زوار الليل.. وحش غامض يتربص بالضحايا.. وسط الخرطوم نموذجاً

الخرطوم – محمد عبدالباقي
لافتة شهيرة علقها ضابط متقاعد قبل عامين على حائط منزله بالثورة، هدد وتوعد فيها اللصوص بقوله “إلى اللصوص الذين يحومون حول هذا المنزل، إنني قد أمتلكت سلاحاً نارياً ورخصته، وأن لي فيهم قتلى ولا أبالي”، ورغم أننا لا ندري إن كان ذلك الوعيد أرعب زوار الليل فتخلوا عن (الحوامة) حول منزل الرجل أم أنهم (سدوا هذه بطينة وتلك بعجينة) بمنطق المثل الشعبي وواصلوا حوامتهم.. لكن المهم إننا لم نسمع بجريمة قتل طرفاها ضابط متقاعد ولص وقعت بالمنطقة مكان اللافتة المهددة. إلى هذا الحال صار المواطنون يهشون زوار الليل عن ممتلكاتهم في ولاية الخرطوم، ومن لم يتنبه لخطورة اللصوص وحيلهم يقع ضحية لهم، كما حدث مطلع الأسبوع الماضي لأصحاب نحو (20) مكتباً بإحدى العمارات بشارع الحرية بوسط الخرطوم.
طمع اللصوص
لا يطمع الناس في أن تخلو الأرض من اللصوص، ولكنهم يطمعون في أن يتم التوصل لكل سارق في أسرع وقت، ليعاقب جزاءً على ما اقترف وليكون عبرة لغيره، لكن أن يسرق السارق ويكرر سرقته في ذات المكان. وبذات السيناريو، فالأمر لا يدعو للدهشة فحسب، إنما يجعل الضحايا يعيدون قراءة اللافتة المشار لها أعلاه والسير على نهج كاتبها. والقصة المثارة هنا هي أن أصحاب مكاتب بإحدى العمارات بوسط الخرطوم تعرض مكتب أحدهم ويدعى (م، ع) – هكذا طلب الإشارة لاسمه – لسرقة بصورة فيها الكثير من الاحترافية، فأبلغ الشرطة بالواقعة ودون بلاغا بالرقم (10369) لدى قسم شرطة الخرطوم شمال، وخلال التحري معه بيَّن نوع المسروقات وقيمتها المادية، وعاد في انتظار القبض على السارق حتى لا تتكرر الفعلة مع غيره.
ظل الضحية في انتظار وترقب اتصال من الشرطة يحمل نبأ القبض على اللص كما وصفه في حديثه لـ (اليوم التالي)، إلا أن المفاجأة التي حدثت غيرت مجرى التوقعات تماما خلال ساعة ضحى.
جدوى البلاغات
مهم بالنسبة للشرطة أن يدون المواطن بلاغا بكل الحوادث التي تقع له مهما كانت صغيرة لأجل الحفاظ على الأمن والسلامة، بحسب (م،ع) صاحب المكتب الذي تعرض للسرقة. ويضيف (م، ع) لهذا ذهبت وفتحت البلاغ حتى يعلم اللص أن الشرطة تتعقبه، ولكن بعد مرور أقل من أسبوع تفاجأ أصحاب (20) مكتباً تجاور مكان السرقة السابق مسروقة بذات السناريو، وهو فتح أغفال المكتب دون إتلافها ووضعها على التربيزة داخل المكتب وتركه مفتوحا بعد أخذ وبعثرة محتوياته كلها. بالضبط هذا ما حدث لعدد (20) مكتباً في ليلة واحدة بشارع الحرية، وحين حضر أصحابها ألجمتهم المفاجأة وصعقهم المنظر، فذهبوا أيضا إلى قسم الخرطوم شمال، وفتحوا بلاغات بالواقعة المرعبة، وهم غير مصدقين لتعرضهم لسرقة جماعية بهذه الطريقة المستفزة، خاصة وأن الجاني استخدم سيناريو السرقة السابقة نفسه، وكأنه ضامنٌ نجاته من التعقب بواسطة الشرطة التي دُون في محاضرها البلاغ السابق.
وعد قاطع
تجاوز بعض أصحاب المكاتب التي تعرضت للسرقة دهشت الحادث، ولكن لن يصمتوا بعد عن تحليل الطريقة التي اتبعها الجاني في فتح الأقفال دون كسرها، خاصة بعد أن علموا من مصادر في الشرطة أن هناك مادة يتم بواسطتها جعل الأقفال تفتح بأي مفتاح، ولهذا ظل الجميع يترقبون خبر القبض على السارق لمعرفة ماهي المادة التي تعطل الأقفال، وليستطيع اللصوص فتحها بأي مفتاح دون أن يعلم صاحب المكتب أو المتجر شيئا عنها، مما عدَّه بعض من الضحايا أنه أسلوب جديد في السرقة يعمق الأضرار الضحية، خاصة إذا واظب اللص على فتح المكتب باستمرار دون أن يعلم صاحبه شيئا، وهنا تكمن الخطورة بحسب وصفهم. ورغم مرور أكثر من أسبوع على وقوع السرقة، لكن جميع أصحاب المكاتب التي سرقت في المرة الأولى والثانية، استبشروا خيرا بالوعد الذي قطعه لهم اللواء عبدالعزيز عوض مدير مباحث الخرطوم بالقبض على الجاني بأسرع وقت
اليوم التالي