من الذي طالبكم ببديل ؟؟؟

عجيب هو امر أهل المؤتمر الوطنى حين يتحدث الناس عن التغيير الحتمى الذي تقتضيه الضرورة ، اذا لا تغيير بلا حاجة الى ذلك ، فسنة الحياة تداول السلطة منذ أن خلق الله الارض ، ومحير أمر هؤلاء القوم الذين يربطون الوطن والدولة السودانية ببقائهم فى الحكم بلا بديل ، حتى وإن اثبتت تجربتهم فى الحكم فشلا ذريعا طيلة وجودهم على رأس الدولة ، فالسؤال عن بديل للبشير لا اظن ان الرئيس نفسه موقن بعدم وجود بديل له من رحم الشعب السودانى الذي خرج هو من جوفه مزارعا ووقف على سقالة بنيانه طلبة واجاد حليب بقره كما قال ، فالمؤسسة العسكرية التى انجبته لم تغلق بعد ان اردنا حكما عسكريا كما البنيان لم يتوقف بمجرد نزوله من السقالة ولا ضرع الابقار قد جف بتوقفه عن الحليب.

فالمؤتمر الوطنى الذي عجز عن تقديم بديل للبشير يريد ان يسقط عجزه هذا على كل الشعب السودانى ويشكك فى ايجاد بديل للبشير بعد ان اقتنعوا تماما انهم كحزب أفشل من ان يؤسسوا لحكم رشيد لوطن يستحق ان يكون انموزجا بين العالمين خفاق العلم.

فالشاهد فى الامر ان الحالة النفسية للمؤتمر الوطنى، جراء فشله البائن فى حكم البلاد بما يحقق الاستقرار جعلت العقل الباطنى يعمل على استحالة ايجاد بديل للرئيس البشير ، وفات عليهم ان الدول لايبنيها الافراد بل البرنامج والمؤسسية الغائبة داخل حزبهم الذي عجز عن تقديم رجال يستطيعون ان يقودوا الامة ، بمنهجية يغلب عليها الفكر العميق فى التعامل مع المتغيرات من حولنا ، فللأسف حتى اليوم لابرنامج واضح ولا بارقة أمل يمكن ان يتمسك بها الشعب فى ظل حالة الجدب والفقر المقدع الذي تعانيه البلاد وتدهور وضعها الاقتصادى من سئ لاسوأ ، مما ادى للانهيار الاقتصادى الذي نحن فيه ، فبعد ان اغلق الدائنين خزائنهم فى وجهنا ، واصبح التسول السمة المميزة للسودان ، دون وجود انتاج حقيقى يمكن ان يسهم فى وقف نزيف الديون المضاعفة ، والمنطق يقول أن من يستدين ولا ينتج لا اظن ان وضعه سيتحسن بل يسير نحو الهاوية.

وطالما كان الحديث عن بديل فليطمئن اهل المؤتمر الوطنى وليناموا ملء جفونهم عن شوارها والمرجفين ان البديل لن يكون منهم فالشعب لن يطالبهم بتسمية بديل للبشير اذا ما تنحى ، اذ لاداعى لانزعاجهم من عدم وجود بديل طالما لن يكون منهم ، لان حزبهم ظل طوال عمره مراهنا على وجود الرئيس فى السلطة وبقاء الحزب ظل مربوطا ببقاء البشير رئيسا فقط ، والذي بذهابه سينكشف حال الحزب وتظهر عضويته على حقيقتها ، ولن يستطيع ان يصارع احدث الاحزاب واقلها عضوية اذا ماذهب البشير وجاءت ديمقراطية حقيقية.

وعقلاء المؤتمر الوطنى يعلمون جيدا أن بقاء الحزب كما أسلفت فى بقاء الرئيس البشير على رأس السلطة ومجرد تفكيره فى التقاعد يعنى زوال الحزب بكل سلطته وجبروته وخيله وخيلائه ، لأن الرباط بين عضويته لم يكن برنامجا طموحا مرتبط بثوابت متينة ورؤية فلسفية عميقة بعد ان غادره معظم مفكريه وعرابيه الذين كانوا يفكرون ويخططون ويستخدمون من هم الان على رأس الخدمة اليوم كأدوات ليس الا ، وهو ما يظهر من خلال المطبات الخشنة اذ تفقد خطاباتهم اى منهجية وعلمية تقنع المواطن بأن مايتخذوه من قرارات صحيح بالحجة والمنطق، بل بالاستعلاء والاستفزاز والوعيد والتهديد من قصة البيتزا وقسمة الصابونة والقميص الواحد حتى عصر الزيت ، مستخدمين نفس الخطاب العاطفى الذي كان يلهب حماس الشباب فى اول سنوات الانقاذ ، بالجهاد والاستشهاد ووصف معارضيهم بالعملاء والخونة والشيوعيين ، ولا يدرون ان مياه كثيرة قد مرت تحت الجسر فالشباب لم يعد هو الشباب ولا الزمان هو ذاك الزمان حين كان الوطن مليون ميل مربع.

فشباب اليوم لم يحضروا برنامج فى ساحات الفداء ولا يعرفوا معنى عميل او خائن او شيوعى لانها بضاعة مرتبطة بمن لا قضية له لن تجد مشتريا فى سوق من يبحث عن الدواء ومن يكابد من اجل توفير رسوم دراسية حرمه عدم الحصول عليها من اللحاق بانداده فى قاعات الدرس، فالانهيار الاقتصادى غير الكثير من المفاهيم لدى الشعب الذي ظل يبحث عن دولة المؤسسات لا دولة الشخوص ، فعجز المؤتمر الوطنى عن تجهيز بديل للبشير حالة حدوث اى طارئ ، لا يعنى ان نغلق الوطن لعدم قدرتنا على ترشيح من يقودنا ، فالوطن اكبر من ان يرتهن لحزب واحد ، اذا عجز مات الوطن ! وينتهى العزاء بانتهاء مراسم الدفن.

فعلى الاخوة فى المؤتمر الوطنى ان يكونوا اكثر تعقلا بعدم ربط استقرار البلد ببقائهم فى سلطة فشلوا فى اقناع حتى مؤيديهم بانهم قادرين على الاستمرار فيها بما يحفظ للوطن كرامته ويجنبه الشتات والتفرق ، فسكوت المواطن لايعنى انه مبصم بالعشرة على الوضع الراهن ، بل حالة من الاحباط تجعله زاهدا فى كل شئ حتى حقه فى الحياة لن يكون حريصا عليه طالما فشل فى توفير ثمن علاج ابنه او تعليم بنته او حتى توفير لقمة طعام يسد بها رمق كهل اقعدته السنين، فالوطن ليس متجر صغير فى طرف قرية يغلق اذا مرض صاحبه او مات ، بل مزرعة كبيرة يجب ان تترك الى من يجيد فن غرس زرعها حتى الاثمار، لتعود فائدتها على الجميع.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..