حمدوك.. و.. الجثث

عثمان شبونه
أعلنت السلطات الصحية بولاية الجزيرة ــ الأحد ــ تكليف اختصاصي الطب العدلي د. بابكر إبراهيم بإدارة مشرحة مدينة ود مدني؛ وإنهاء تكليف سلفه د. كمال الدين حسين عثمان. وصدر القراران عن مدير عام وزارة الصحة بالجزيرة د. أحمد المصطفى شيخ إدريس؛ وطالب فيهما الجهات المختصة بتنفيذهما بصورة فورية. وكان تجمع الأجسام المطلبية؛ كشف قبل نحو أسبوع عن وجود (168) جثة متحللة مجهولة الهوية بمشرحة ود مدني؛ وقال بيان للتجمع إن بعضها عليه آثار شبهات جنائية واضحة.
ــ انتهى الخبر نقلاً عن (باكر نيوز).
* وانتهينا بعد هذه الفاجعة إلى (تأكيد المؤكد) وهو إستمرار الحالة (الإرتخائية) الحمدوكية المريبة لحد بعيد.. فرئيس الوزراء عبدالله حمدوك تبحث عن أثر قوي له عقب هذا الحدث الإستثنائي الجلل الموجع؛ فلا تلمس سوى برودته المعتادة.. لو كان شخصاً طبيعياً لقصف الآفاق ببيان ــ على الأقل ــ يبيِّن فيه بأنه (حي ــ متفاعل ــ قادر)؛ فلا أحد يطمح بأن تغوص أقدامه في التراب ليكون شهوداً مع الناس في المقابر وهم يدفنون الشهداء؛ تعتصرهم الفاجعة.. لا لُحيظات يمنحها ــ الكائن الثلجي ــ من وقته ليقطع إرسال التلفزيون بنصف كلمة تتركز حول هذه المصيبة.. لكن ما أبدع القائل وهو يتحدث عن (الكبار) الذين هم على النقيض من شخص رئيس الوزراء:
على قدرِ أهلِ العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظمُ في عين الصغير صغارُها
وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ
* رئيس الوزراء؛ لا يتعلم من التاريخ ولا من المواقف ولا من الأحداث ليكون (رجلاً كبيراً).. إنما الذي يكبر خذلان الأمة فيه.
(2)
* 168 جثة لبشر كانوا يمشون معنا بآمالهم؛ يصيبها التحلل وتختفي ملامحها بمرأى من الطبيب المسؤول الذي تمت إقالته؛ ولم نقرأ أمراً بإحالته للتحقيق ومن ثم محاسبته على الإهمال والسكوت والعبث المتناهي بكرامة الإنسان.. وماخفى أعظم؛ فالأيام كفيلة بفضح المستور الآن..!
ــ من أين أتت هذه الجثث وبأمر مَن؟؟!!!
* إن سوء الخلق مهما بلغ بالنفس؛ فلا أظنها تنفلت من (طعنة ضمير) تقيها شناعة السقوط (العَمد) على هذا النحو المتكرر في السودان.. ولا كبير فرق بين طبيب يزوِّر تقرير قتيل لصالح المجرمين بناء على رغبتهم؛ وبين آخر ينتهك حرمة الموتى بإخفاء جثثهم حتى تُطمس ملامحها ويتغافل عن أبسط درجات المسؤولية؛ كأن يصوّرها قبل أن تتحلل.. إن سقوط بعض الأطباء هنا وهناك عقب فض الإعتصام الشهير وتنفيذ المذبحة؛ وطمس الأدلة وتزوير الحقائق والإنصياع التام للعسكر كأحد ركائز الباطل في البلاد؛ هذا السقوط لم يكن ليحدث لو أن على رأس الدولة أو النيابة أهل شرف منزهين من الجبن والوضاعة وخشية الخالق لا المخلوق.. أيضاً سقوط بعض الأطباء لا يقدح في النبلاء منهم؛ وأظنهم أكثرية.
ــ من الذي يقف وراء الجرائم وتكتم النيابة العامة فمها خوفاً منه؟! وها نحن نراها تنشط في حالات فردية لملاحقة أجراء النظام السابق من القتلة.. أما المجزرة الجماعية في القيادة العامة كمثال؛ فهي نقطة ضعف النائب العام ورئيس الوزراء ولجنته برئاسة المدعو نبيل أديب.. فرغم الفيدوهات والصور وحشود منفذي الجريمة لم يتم القبض على واحد (ولو بالغلط)! كما لم يوجه إتهام لأحد أعضاء المجلس العسكري الذي فض الإعتصام (ولو بالغلط)!
* بالعودة لمصيبة ود مدني.. هل يعقل أن تكون رئيس وزراء؛ ترى كل هذا العدد من الجثث ولا يصدر مكتبك بضعة كلمات للمواساة أو لطمئنة الخلق بأن الحق لن يضيع؟! هل صعب ذلك ولو من باب المجاملة أو النفاق؟!!
ــ بالمناسبة.. حمدوك يمارس النفاق علناً على الشعب في ما يقوله؛ فهو شيء والواقع شيء.. وكل ما جرى يدل على أنه مجرور بالعسكر (في موضوع جرائمهم)؛ وربما سيظل كذلك مبرمجاً بضعفه كالنائب العام؛ ولا يمكن أن تنهض في عهده بلاد أو عدالة.
أعوذ بالله.
ــــــــ
المواكب