نافع وبكاء بنات أورشليم..اا

نافع وبكاء بنات أورشليم..اا
ابراهام البينو

قبل أيام كنت قد ذكرت معلقا على ما يدور في الساحة السياسية حاليا بأن السودان بلد يتوقع فيه الفرد حدوث أي شيء وأنه الدولة الوحيدة التي تطبق لحد كبير مبدأ السياسة المشهور وهو مبدأ أن (الثابت في السياسة هو المتغير) وأذكر كان الكثيرون في بعض المواقع الإلكترونية قد طالبونا بتوضيح الأمثلة لحديثنا وذلك بعد تعبيرهم عن دهشتهم لما ذهبنا إليه؛ بل إنّ أحد أصدقائنا علق على ذلك الحديث زاعما بأن حديثنا هو دليل على إمكانية حدوث معجزة تصويت المواطن في الجنوب لصالح الوحدة الوطنية، وحينها تعمدت ألا اتطرق لهذا الموضوع لسبب سنعود له لاحقا، حيث اكتفيت بأمنية أن يقام الاستفتاء فى موعده باعتباره الأهم، وقد فعلت ذلك حقيقة لقناعتي بأن الواقع السياسي اليومي وخاصة في هذه الفترة الحالية كفيل بتوضيح أي التباس مهما تعقدت مسبباته، وقبل أن تنسى ذاكرة من سألوا مستغربين من حديثنا، فاجأه دكتور نافع على نافع القيادي الأبرز والأكثر تاثيرأ في حزب موتمر الوطني بعد( نيفاشا) الجميع وهو يبكي ويذرف الدموع بحجة أنّ وحدة السودان باتت في خطر، ويتواصل هذا المنوال بتنظيم أحد الأحزاب الراديكالية اليوم مسيرة تحت شعار (امنعوا جريمة الانفصال) وهو الحزب الذي ظل يتحدث بأن حق تقرير المصير حرام وأنه لا يوجد في القرآن ولا في السنة وعندما تحدثت عن إمكانية حدوث أي شيء كنت أقصد في الحقيقة الأشياء التي على شاكلة ما نسمعها ونقرأها حالياً فبربكم هل يعقل أن يفأجئ السيّد نافع المواطن السودانى بالبكاء حسرة على وحدة السودان، و هل يذرف الدموع حقيقة خوفاً على الوطن أم على البترول! وماذا يفيد السودان في البكاء إذا كان الرجل الذي يعتقد بأنّه الأكثر تأثيرا في الدولة يعجز عن إيجاد صيغة معقولة لوحدة الوطن ويأتى ليبكي أمام الحضور، والسؤال الأكثر دقة..هل يحق لدكتور نافع تحديداً البكاء على الوحدة الوطنية ؟
ألا يذكر بكاؤه بحديث سيدنا المسيح لبنات أورشليم المشهور. إن آخر ما نسب للسيد نافع علي نافع حول قضية الوحدة الوطنية كان حديثه المتشدد والذي وصف فيه الوحدة التي تحدث عنها الراحل جون قرنق حيث زعم أن تلك الوحدة أفضل منها الانفصال..!!
وهو حديث بعث حينه برسالة واضحة لمواطن في جنوب السودان بأنّ المجال لوحدة السودان على أسس عادلة غير متوفرة, وهذا الدليل فقط يوضح بأنّ السيّد نافع ليس من بين الذين يحق لهم البكاء على وحدة السودان, واستغرب من تأثّر الرجل لدرجة ذرف الدموع دون أن يجد من يسأله كيف يكون حاله على هذا النحو وهو من يفترض أن يتخذ القرار حول مستقبل السودان،
فالسودان حالياً في الحقيقة لا يحتاج لقيادات يبكونه, بل رجال يتخذون قرارات سياسية واضحة وعاقلة تراعي التكوين الموضوعي لحقائق الواقع الثقافي والاجتماعي في السودان، فما حدث طوال سنوات السودان الماضية لا يشجع للوحدة، ويكفى أنّ التعصب السياسي والتباين الثقافى الكبير في السودان وفشل من حكموا البلاد في إدارته, جعلت من الدولة السودانية واحدة من الدول النادرة التي تتميز بعجز سكانها الاحياء منهم والأموات في التواجد في إطار وحدة سلمية.
ألا يعلم السيّد نافع بأنّ الدولة التي يحكمونها حالياً يقسم فيه (مقابر) الموتى للمسلمين والمسيحيين, كيف يمكن للدولة التي تعجز في استيعاب من رحلوا في المقابر, إنّ توحد الأحياء دون حدوث تغيير جذري في المفاهيم هو تغيير يفترض أن تبتدر به قيادات الدولة كالدكتور نافع علي نافع، واعتقد من الضروري للقيادات التي تحكم حاليا أن يدركوا بأن ما يحدث في السودان هو نتاج سياساتهم وأن ما فعلوه خلال سنوات الماضية كانت نتيجته هي ما نراه أمامنا حالياً ولا داعي للبكاء, اللهم إلا إذا كان البكاء لدوافع أخرى بترولية.

اجراس الحرية