عسى أن تتوحد مشاعرنا

في كثير من الزوايا التي نظرت من خلالها إلى قرار الرئيس الأمريكي الذي قضى بإعلان اعتراف إدارته بالقدس عاصمة لإسرائيل، أجد أن الأمر في شذوذه وعدم شرعيته ومخالفته لكل التوقعات، أشبه بالتهويش والفرقعة وبيع الأوهام من ناحية، ورفع السقوفات حتى تبدو مستحيلة للناظرين للحصول على الحد المطلوب من التنازلات…
فأما بائع الأوهام هو ترامب، وأما المشتري فهو نتنياهو وأما السلعة فهي الوهم… وأما السقف المستحيل هو الحصول على الاعتراف الدولي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأما الحد المطلوب من التنازلات هو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة بعد انقشاع سحابة الغبار الذي أثاره بائع الأوهام ترامب، فكل تاكتيك وخديعة تبدو واردة باحتمالات كبيرة طالما أن هناك صراع وجود مستمر وهناك أيضاً أطراف تقتات من “زبالة” هذا الصراع الممتد… وترامب بائع الوهم للإسرائيليين هو واحد ممن يقتاتون من “قمامات” الصراع العربي الإسرائيلي، ومثلما طاف على بقاع من الأرض في وقت مبكر من ولايته وأخذ أجر خدمات الحماية المزعومة وعرض المزيد منها، يجيء اليوم دور إسرائيل لتدفع ثمن الوهم الذي يبتاعه اليهود من بائع الأوهام ترامب…
كذا هو ترامب يفعل كل ما من شأنه مخالفة كل ما هو مألوف ومنطقي لذلك ليس بمستغرب أن يعلن هذا القرار المعزول الذي لن يجد من يقف خلفه إلا بعض الإسرائيليين وقليل من الأمريكان.
يمكن أن تقرأ الخطوة “الترامبية” أيضاً على صعيد الجوانب التاكتيكية، ففي مثل حالات الصراع العربي الإسرائيلي يمكن أن يكون ما أعلنه ترامب هو محاولة لرفع سقف المطالب الإسرائيلية لينشغل العرب والمسلمون بهذا القرار الأمريكي ومن ثم يتم التنازل عنه كأنما تنازلوا عن حق وفي المقابل يتنازل العرب والمسلمون عن بعض ما كانوا يتمسكون به من حقوق مشروعة، (اطلب المستحيل، لتحصل على الممكن بكل سهولة ويسر)…
ويمكن أن تقود الخطوة نفسها بما فيها من استفزاز وصفاقة إلى توحيد مشاعر العرب والمسلمين تجاه القدس وبالتالي شحذ الهمة العربية والإسلامية وتحقيق حلم تحرير المسجد الأقصى، فعسى أن تتقد جذوة المقاومة الحقيقية وتسير الجيوش إلى هناك…
ثمة أمر آخر يمكن أن يقال في هذا الجانب وهو نقطة التحول الكبيرة في الموقف الأمريكي تجاه قضية الاحتلال الإسرائيلي للقدس حيث تحولت واشنطن من داعم لإسرائيل في الخفاء إلى داعم لها في العلن على هذا النحو من السفور والفجور…
أخيراً يمكن القول إن احتمال التهويش والتاكتيك وإطلاق البالونات والفرقعة وارد، لكن يجب أن لا يغفل الجميع هذا الاحتمال ولا يولونه كبير اهتمام ويأخذوا ما أعلنه ترامب مأخذ الجد حتى لا يؤخذون على حين غرة…. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..