أخبار السودان

دور الإعلام في الأمن القومي.. (الدولة وأجهزة الإعلام).. دعاوى الانفلات وشكاوى التضييق

الخرطوم: الهضيبي يس

ما يزال الجدال محتدماً في شأن العلاقة بين الإعلام وسلطات الدولة لا سيما فيما يخص السلطات الممنوحة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني وتتيح له مصادرة الصحف.

إذاً ما بين صحف تشكو التضييق ودولة تشكو انفلات السلطة الرابعة، دار نقاش محتدم حول إيجاد منطقة وسطى بين الحرية والمسؤولية، ذلك في وقت تنحو مدارس صحفية معه إلى كفاية مدونات السلوك التي يتوافق عليها الصحفيون.

وقال وزير الدولة بالإعلام، ياسر يوسف، في الفعالية التي نظمها الاتحاد العام للطلاب السودانيين عن دور الإعلام في الأمن القومي بقاعة الشهيد الزبير محمد صالح بالخرطوم يوم (الأربعاء) إن كل ما يمارس من تقييد لوسائل الإعلام والصحف السودانية، يتم عن طريق القانون، مشيراً إلى أن الأصل في الأشياء هو التقييد، لا سيما مع ظروف وأوضاع السودان الاستثنائية (الحرب في دارفور، والمنطقتان جنوب كردفان، النيل الازرق) بالإضافة إلى بحث الحكومة عن مصلحة المواطن، والتي تدفعها في أحايين كثيرة لاتخاذ قرارات بناء على ما هو مخول لها من سلطات.

واستدل يوسف في ذلك بمجموعة أخبار كان تم تداولها في وقت سابق عن إصابة الماشية السودانية بأمراض معدية ما ترتب عليه وقف تصدير الماشية الى المملكة العربية السعودية الأمر الذي ترتبت عليه خسائر مادية فادحة تقدر بالمليارات، وترتب عليه إجراء مباحثات بين وزير التجارة مع نظيره السعودي في محاولة لإقناعهم بخلو ماشية السودان من هذه الأمراض.

بمسؤولية

شدد يوسف على أن الحرية لا تعني الكتابة وتداول المعلومات كيفما اتفق من دون تقنين مسبق مع القانون، مرجعاً ذلك إلى أن السودان دولة مؤسسات، ومطالباً بضرورة التوصل إلى معادلة تعمل على حفظ حقوق التعبير وممارسة الدولة نشاطها بما يكفل الاستقرار، مذكراً بأن المسألة تتحقق من خلال تطبيق فلسفة المصالحة ما بين المواطن والحكومة، فيما اللاعب الرئيس هو وسائل الاعلام، قاطعاً بأنه لا عداء بين مؤسسات الحكومة ووسائل الإعلام.

وأصّل يوسف للتقييد بأن المادة “19” من وثيقة حقوق الإنسان تتيح للدولة ممثلة في شخص الحكومة، الحق في التقييد، ومع ذلك أضاف أن الخطوة توصف من البعض بغير الشرعية ويتم التعامل معها من قبل مجموعة من المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية للقول بعدم وجود حريات صحفية. مشيراً الى أحقية الدول في تقييد الحرية متى ما تعرضت لمهددات اقتصادية وأخلاقية واجتماعية تمس أمن واستقرار المواطن بصورة مباشرة .

توافق

ودعا يوسف الى التوصل لصيغة وفاق يزيح حجم الجدل الدائر فيما يخص الحريات الصحفية، من خلال التوافق على مجمل القضايا القومية الكلية للدولة في تناول وتعاطي وسائل الإعلام لا سيما الصحف بطريقة تسهم في تنمية وتطوير الدولة.

وشدد وزير الدولة بالإعلام على ضرورة المحافظة على مكتسبات القوات المسلحة السودانية بحسبانها من أمهات القضايا. وفي الصدد ساق التهم إلى بعض وسائل الإعلام والصحف بمناصرة من وصفهم بالخارجين عن القانون وحاملي السلاح، فضلاً عن إفساح المجال لأشخاص يعملون على إثارة الفتن وسط المجتمع السوداني، مسترشدًا في ذلك باستضافة قناة ?حجب اسمها- يوم (الثلاثاء) لداعية إسلامي للحديث عن قضية التطبيع مع إسرائيل، بينما الموقف الرسمي والشعبي يظل واضحاً من هذه القضية.

مدافعة

دافع الوزير عن تأخر الإفصاح عن عمليات الإفراج عن المعلومات بما يسمح بنفاذها إلى وسائل الإعلام، وذلك في معرض رده على اتهامات الصحفيين بأن الحكومة تتعمد التكتم والتباطؤ في نشر المعلومة بغية الحفاظ على مصالح خاصة.

ونبه يوسف إلى أن الحكومة لديها مجموعة إجراءات ووسائل تلجأ إليها قبيل الإفصاح والإدلاء بالتصريحات من باب التأكد والتقصي عن الأمور، وهو ما قد ينظر إليه المجتمع الصحفي على أنه حالة بطء وتأخر وربما عدم رغبة في الإفصاح عن معلومات أو التعليق عليها، قاطعاً بأنه خلال الثلاث سنوات الماضيات شهدت الدولة استقرارا فيما يتداول ويطرح في وسائل الإعلام عن طريق المسؤول السوداني بخلاف الاتهامات السابقة بوجود اضطراب عند المسؤولين بخصوص ما يطرح ويصرح به من وقت لآخر في قضايا معينة.

واختتم يوسف حديثه بالشكوى من تصديق الوزارة لمؤسسات إذاعية وفضائيات لا تلتزم بما هو وارد في تصريحها ضمن خارطة البث، سواء في مجالات الزراعة والطب مع اللجوء الى تسخير الخارطة البرامجية للغناء بدافع الحصول على الإعلانات والأموال.

الحرية أولاً

في عبارة (اعطني حريتي) اجتمع كل من عميد كلية علوم الاتصال بجامعة السودان د. عبد المولي موسى، ومدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم المسلمي الكباشي، والخبير الإعلامي د. إمام محمد إمام، على أن الحرية هي أساس العلاقة بين الدولة ووسائل الإعلام وأن العيش بدون هذه الصفة من الصعوبة بمكان.

ويؤكد الكباشي أن الأقوال التي تذهب إلى النظام فاقد للشرعية، دفعته لاتخاذ جملة من التدابير والقوانين لتقييد الحريات ونوه إلى أن ذلك التقييد ظل مخالفاً للأعراف والمواثيق الدولية والمعتقدات الدينية ومفهوم وجود الإنسان على الأرض.

موضحاً أن الأمر في حاجة الى وصفة تفسح المجال للصحافة في قول ما تريده مع السماح للحكومة بتنفيذ برامجها في وضع تدابير وقوانين تحفظ للصحافة حريتها فيما تمارس الحكومة أنشطتها بما يعود بالمنفعة الجمعية. قاطعاً بأن العالم لم يعد كما هو بظهور مستجدات وجيل جديد قائم على فكره تجاوز المعتقدات والمفاهيم الآنية للأحزاب والقوى السياسية وتشكل فيها وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) والتراسل الفوري (واتس اب) ذهنية الوعي عند المجتمع.

في المقابل يقول أستاذ الإعلام بجامعة السودان د. عبد المولى موسى، أن الأصل في الأشياء هو الحرية وقال إن سلب الحريات في مستويات التفكير والنقد واتخاذ القرار، تحول الإنسان الى حيوان مهامه الأكل والشرب والإنجاب فقط. منتقداً حديث وزير الدولة بالإعلام ياسر يوسف بأن التقييد لوسائل الاعلام موضوع وفقا لقانون، بينما القوانين نفسها توضع بغرض التكييف مع مصلحة الحكومة نفسها، وزاد أنه لا يوجد تطبيق للوارد في المواد والنصوص القانونية بحيث تعلو المخالفات على القانون، حيث إن متطلبات الوصول الى معرفة وإدراك تسيير المجتمع تجري وفقًا لمفاهيم الأخلاق، وليس بالقوانين الوضعية التي تعمل على خدمة مجموعات وطوائف وأحزاب بالدولة، وتسعى إلى ضرب حقوق المواطنين عرض الحائط.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..