أمين حسن عمر: الحركات لا تملك أمرها.. لا جدوى من أي مفاوضات إذا لم تكن الأطراف راغبة في التعامل مع الواقع على الأرض وحقائق الموقف العام

حاوره في أديس أبابا – آدم محمد أحمد
** يُتهم من قبل الحركات المسلحة بأنه رجل قاس في مواقفه تجاههم، وممسك برأيه بقوة، لكنه ملم جيدا بتفاصيل كتابه ومطلع على سطوره. أمين حسن عمر رئيس وفد الحكومة لمفاوضات دارفور يعتقد أن ما يجري هو مجرد عبث تصدره الحركات لعدم رغبة منها في التوقيع أو تنفيذ خارطة الطريق التي وقعوا عليها، بل يرى الرجل أن الحركات لا تملك قرارا ولا جيشا على الأرض يمكنها من إكمال التفاوض وإعطاء مواقف حقيقية، مع ذلك يؤكد عدم وجود جدوى لأي جولة مفاوضات مقبلة ما لم تكن الأطراف -يعني الحركات- راغبة في التعامل مع الواقع وحقائقه. أدناه حوار قصير أجريناه معه على عجالة، والطائرة الإثيوبية الضخمة تنفث محركاتها في مطار أديس أبابا الدولي استعدادا للإقلاع في اتجاه الخرطوم عقب نهاية جولة لم تفض إلى شيء.
* الحركات تحملكم مسؤولية فشل الجولة؟
– ماذا كنت تتوقع منهم، هل كنت تتوقع أن تحمل نفسها فشل الجولة؟ هذا مجرد ادعاء ليست له قيمة، نحن بدأنا معهم بخمس نقاط فقط خلافية في النهاية جاءوا بخمس عشرة نقطة خلافية والدليل على هذا أنهم عابثون حتى بعد هذه النقاط مخالفة لخارطة الطريق، مثلا أن يتحدثوا عن الجبهة الثورية، ويعترضوا على الاجتماع الذي يضم الأطراف الوسيط المشترك وقطر وهذا مذكور في الخارطة وبتواقيت، وهذا دليل على أنهم حتى خارطة الطريق التي وقعوا عليها غير جادين في الالتزام بها.
* إلى ماذا تعزون ذلك هل لمؤثرات خارجية أم أنهم لا يقرأون حتى الخارطة التي بيدهم؟
– هم يقرأون وعارفون لكن غير راغبين في التوقيع في هذه المرحلة أو ربما غير راغبين في التوقيع على الإطلاق.
* وما هي الأسباب في تقديرك؟
– الأسباب أنهم لا يملكون أمرهم بأيديهم، هم في أيدي ناس آخرين يقررون عنهم، يتحدثون عن قوات هي ليست في أيديهم وإنما في الجنوب وفي ليبيا تحت إمرة المخابرات العسكرية التابعة لحفتر، لذلك كيف يقررون دون أن يؤذن لهم؟.
* هل صارحتموهم بذلك داخل غرف التفاوض؟
– ليس من طريقة التفاوض أن نقول الحقائق التي لا يحبها الطرف الآخر، ولكن هذا ليس سرا.
* لكنها حقائق؟
– نعم سنقولها للرأي العام ولكن ليس بالضرورة أن نبلغهم بذلك.
* هل صحيح أن مسودة الوساطة التي طرحتها إليكم في التفاوض مطابقة تماما مع موقفكم؟
– هذا ادعاء ما عنده قيمة، مواقفنا معلومة، بقت مطابقة متين في ساعات مثلا؟، قبل ساعتين مناوي قال هناك تقدم قبل ساعتين ياسر في التراك الثاني قال الجماعة ديل اتفقوا على كل القضايا ما عدا ثلاث قضايا، هم تراجعوا وبعدين إنتم صحفيين قارنوا بين هذا وذاك.
* هل تتفق معي أن ربط المسارين دارفور والمنطقتين في تزامن أثر على عملية التفاوض وحال دون توقيع أي اتفاق؟
– لا نعتقد أن أي طرف من الطرفين كان جادا في التوقيع، إذا كان في طرف جاد والآخر ينتظره فربما يكون هذا هو التفسير ولكن الطرفين أبديا عدم جديتهما في التوقيع، وهذه حجة فارغة ليست صحيحة الآن هناك وقف إطلاق النار معلن من الطرفين إذا لم يكن هناك وقف عدائيات معلنة من الطرفين كانوا سيقولون إن طرفا سينتهز هذه الفرصة لضرب طرف آخر، الحكومة ملتزمة بهذا والعالم شهد ذلك، ولكن هم على أي درجة؟ هل يلتزمون بما قالوا؟ وهذا ما سنراه.
* ضمن النقاط الخلافية حسب ما قاله جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة أنكم لا تعترفون بأسرى الحركات لديكم؟
– هم تحدثوا عن مساجين جاءوا إلى أم درمان قتلوا عدد من الناس عددهم ثلاثين قبضوا وحوكموا وسجنوا، هؤلاء مسجونون ليسوا أسرى الذين قبضوا في العمليات يمكن أن يسموهم أسرى لكن نحن لا نعتبرهم أسرى، لان الأسرى بين دولة وأخرى، أما هذا فشخص خرج عن قانون الدولة ونحن لا نعتبره أسيرا نحاكمه بالقانون لكن هذا لا يمنع التفاهم حول هذه المسألة إذا تقدموا إلى الأمام فقضية من يسمونهم بأسرى ليس موقعها وقف العدائيات، هو مجرد وقف إطلاق النار وهذه ترتيبات أمنية عسكرية تحدث عندما يأتي ميقاتها هم الآن يريدون أن يتقاضوا جوائز من دون أن يدفعوا أي ثمن، وهذا غير ممكن طبعا.
* نقطة أخرى: أنتم تريدون تحديد مواقع قوات الحركات بالإحداثيات وهم يرفضون هذه الخطوة ويعتبرونها نية مبيته من الحكومة؟
– رفضوا تحديد المواقع بالإحداثيات لأنه لا توجد لديهم قوات في دارفور.
* وهل حددوا نقاطا بعينها؟
– لم يحددوا أي نقاط، تحدثوا عن مساحة وعندما يطلب منهم تحديد حجم هذه المساحة لا يفعلون هم يريدون تحديد وقف عدائيات دون تحديد مكان وجودهم، طبعا هذا سيكون مستحيلا وحتى الوساطة لن تقبل لأنه سيكون مستحيلا التحقق منه لابد أن تحدد أين توجد حتى يتحقق من وجودك.
* وفقا لمعلومات فإن حركة العدل حددت موقعين في الاجتماع لكنها ذكرت لشركائها من الحركات ثلاثة مواقع؟
– لم يحددوا لنا أي موقع على الأرض، ولا يوجد لهم أي موقع.
* هم لا يريدون العودة إلى الدوحة؟
– طبعا نحن ملزمون وهذا ليس موقفنا، هذا موقف المجتمع الدولي لأن هناك اتفاقية موقعة ومعتمدة وأصبحت جزءا من الدستور إذا كانوا يريدوننا أن نلغي ما اتفقنا عليه ونبدأ من جديد.. هذا لا يمكن.
* لكن حجتهم أن تحديد المواقع بالإحداثيات مرحلة تأتي لاحقا أثناء الحديث عن وقف شامل لإطلاق النار وما تطلبونه أنتم الآن بدعة؟
– اسأل أي جنرال في الجيش إذا كانت هذه بدعة، وعندما تحدث جنرالات الاتحاد الأفريقي رفضوا هذا.
* وما هي المعالجة المناسبة لاستيعاب هذه الحركة؟
– المعالجة أن يلتزموا بالأمر الموضوع ويأتوا ويقبلوا أن يكونوا جزءا من السلام الموجود أما أن نصنع لهم سلاما وكأن لدينا قائمة طلبات يطلبون منها ما شاءوا.
* لكنهم قالوا بأنكم تريدون أن تجعلوا من اتفاقية الدوحة كأنها دفتر للزيارات يوقع عليه من أراد؟
– أولا الاتفاقية ساهموا في انجازها وعندما اكتملت أصدر ناس جبريل بيانا وافقوا فيه على الوثيقة أما مني فكان جزءا من الحكومة وعلى تيراو كان جزءا من وفدنا المفاوض، لا يستطيعون أن يقولوا نحن لسنا جزءا لو قال عبد الواحد ذلك فسنصدقه، لذلك أن يقولوا اتركوها ونبدأ من جديد فهذا غير مقبول.
* إذن كيف تكون البداية معهم؟
– يأتون ليناقشوا معنا كيف نستوعب قواتهم وكيف نستوعبهم سياسيا إذا كانت لهم انشغالات خارج هذه الوثيقة يريدون أن يتحدثوا عنها فسنستمتع إليهم، إذا كانت موضوعية يمكن أن نتفق عليها، أما أن نغير لهم ما اتفقنا عليه مع آخرين فهذا غير مقبول أصلا، طيب إذا وقعنا معهم اتفاقا وجاء عبد الواحد وقال الغوا هذا ونبدأ من جديد هل نفعل ذلك؟، هذا عبث وغير مقبول أصلا لا قانونيا ولا أدبيا ولا واقعيا ولا يوجد سبب يجعلنا نفعل هذا.. ما هو التهديد الذي يشكلونه لنا حتى نلغي لهم شراكتنا مع شركائنا الحقيقيين الموجودين حتى نبدأ معهم احتمال شراكة تكون أو لا تكون.
* يعني ذلك أن التفاوض يكون في الدوحة؟
– طبعا في الدوحة وهذا موجود في خارطة الطريق، وفي المسودة.
* لا توجد أي طريقة لخلق منبر آخر غير الدوحة؟
– لا.. نحن جئنا إلى أديس أبابا فقط لغرض واحد وهو وقف عدائيات.. الحوار في الدوحة على أساس وثيقة الدوحة، هذا أمر غير قابل لأن نغير فيه مواقفنا أبدا أما أن يكونوا قادرين على أن يتفهموا هذا ويتعاملوا معه أو فليعلموا ان ليس هناك فرصة لمراجعة هذا من طرف الحكومة، وهي ليست مواقف حكومة.. التفويض نفسه قائم على هذا وقرارات دولية وإقليمية تدعو لذلك، إذا كانوا راغبين في السلام فليتفهموا هذا وإذا كان الأمر غير ذلك فسيستمر الأمر على ما هو عليه.
* بناء على هذا هل ترى أي جدوى لجولة مقبلة بينكم والحركات المتمردة؟
– لا جدوى من أي مفاوضات إذا لم تكن الأطراف راغبة في التعامل مع الواقع على الأرض أولا والتعامل مع حقائق الموقف العام وواحدة منها أنك لا تستطيع أن توقف العدائيات دون أن تحدد مواقعك، هذا غير ممكن غير مقبول غير معقول، ولا تستطيع أن تلغي اتفاقية لتبدأ التفاوض لتعمل اتفاقية جديدة هذا غير مقبول أيضا.
* الحركات ترى في شرطكم بتحديد مواقع قواتها نية مبيتة للهجوم؟
– (ضحك).. أصلا إذا أردت أن تعمل وقف إطلاق نار فلابد أن تعرف من هذا ومن اللازم أن أحدد أنا أيضا مواقعي.. وهل هم عاجزون من أن يضربوا مواقعنا؟. أصلا فكرة وقف إطلاق النار قائمة على أن أعرف أنا مواقعك لأتحاشى ضربها ويعرف الطرف الآخر مواقعي، وهذا ليس سببا، والسبب انهم لا توجد لديهم قوات أو مناطق وهذا ليس سرا وأي شخص يعرف ذلك.
* لكن مني وجبريل اتهما الحكومة بقصف مواقعهم في دارفور أثناء المباحثات؟
– فليحددوا الاماكن التي قصفناها ويعطونا إحداثيات المناطق التي قصفت، ونحن نتكلم عن أرض خلاء ما فيها زول؟ اليوناميد موجودة والأمم المتحدة والدنيا كلها موجودة.
* هل المسار الآخر للتفاوض بقيادة ياسر عرمان أسهم في تعطيل اتفاق وشيك مع الحركات بعد تحديد النقاط الخمس؟
– في نهاية الأمر الذي يعنينا الموقف الذي تتخذه الحركات، ومن الذي أثر عليهم ومن الذي غير رأيهم هذا لا يعنينا، تعنينا مواقفهم التي تقدموا بها للوساطة.

اليوم التالي