صفر

شمائل النور
بعد نحو (15) عاماً تعترف المُخابرات الأمريكية بعدم شرعية غزو العراق في العام 2003م، المخابرات فندت الوثيقة التي اعتمدها الرئيس الأمريكي ? وقتها ? جورج بوش، وأكدت أنّها وثيقة بلا قيمة.

في كتابه ?لحظات حاسمة? أقرّ الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش بكذبة العراق وقال في مذكراته في الكتاب إنّه ندم حينما لم يعثر على أيّة أسلحة دمار شامل.

العام 2015م كان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يعتذر علناً عن مُشاركة بريطانيا في حرب العراق، نعم بعد أكثر من عشر سنوات كانت بريطانيا تعتذر، هكذا ببساطة الكلمات.

ماذا بعد الاعتراف والاعتذار الذي يأتي بعد ما (راح كل شيء).

إذا كانت أحداث سبتمبر هيّأت لغزو الشرق الأوسط تحت الشعار البراق مُحاربة الإرهاب، ثُمّ أصبح بريقها يخفت شيئاً فشئيا، فثورات ما عُرف بالربيع العربي التي حولت المشهد إلى فوضى كاملة جعلت الطريق سالكاً للتدخل مع انفراط الأمن في دول استراتيجية بالمنطقة.. والنتيجة الآن أمامنا ما هو أشدّ من الإرهاب وأشدّ من أسلحة الدمار الشامل.. النتيجة الأكثر بُؤساً ما يجري في سوريا.

إذا كانت (أسلحة الدمار الشامل) مثّلت الذريعة لغزو العراق، فبعد ثورات الربيع العربي برزت أسلحة دمار أخرى تحت مُسمّى جديد (داعش)، ثُمّ مُسمّى آخر هناك في سوريا (كيماوي الأسد).

بعد سنوات سوف يكتبون مُذكّراتهم ويَعتذرون ويَعترفون، يَعتذرون عَمّا فعلوه هنا ويعترفون أنّهم فعلوه اعتماداً على معلومات خاطئة قيمتها تساوي صفراً.. ثم تبدأ ذريعة جديدة وحربٌ جديدة.

حسناً لماذا لا يُستفاد من تجربة العراق، لماذا لا يتورّعون من الدخول في ذات السيناريوهات العراقية.. بل الأجدى طرح السؤال، لماذا لا يستفيد العرب من هذا؟!

الواضح أنّ تَنظيم القاعدة وبعدما استنفد أغراضه، باتت الحاجة شديدة لذريعة أقوى، فكانت (داعش) واقعاً مسلّماً به إن كان حقيقياً أو مصنوعاً.. ثُمّ تحالفات ضخمة تحت اسم مُكافحة الإرهاب، تتبعها صفقات سلاح بمليارات الدولارات.. والحرب مُستمرةٌ والإرهاب مُستمرٌ وصرف المليارات لا يتوقّف.

الاعتراف الذي صَدَرَ أمس الأول من المُخابرات المركزية الأمريكية والذي أكّد بالدرجة الكاملة أنّ دخول الجيش الأمريكي للعراق كان يعتمد على وثيقةٍ بلا قيمةٍ، ينبغي أن يُحدث ردة فعل حقيقيّة تنعكس بصورةٍ عاجلةٍ في سوريا التي تعيش الآن سيناريو عراقي بامتياز.. لكن هل يحدث?؟!

التيار