مقالات وآراء

استياء بكري حسن صالح!!

 

نقوش

لؤي قور

خلال جلسة الثامن من فبراير الجاري، لمحكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو (1989)، أبدى النائب الأسبق للرئيس المعزول (بكري حسن صالح)، (استيائه)، من المعاملة التي تلقوها، بزجهم في السجون عقب إزالة نظام حكمهم في الحادي عشر من أبريل للعام (2019)، مؤكداً للمحكمة بأنه وفور تنفيذهم انقلاب الإنقاذ، قاموا بنقل قادتهم إلى (بيت الضيافة)، فضلاً عن معاملتهم لهم بـ(الاحترام)، و(التقدير)، الذي يستحقونه، وزاد: (منحنا قادتنا كل الاحترام الذي يستحقونه، والرئيس زارهم ببيت الضيافة، وباركوا له!! ولم نرحِّلهم للسجون، لأنهم قادتنا).
جاء في شكوى الأستاذ الجامعي الدكتور (فاروق محمد ابراهيم)، والتي أرسلها من السجن العمومي بـ(كوبر)، في التاسع والعشرين من يناير للعام (1990) ما يلي:( تم اعتقالي حوالي الساعة الثانية من ظهر الخميس الثلاثين من نوفمبر سنة “1989”، خارج إحدى بوابات “جامعة الخرطوم”، واقتدت الى مبنى “جهاز الأمن”، الذي حُولت منه مساء نفس اليوم، وانا معصوب العينين، الى مبنى اتضح لي فيما بعد انه المقر السابق للجنة الانتخابات. وقد تعرضت قبل وخلال وبعد الاستجواب في نفس المساء إلى تعذيب بدني، شمل الضرب بالسياط، والركل، واللكم في الوجه والرأس، وسائر اجزاء الجسم، بواسطة اشخاص متمرسين في تلك المهنة، وإلى تهديد بالقتل والاساءة، وغير ذلك من اشكال التعذيب. وبعد ذلك تم تحويلي إلى مرحاض صغير، مبتل بالماء، حيث بقيت لمدة ثلاثة ايام. تعرضت خلالها للضرب والاساءات والحرمان من النوم، حُولت بعدها الى “حمام”، مع خمسة معتقلين اخرين. تعرضت معهم لنفس الاساءات، وللضرب، والحرمان من النوم، ومن الاغتسال والسواك والوضوء والصلاة، لمدة تسعة ايام اخرى).
(وفي منتصف ليلة انتقالي من المرحاض، الى الحمام، أقتدت إلى العراء، حيث تعرضت لحمام بارد بالماء المثلج، تخلله الضرب بالسياط، والاساءات المستمرة. وتم اقتيادي في فجر الثاني عشر من ديسمبر الى السجن العمومي بالخرطوم بحري مع ثمانية عشر من المُعتقلين، الذين تعرضوا لنفس تجربة التعذيب. وهم ممن شغلوا مناصب قيادية في النقابات من قبل، أذكر منهم السادة “هاشم محمد احمد”، نقيب المهندسين، و”محجوب الزبير”، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، “صادق شامي”، أحد سكرتيري نقابة المحامين، والدكتور “حمودة فتح الرحمن”، نقيب اطباء النيل الابيض، والدكتور “طارق اسماعيل”، الاستاذ بكلية الطب بجامعة الخرطوم، حيث تم الكشف علينا بواسطة طبيب السجن، وتقديم العلاج اللازم).
على هذه الشاكلة كان احترام بكري حسن صالح وحركته الإسلامية للقوى السياسية، والنقابية، وأساتذة الجامعات من غير الإخوان، في سنوات عهدهم المُظلمة، والتي أذاقت الناس الأمرين. وعلى الرغم من جهودهم (الحثيثة) حينها لإخفاء هذه الممارسات، فقد ظهرت للعلن، وصارت الانتهاكات (الأشهر)، لحقوق الإنسان، في فترة التسعينات من القرن الماضي. بل كان بكري (نفسه) من المتواجدين شخصياً في تلك المعتقلات السرية، والتي أنشأها الإخوان لتعذيب المعارضين، والتي عرفت فيما بعد ببيوت الأشباح وذلك بحسب إفادة د. فاروق محمد ابراهيم في شكواه، والتي يقول فيها:(ومع انه لم توجه لي اية اتهامات محددة خلال الاستجواب الذي هدف لانتزاع معلومات تحت تأثير التعذيب عن اماكن تواجد اشخاص لا علم لي بهم، وموعد ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة النقابية لاساتذة جامعة الخرطوم التي لم اكن من بين اعضائها، إلا أنني فهمت من حديث وجهه لي العميد “بكري حسن صالح”، عضو مجلس قيادة الثورة في مساء السبت، الثاني من ديسمبر، ودون ان يوفر لي فرصة للرد، أنه يعترض على محتوى بعض المواد التي اقوم بتدريسها في الجامعة، وأنه يتهمني بالقيام بنشاط مُعارض للنظام السياسي القائم، وأنه على قناعة، بأنني اتلقى عقاباً، وجزاءً عادلاً لتلك الجرائم، التي لا علم لي بها). وتضمنت الشكوى في الختام ملحوظة أوضح فيها (د. فاروق)، اسماء المعتقلين معه في ذات الموقع، وهم منصور اسحق (صيدلي)، وعكاشة عبد الرحمن (عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد نقابات العمال)، وعبد الله البشير (مهندس اتصالات)، وبدر الدين ادريس (مهندس بوزارة الاسكان)، وهاشم بابكر تلب (موظف).
عبثاً يحاول إخوان كوبر التملص من جرائمهم التي ارتكبوها خلال عقود، توهموا فيها قدرتهم على صياغة الإنسان السوداني وفق إرادتهم، وبالقوة الجبرية. فأسرفوا في القتل حتى باتوا يستصغرون إحصائيات ضحايا حروبهم، ولو بلغ العشرة آلاف، وأسرفوا في التعذيب، وولغوا في دماء السودانيين. واليوم يتبرأون مما كانوا يفاخرون به بالأمس.
حفظ الله السودان، وشعب السودان.

الديمقراطي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..