حقوقيين مدركين! انسانيين مؤمنيين بقضايا الوطن والمواطن !لانبري الف محامي يرافع ويرفع قضايا ضد مثل تلكم الموسسات التامينيه التي تجبي اموال الناس وتقدم لهم السراب! وكذلك ضد ديوان الزكاة المشغول بتامين العاملين عليه واصحاب النفوذ!!! ولي ازرع العاملين والمغتربين لدفع اموال زكاتهم التي يرفلون بها تحت المكيفات والاندكروزرات!!!وعلي فروجهم في الشهوات!!! ولكنه الوطن المغييب والغائب اهله, مثقفاتيه او بسطاء عن حق يستجدونه من زبانيتهم لايرفعون لهم سيفا ولايصدحون لهم صوتا ان حي علي التغيير!!!او حتي هيا الي القضاء!! انه صمت القبور!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..