مقالات وآراء

اللغة و القرآن و التاريخ (1)

(1)
هذه محاولة لإلقاء نظرة على اللغة بصورة عامة ثم اللغة العربية بصورة خاصة ، لتاتي بعد ذلك محاولة القاء نظرة لعلاقة اللغة العربية بالقرآن من حيث تطور كتابته و إلقاء نظرة على وجهة نظر المستشرقين الجدد و من يُطلق عليهم أيضا المؤرخون الجدد في العالم الإسلامي في تبنيهم لتصور جديد تماما لتاريخ الإسلام من حيث مكان نزوله (البتراء بدلا من مكة) ، و تبني جزء من الأخيرين لوجهة نظر أن القرآن وحده هو الذي يجب التمسك به و بالتالي لا إلزامية للسنة .
لتكن البداية بتناول اللغة بصورة عامة ثم اللغة العربية بصورة خاصة . بدأت اللغة مع بداية الوعي لحاجة الناس للتواصل و التفاهم ، و في حيز كالمتاح ليس من الممكن التعرض لنظريات نشوء اللغة .. كلها تقريبا تقوم على افتراضات (علمية) .. لكن من دراسات لمجتمعات منعزلة يمكن وضع تصور لتطور اللغة من الإشارة إلى الملفوظ و من التجسيد للتجريد . المشترك بين الدراسات هو أن اللغة نشأت و تطورت في سياق تطور المجتمع البشري ، طبعا احتاج الامر لتطور الدماغ و بالتالي الصوت و مخارجه ، استغرق ذلك زمنا مديدا منذ ظهور أشباه البشر (الاسترالوبيتكس) الذين يعتبرون أول من مشى على الأرض بقدمين (منذ ما قبل 4.2 مليون سنة) ثم ظهرت السلالات الشبيهة بالإنسان منذ حوالي 2.3 إلى 2.4 مليون سنة .. ظهر بعد ذلك ما يعرف بالانسان المنتصب (هومو اريكتوس) قبل حوالي 1.6 مليون سنة (انقرض قبل 140 الف سنة تقريبا) لياتي بعده إنسان هايدلبيرغ منذ نحو 350 ألف سنة ، تقريبا متزامنا معه ظهور انسان الهوموناليدي المكتشف في جنوب افريقيا الذي ظهر قبل حوالي 335 الف عام و انقرض قبل حوالي 236 الف عام أي عاش حوالي 100 ألف عام) .
ظهور الانسان العاقل (الهومو سابين) كان منذ حوالي 300 الف عام كما ثبت اخيرا من الجمجمة المكتشفة في المغرب و ليس قبل 195 ألف سنة كما كانت تدل المعطيات السابقة ، عاصر جنسنا الهومو اريكتوس قبل انقراضه . هناك انسان النياندرتال الذي توصل العلم إلى أنه لم ينقرض لكنه تزاوج مع الهوموسابين و ذلك من خلال فحص الحمض النووي (الدي ان اي).
من المهم ملاحظة أن الرؤية الآن لتسلسل أسلاف الإنسان الحالي ليست سلسلة من حلقات ، كل حلقة تتبعها أختها ، إنما عريشة بفروع متشابكة وأن هناك اجناسا متنوعين انقرضوا و بقي فقط جنسنا الحالي … بدأ الإنسان في تشييد مساكن خاصة به بدل الكهوف قبل أكثر قليلا من ثلاثين ألف سنة ، و بدأ في إقامة المستوطنات الجماعية في السهول بداية الألفية التاسعة قبل الميلاد و اكتشف الزراعة و دجن الحيوان . هذا التاريخ تدل عليه الأحافير من مخلفات الإنسان و تشمل الآلات و الأدوات و الكهوف و مساكن و منحوتات و رسومات و بقاياه من جماجم و عظام …الخ .
من علم الآثار و تتبع تطور الجمجمة البشرية و استخدام علم التشريح لوحظ أنه بمرور مئات آلاف السنين تزايد حجم الدماغ من نحو 700 سم مكعب ليصل في الإنسان العاقل لنحو 1300 سم مكعب و لم يكن من الممكن نشوء اللغة لولا ذلك … (من المثير اكتشاف العلماء أن أدمغة جنسنا ظلت تنمو لتصبح اكبر من ادمغتنا قبل 40 الف عام ثم صغرت لتصل لحجمها الحالي ، مما جعل العلماء يتساءلون : هل كانت تلك الاجيال أكثر ذكاء من جنسنا الحالي؟)
تشير الأدلة التاريخية وأدلة أخرى كثيرة إلى أن أكثر النظريات قبولا لوقت نشوء اللغة كان قريبا من سنة 200 ألف ق . م . ابان العصر الحجري القديم ، لكن هناك نظريات أخرى … طبعا كما سلف القول إن تفسير نشوئها يحتاج لحيز آخر.
زين العابدين حسن
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..