الدهاء الاثيوبى تفوق على الفهلوة المصرية

فى 29-12-2015 وقع وزراء خارجية كل من السودان واثيوبيا و مصر على وثيقة مبادئ العاصمة المثلثة الخرطوم وقد تضمنت تحديد اليات العمل خلال المرحلة المقبلة ، والالتزام الكامل بوثيقة اعلان المبادئ التى وقع عليها رؤساء الدول الثلاثة فى مارس الماضى واتفق الوزراء الثلاثة السودانى و نظيريه الاثيوبى و المصرى فى هذا الاجتماع السداسى ، وهو الاجتماع الحادى عشر ( من ضمن سبعة عشر اجتماعا كانت مقررة استطاع خلالها المفاوض الاثيوبى نسف ستة منها ) على عقد جولة جديدة من المباحثات فى الاسبوع الاول من فبرايل المقبل لاستكمال بناء الثفة بين الدول الثلاثة .
فيما تمكن المهندسون الاثيوبيون وفى اقل من 20 ساعة من صب اكثر من ” 25000 خمسة وعشرين الف طن ” من المواد الخرسانية فى جسم السد اثناء عقد أجتماع الخرطوم الاخير … الامر الذى يؤكد ان اثيوبيا ماضية فى خطتها لاستكمال بناء سد النهضة مهما كانت التضحيات ، وانها اسرع كثيرا من المباحثات التى يصاحبها البطئ و الفشل ، فى الوقت الذى ما زال فيه وزير خارجية مصر مشغول بمايك قناة الجزيرة الاخبارية ، غير ابه لما يحيط ببلده من مخاطر…
اذن استطاعت اثيوبيا بحنكتها السياسية ان تتفوق على الفهلوة المصرية و اخذت تراوغ على تعابير لفظية و تصر عليها توهت بها المفاوض المصرى ، مثل اصرارها على اضافة كلمة ” جسيم ” بعد كلمة ضرر اى ان السد قد ينتج عنه ضرر “جسيم” على دول المصب السودان و مصر ، واعطت نفسها الحق فى انها هى من يحدد جسامة الضرر و هى من يحدد قيمة ما يترتب عليه من تعويضات لدول المصب .. بل استطاعت ان تحصل على اعتراف مصرى كامل وصريح بان النيل الازرق نهر اثيوبى خالص و ليس مجرى مائى مشترك بين دول شتى .
كان ذلك بوثيقة التفاهم التى وقعها الجنرال السيسى ” الجنرال السودانى عمر البشير ايضا وقع علي الوثيقة لكن بعد مشاورات مطولة مع مستشاريه القانونيين و الفنيين الذين اكدوا له ان السد لا يضر بحصة السودان المائية الذى يتمتع ببدائل كثيرة من المياه ، اضافة الى المنافع المتعددة التى سوف تعود على السودان بعد بناء السد الذى سوف ينظم المواسم الزراعية فى منطقة النيل الازرق اضافة لتوفير فاتورة التطهير السنوى لخزانات السودان والتى تقدر بأكثر من خمسين مليون دولار سنويا والحصول على الطاقة من اثيوبيا باسعار تشجيعية وغيرها ” .
وقد ابتعد الاعلام المصرى تماما عن ذكر هذه الوثيقة ، و حتى عندما تحدث عنها الاعلامى ابرهيم عيسى فى برنامجه ” مع ابراهيم عيسى ” الذى يقدمه من قناة “القاهرة والناس ” فى14-12-2015، لم يستطع الكاتب ذكر اسم من وقعها ، لكنه قال أن الوثيقة الموقعة فى شهر مارس الماضى، “ورطت مصر”.
وقال ان ” الحكومة المصرية هى التى وقعتها ” وقال الكاتب أن الموقف المصرى فى مفاوضات ملف سد النهضة يسير فى طريق الفشل الرهيب.
وقال عيسى إنه لم يعد أمام مصر لمواجهة خطر سد النهضة بعد توريطها فى الوثيقة الموقعة فى مارس الماضى ، والتى أعطت لإثيوبيا ما أرادت ، ولم تضمن لمصر حقوقها المائية إلا أن يتم عرض الاتفاقية على البرلمان ويتم رفضها ، بالإضافة للجوء للتحكيم الدولى ، موضحاً أن البرلمان القادم “مستأنث وأليف ولطيف ولن يزعج الدولة فى شىء” بحد قوله وانه يمكنه التملص من الوثيقة وأشار إلى أن هذه الوثيقة لا تساوى الحبر الذى كتبت به إذا لم يقرها مجلس النواب ، ونسى الاعلامى ابراهيم عيسى او تناسى ان من وقع الوثيقة كان رئيس الجمهورية وهو يملك سلطة التشريع كاملة حينها ، و ان لاقوة فى الارض تسطيع التملص من هذه الوثيقة او النكوص عنها و قد قننت لاثيوبيا حق بناء السد ايضا وان اللجوء للمحكمه الدوليه يحتاج الي موافقه الطرفين ” طرفي النزاع الاثيوبي والمصري ” وان اثيوبيا لن توافق على الذهاب الي اي محاكم دوليه .
وقال ان “هناك عشرات التفاصيل المخزية فى مفاوضات سد النهضة ، و ان الوفد المصرى المشارك فى مفاوضات سد النهضة قد ورط البلد كلها وان أداءه كان رخوا ”
و اعترف الكاتب بأن إثيوبيا دولة قوية ، وتملك سياسة تجمع بين الذكاء والدهاء والصبر و انها طويلة البال ، وتعرف كيفية التعامل مع الواقع الدولى وقد استفادت من الفوضى العارمة فى الوطن العربى.

ووصف الكاتب الصحفى، إثيوبيا بالنمر الإفريقى قائلا انها بتعمل تنمية ممتازة واكتسبت استثمارات أجنبية هائلة وتفهم جيدا مصادر قوتها ونقاط ضعف المحيطين بها.
ان ما قاله الاعلامى ابراهيم عيسى يؤكد انه اصبح ليس من حق اى مصرى ان يتحدث عن حصته فى مياه النيل الازرق التى لم تعترف بها اثيوبيا اصلا ، و لانه اصبح نهرا اثيوبيا خالصا بموجب وثيقة التفاهم الموقعة بين السودان و اثيوبيا و مصر.
لذلك نجد ان فى كل المفاوضات التى تجرى تدور في النواحى الفنية فقط لان النواحى القانونية قد تم بالفعل حسمها لصالح الطرف الاثيوبى بموجب تلك الوثيقة المشؤومة فى نظر الشعب المصرى لذلك وضحت العصبية على وجه وزير الخارجية المصرى اثناء القاءه البيان الختامى للسداسية بالخرطوم فى الاجتماع السابق عندما قام يإزاحة “مايك” قناة الجزيرة التى كانت تنقل الخبر كغيرها من القنوات ونسى الوزير بسبب عجزه عن مواجهة المفاوض الاثيوبى” المسلح بقوة شرعية الوثيقة المارسية” ان مثل هذه التصرفات لا تليق بوزير خارجية لدولة بحجم مصر و ان الجزيرة و من معها من قنوات كانوا فى ضيافة وحماية السودان وشعبه .
و عليه ان يدرك انه هو و حكومته قد اهدروا اهم حق من حقوق الشعب المصرى و عليه ان يعترف ان اثيوبيا قد تمكنت من اجادة قواعد اللعبة و ان الدهاء الاثيوبى تفوق على “الفهلوة” المصرية وان ازاحة ” مايك ” الجزيرة هو عمل مثير للاشمئزاز و الضحك و ان مثل هذا الفعل لن يجلب للشعب المصرى نقطة مياه واحدة ..

[email][email protected][/email]