المسرح وحرية الفكرة

مديحة عبدالله
خصصت اليونسكو27 من مارس من كل عام للإحتفاء بالمسرح، الذي تنبع أهميته وتأثيره من المساحة الواسعة والمتاحة للتفاعل بين الممثلين والممثلات والجمهور الذي يقطع المسافات ليشاهد المسرحية ويتفاعل معها، إذن هو فن الحرية والتفاعل، هو فن لا يمكن أن يزدهر إلا في مناخ صحي يسمح بطرح الأفكار ويتيح للجسد أن يعبر عنها بطلاقة لا تعرف القيود، ومن هنا تأتي أهميته لأن المسرح الحر وحده القادر على التمرد على التابوهات والأوهام وعلى مواجهة الخوف.
ما أحوجنا لمسرح حر، ليس فقط لمواجهة القهر السياسي، وإنما الاجتماعي والثقافي أيضا، ومن هنا تبرز مسؤولية الفنانين المسرحين والكتاب والمخرجين والجمهور والمؤسسات الاجتماعية، للإجابة على كَم من الأسئلة.. ماذا نريد؟ كيف نحتفي بالحياة؟ كيف نعبر عن مشاعرنا وأفكارنا دون تردد؟ وكيف نصل لبيئة اجتماعية تحترم إنسانيتنا وخصوصيتنا وتقدر أفكارنا، وتتيح لنا إمكانية أن نكتشف مواهبنا وتساعدنا على تنميتها، هل تتوفر في واقعنا بعض تلك الشروط؟ ومن أين نبدأ هل من المدرسة، والنادي في الحي والمراكز الثقافية المتاحة؟ وهل المسرح ملك للمحترفين؟ وردت في ذهني تلك الأسئلة هكذا لأن الواقع بائس مع رغبة دائمة في تخطيه وتجاوزه، وحُلم لا يندثر في رؤية واقع مختلف حر ومنفتح يفجر الطاقات ويحرر الأفكار من الوصاية.
يبدو الملل سيد الموقف لأن الخطاب يعيد إنتاج نفسه دون جديد، نحن في حاجة لإختراق بواسطة الفن، في حاجة لمسرح يساعدنا على طرح الأسئلة ويتركنا في مواجهة مع أنفسنا لنصل للإجابة بكل شجاعة؟ لماذا فشلنا؟ لماذا لم نحقق ـ أي ـ هدفا من أهدافنا السياسية بعد الاستقلال؟ ولماذا ننظر للآخرين وننتقدهم دون أن نجرؤ على تقييم مواقفنا وأفكارنا وأساليب عملنا؟ لماذا نخشى المراجعة؟ لماذا نخاف التجريب والاكتشاف والاختبار لإرادتنا؟ في بحثنا الدائب عن الجديد: لماذا نُهمل الفنون والمبدعين ونتفادى أن نسمع كلمتهم؟ ولماذا ترتبط لدينا الفنون بالجنون؟ وأين هي مظاهر العقل والحكمة في حياتنا؟
الميدان