نحو الانهيار الاقتصادي..! «3»

وتواصل «الشرق الأوسط» اللندنية مقالها والذي تقول فيه:
«إن المصادر تشير إلى أن الملاحقات الأمريكية للبنوك العالمية التي تتعامل مع النظام المصرفي في السودان، تزيد من الضغوط الأمريكية على الخرطوم، خاصة بعد أن أوقفت بنوك سعودية وإماراتية تعاملاتها البنكية مع السودان ابتداءً من مارس الماضي..!
والمعروف أن للحظر البنكي تبعات كارثية مع صادرات السودان، بإغلاق البنوك الخليجية باب اعتمادات الصادر التي تشكل الدخل الوحيد للعملات الصعبة للسودان، هذا وتحاول شركات القطاع الخاص إرجاع حصيلة الصادر منذ أشهر وقد بلغت الملايين..!
وهذا الإجراء ينعكس سلباً على المواطن، إذ يؤدي إلى تقليص نشاط الشركات الخاصة التجاري وتشريد العاملين فيها هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإنه يخلق الندرة في الغذاء الاستراتيجي «القمح»، ومن ناحية ثالثة يخفض من قيمة العملة المحلية ويضعف من قوتها الشرائية، وبهذه الإجراءات أصبح الدولار في حد ذاته سلعي..!
ونتيجة لهذا الوضع الاقتصادي المتردي أصبح السؤال اليومي عن سعر الدولار..!
السودان اليوم يواجه خطراً داهماً وعليه على أقل تقدير درء هذا الخطر لا تأجيل حدوثه، ودرء الخطر يتمثل في خطوات جريئة يتخذها النظام الحاكم ذاته، وهي خطوات يجب أن يتخذها النظام نفسه، فالتشبث بالحكم رغم الفشل الذي بلغ من عمر الأمة ربع قرن من الزمان لن يتحول إلى نجاح بمجرد التمسح بدهانات سياسية زائفة تزول عند أول هزة سياسية واقتصادية، والاقتصاد هو ما يزيل هيبة الدولة وحكامها مهما بلغوا وبالغوا في قبضتهم الأمنية، فالاقتصاد هو الذي يكشف العورات السياسية مهما حاول النظام إخفاءها، لذا فإن النظام مطالب اليوم قبل الغد بإجراء إصلاحات جذرية، فالشعب: حقق الاكتفاء الذاتي فقط في أمر واحد وهو الوعود بمستقبل مشرق بتصريحات قياداته التي تقذف لهم كما يقول المثل البلدي «حبال بلا بقر»..!
والتغيير إن أتى بالقوة فإنه سيكون المسمار الأخير في نعش السودان وهذا ما يريده أعداء السودان الذين يدركون أن العقوبات التي يفرضونها على السودان هي ما ينجح لهم مخططاتهم لتمزيقه والاستفادة من خيراته التي عجز أهله عن استغلالها، وعالم اليوم مؤمن بحقيقة أن من لا يستغل موارده فإن الآخرين على استعداد لاستغلالها بدلاً عنه، فالعالم اليوم بحاجة إلى الموارد الطبيعية وبحاجة للغذاء والموارد متوفرة في السودان والأراضي الزراعية كذلك، والأقوياء ينظرون إليها وإلى السودان ويسيل لعابهم، وللسيطرة على هذه الموارد لن تغزوا أمريكا السودان فهي تدرك مدى الخسائر التي تتكبدها جراء الاحتلال العسكري والتي تثير الرأي العام الأمريكي، لذلك تلجأ للحرب الاقتصادية والعقوبات وهذه أيضاً يمكن تفاديها وقد فعلت دول كثيرة ذلك، وسياسة الحصار الاقتصادي سياسة مجربة لدى أمريكا فقد جربتها في أمريكا الجنوبية، حيث كان لها ما يعرف بالقتلة الاقتصاديين الذين يذهبون إلى رئيس الدولة المعنية، ويعرض عليه القاتل الاقتصادي مبلغ مائتي مليون دولار ومسدس ليختار أيهما..!
وكم من رئيس في أمريكا الجنوبية تم اغتياله بسبب رفضه الرشوة..؟!
وبما أن الله لا يقبل إلا الصدق والكلمة الصادقة السواء أقول للنظام الحاكم إنه فشل في إدارة شؤون البلاد حتى وصلت إلى هذا الدرك السحيق، وأن عمليات التجميل السياسية والسطحية لن تجدي نفعاً، سواءً وثبت أم اندغمت أم بقيت بلا حراك، وأن المطلوب تغيير جذري في السياسات والأشخاص فالذي لم يقدم طيلة ربع قرن نفعاً للبلاد والعباد فمن المؤكد أنه بعد ربع قرن لن يقدم شيئاً فالعمر والطاقة لا يسمحان بذلك وإن أراد..!
وإن محاولة جمع من انقلب عليهم النظام للمشاركة، ما هي إلا محاولة للدخول في غابة مظلمة متشابكة الدروب لا يدري أحد أي طريق يقود للخروج، والسؤال المطروح هو لماذا انقلب عليهم النظام قبل ربع قرن..؟!
إن الزراعة والنقل والصناعة لا تحتاج إلى سياسيين عطالى ينظِّرون طيلة ربع قرن للبلاد وهي تنهار اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً ولا يهمهم من كل هذه الانهيارات إلا أن يشاركوا ويقتسموا الحكم ويبعثروا ثروات البلاد..!
وكلمة الحق لا تخيف ولا تقتل بل تنجي صاحبها من سؤال المولى عز وجل، وهانذا أقولها من غير خشية لعقباها:
الأخ الرئيس من الواجب عليك أن تقوم بتشكيل مجلس سيادي مدعوم بسياسيين واقتصاديين، ومن ثم تشكيل حكومة تكنوقراط تتناول قضايا المواطن الحياتية وتقوم بإعادة إعمار ما تهدم من بنيات أساسية من مشاريع زراعية ومشاريع طاقة ونقل وعلى رأسها السكة حديد، وهذه الحكومة تستمر لمدة خمسة أعوام كافية لإعادة البنيات الاقتصادية سيرتها الأولى، على أن تقوم أول انتخابات بعد هذه السنوات الخمس وحين تقوم بكل هذه التشكيلات المجلس والحكومة تذهب وتطلب الراحة والمغفرة ما بقي لك من عمر، فالإنسان لا يضمن أن يعيش لغدٍ..!
إن قيام ثورة – والأقرب ثورة الجياع- فإن هذا يعني تمزيق ما بقي من السودان فهذه الثورة ستقضي على ما هو يابس ناهيك عما هو أخضر، كما أن بقاء نظام الحكم على حاله سوف يؤدي إلى ذات النتيجة فالعقوبات التي تفرضها أمريكا علينا، كفيلة وبديلة عن ثورة الجياع الذين سيموتون جوعاً قبل اندلاع ثورتهم، فلا تضع نفسك والبلاد بين خيارين أحلاهما مر..!
وخيار المجلس الرئاسي وحكومة التكنوقراط هو الحل..!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مجلس رئاسي من 5 اشخاص و حكومة تكنوقراط من 25 وزير لن تحل الازمة
    سياسة التمكين الفاجرة دمرت الخدمة المدنية اصبحت كسيحة لا تقوى علي الحراك ناهيك ان تقوم هي بتنفيذ الاصلاح — كوادر مهنية ضعيفة و فاسدة و مرتشية —- الراسمالية الطفيلية المرتبطة بالحركة الاسلامية تمددت و سيطرت علي كل مفاصل الدولة لن ترضى بالانزواء و الانحسار و الربح القليل ستقاوم و تعرقل كل اصلاح و بناء جديد . حكم ولائي مترهل و عاجز يستلم الجبايات و يسلم الفقر و الجوع و المرض و يحتفل بالجهل . مليشيات حزبية و قبلية حلت محل الجيش السوداني الذي افرغ من محتواه اصبح بنايات و دبابير تلمع في الكتوف .
    الحل : ثورة شاملة تقتلع الانقاذ من الجذور و تنظيف الارض و من ثم غرس بذرة الاصلاح في بيئة طاهرة معافاة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..