25 مايو .. يوم أفريقيا

احتفلت وزارة الخارجية يوم الخميس الموافق 25 مايو الجاري بيوم أفريقيا ، وهو اليوم الذي ‏يصادف ذكرى إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي). في كلمته بالمناسبة تحدث ‏وكيل الوزارة عن الأهمية القصوى لهذا اليوم وضرورة الحفاظ على المكتسبات التي ناضل من ‏أجلها الآباء المؤسسون للأتحاد الأفريقي وحركات التحرير الأفريقية التي وقفت في وجه القوى ‏الاستعمارية وتمكنت في النهاية من تحرير كامل تراب القارة. كان النضال الذي تصدرته ‏هذه الحركات تحت قياداتها الملهمة والتي استطاعت أن تستقطب الشعوب الأفريقية في كل ‏أنحاء القارة سببا ً في الخروج المذل للاستعمار الأجنبي ، وقد حاولت بعض القوى المستعمرة ‏كما هو معلوم استغلال الأراضي الافريقية لإنشاء مستوطنات تمثل امتداداً للدول الأوربية ‏أشبه بما حدث في جنوب أفريقيا. غير أن القوى الاستعمارية خرجت مرغمة وبعد نضال قاسٍ ‏وطويل قادته الشعوب الأفريقية تحت قيادة زعاماتها التاريخية ، ولم يكن النضال من أجل ‏الإطاحة بالنظم الاستعمارية امرأ سهلاً ، مما قاد لسقوط الملايين من الشهداء. ولعل حركات ‏التحرير في دول مثل الجزائر وأنجولا وموزمبيق تركت بصماتها واضحة في سجل النضال ‏ضد الاستعمار ، ليس على مستوى أفريقيا وحسب بل وعلى نطاق العالم أجمع. ولعل ‏التضامن الذي أبدته الكثير من الشعوب في آسيا وغيرها من دول العالم الثالث مع حركات ‏التحرير كان سبباً في أن تكتسب حركة التحرير الأفريقية بعداً دولياً تجاوز حدود القارة مما ‏اضطر الدول الاستعمارية للانسحاب في النهاية.‏
استقبلت كل الشعوب الأفريقية ، كما هو متوقع ، يوم التحرير بالكثير من الاحتفاء ‏والآمال العريضة في مستقبل باهر تتحقق فيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالصورة التي ‏تعوضها عن سنوات القهر والحرمان تحت حكم القوى الاستعمارية التي كانت تعمل على قهر ‏المواطن وسرقة الثروات الطبيعية للقارة. كان من الطبيعي إذن أن تتطلع الشعوب الأفريقية ‏لمسيرة تختلف عن تلك التي سادت على أيام الاستعمار ، غير أن العديد من الحكومات ‏الوطنية التي جاءت في أعقاب خروج المستعمر لم تكن بحجم تطلعات المواطن حيث ساد ‏الفساد والمحسوبية والتسلط حتى شاعت المقالة التي تشير لاستبدال سيد أبيض بآخر أسود ، ‏وتكرر الحديث عن الاستعمار الجديد. كان ذلك سبباً في أن تقع الكثير من الانقلابات ‏العسكرية في ستينات وسبعينات القرن الماضي حتى أضحت معظم الدول الأفريقية تعيش ‏تحت الحكم العسكري الذي حاول في بعض الأحيان الظهور بالزي المدني. ولعل ‏هذاالعصرالعسكري ، إن صحت التسمية ، أدى إلى ظهور قيادات من أمثال عيدي أمين ‏ومعمر القذافي وغيرهم من الزعماء على الساحة السياسية في القارة الأفريقية. كما أن الأنظمة ‏العسكرية في مختلف أنحاء أفريقيا وقفت ولا زالت تقف عقبة كؤود في طريق استنهاض همة ‏المواطن الأفريقي من أجل البناء السياسي والاقتصادي في الغالبية العظمى من الدول ‏الأفريقية.‏
بالرغم من الروح الطموحة التي سادت القمة التأسيسية لمنظمة الوحدة الأفريقية في عام ‏‏1963، إلا أن الخطوات نحو توحيد القارة لا زالت بطيئة للغاية إن لم نقل أن المسيرة متوقفة ‏تماماً في الوقت الحالي. كما يقول موقع كوارتز آفريكا على الانترنت فإن خمسة ملايين راكب ‏أفريقي يواجهون الكثير من العقبات في السفر بين الدول الأفريقية بسبب التعقيدات المتعلقة ‏بمسألة الحجز على خطوط الطيران ، ناهيك عن مشاكل أخرى مثل تأشيرات الدخول وغيرها ‏من القوانين المتعلقة بالجوازات. هناك عشرة فقط من جملة 55 دولة عضو بالاتحاد الأفريقية ‏تسمح للجوازات الأفريقية بدخول البلاد دون تأشيرة دخول ، بينما يمكن لحامل الجواز ‏الأمريكي دخول 20 دولة دون تعقيدات تذكر. في محاولة لحل هذه المشكلة أعلن الاتحاد ‏الأفريقي عن الجواز الأفريقي الموحد ، غير أن هذا الجواز ظل محصوراً حتى الآن في ‏رؤساء الدول دون غيرهم من المواطنين ، وبالرغم من موافقة كل الدول على فكرة الجواز ‏الأفريقي إلا أن التطبيق على أرض الواقع لا زال بعيداً عن المأمول. أما فيما يتعلق بالتجارة ‏البينية داخل أفريقيا فإنها لا تتعدى حتى الآن نسبة 12% من مجمل التجارة الأفريقية العالمية ‏، ومع أن هناك رغبة في رفعها إلى نسبة 50% خلال الأعوام العشرة القادمة إلا أن الكثيرين ‏يرون أن هذه النسبة تبدو طموحة للغاية ، وقد يكون من الصعب تحقيقها في الوقت المذكور.‏
خلاصة الأمر أن فكرة الاتحاد الأفريقي ستظل فيما يبدو متعثرة بالرغم من حسن النوايا. ‏وبالرغم من القرارات الصادرة عن القمم الأفريقية بشأن تسهيل مسألة التكامل بين الدول ‏الأفريقية ، إلا أن هناك العديد من العقبات التي تقف في طريق تنفيذ هذه القرارات مما يجعل ‏معظمها حبراً على ورق. لا شك أن الطريق نحو الوحدة الأفريقية التامة لا زال طويلاً وشاقاً ، ‏غير أن ذلك لا يجب أن يؤدي للإحباط إذ أن توفيق الآراء بين ما يزيد عن الأربعين دولة ‏يبدو أمراً دونه الكثير من العقبات. وإذا ما أخذنا في الاعتبار تجربة جامعة الدول العربية التي ‏تم توقيع ميثاقها في عام 1945 ، فإن مسألة تحقيق الوحدة الأفريقية الكاملة يبدو أمراً صعلاً ‏في أحسن الأحوال. غير أن الاتحاد الأفريقي استطاع خلال الفنرة منذ قيامه وحتى الآن أن ‏يخطو خطوات واسعة في مجال التنسيق والتعاون على مستوى القارة الأفريقية ، كما تمكن من ‏إنشاء عدد من المؤسسات التابعة له في مختلف المجالات كالاقتصاد ، والسلم والأمن ، ‏والقانون ويعمل بعض هذه المؤسسات بصورة مرضية. ‏

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..