طيّارة صقّوع

طيّارة صقّوع

سيد محمود الحاج
[email][email protected][/email]

أمام عسر الحال وضيق ذات اليد وقبل إنتشار ظاهرة التنقيب عن الذهب التي تسود الساحة الآن كان أن إنتشرت في بوادينا الكالحة ظاهرة بيع الأراضي حيث كان الخلاء الذي لم تطمثه طورية اوسلوكة زارعٍ عاملاً مغرياً للشباب الذي أوصدت أمامه كافة أبواب العمل فمضوا يسابق بعضهم بعضاً في حيازة الصقائع (جمع صقيعة وجمعها عند أهل العوض صقّوع) وتسجيلها بأسمائهم مخافة ان يسطو عليها ذئب من ذئاب النظام فيستحل بيعها لمستثمر أجنبي كما فعل (شريفهم ) من قبل. ونتج عن هذه الظاهرة إنتعاش في جيوب نفر من هؤلاء الصبية فمنهم من بادر بإكمال نصف دينه ومنهم من رأى ان يحقق حلم حياته بإمتلاك سيارة أيّاً كان شكلها او عمرها .. المهم ان تسير على أربع عجلات فشارع الإسفلت الذي شُق مؤخّرا سيحمل عن هذه السيارات عبئاً كبيراً كان يمكن ان يعيق حركتها في عدم وجوده .. فاكتظ الشارع بالعديد من السيارات من موديلات الستينات وربما من قبل ذلك فأسعارها لاتتجاوز المليون او المليونين ومعظمها من سيارت التاكسي القديمة من طراز فيات وموسكوفيتش وهيلمان وهنتر وبرلينا وغيرها من تلك التي أصبحت قطع غيارها (توليف) فاستمرت تجوب الشوارع إلى ان تساقطت أجزاؤها قطعة فأخرى وأقتنع أصحابها بأن لا جدوى من إعادتها إلى الحياة مرة أخرى . في غمرة تلك الحُمّى قال أحد الصبية ساخراً وهو يخاطب شقيقه الأكبر الذي كان قد حصل على رخصة طيران دون أن يحصل على فرصة عمل:” يازول ولا يهمك..بكرة ببيع القطعتين وبشتري ليك طيّارة صقوع تشتغل بيها مشاوير “!!. وكأني بآخرين قد سرقوا فكرة هذا الصبي فعدّلوا عن سرقة الأراضي وبيعها للمستثمر الأجنبي لسرقة الأفكار ووضعها
موضع التنفيذ فتكالبوا على حظائر الخُرَد في مدن العالم لشراء طائرات (صقّوع) أكل الدهر عليها وشرب منها ما إنتهت صلاحيتها ومنها مالم تعد تتوفر لها قطع غيار وجميعها تنقصها أجهزة الملاحة الحديثة والتجهيزات اللازمة للتعامل مع الطائرات والمطارات العصرية.. وفي غياب الرقابة المسؤولة وتصريح المدير العام للطيران المدني بأن ليس للطائرات عمر محدّد طالما بقيت خاضعة للصيانة وطالما ان معظم أصحاب شركات الطيران الخاصة من الجماعة إياهم ولا الضّالين فإن الطائرات (الصقّوع) سوف تظلل سماواتنا وتظل كذلك إلى ان يشبع اصحابها او أن تشبع الأرض من حطامها و أشلاء من عليها فالأجواء مفتوحة والقانون طوع بنانهم .

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..