اتهامات لشركات النفط بالتورط في جرائم حرب في السودان..الأمر يتعلق بأعمال قتل واغتصاب وتعذيب وحرق وتفجير تعسفي للمنازل سواء بالطائرات العمودية أو بالطائرات الحربية

اتهمت منظمة إنسانية دولية مقرها في هولندا مجموعة من الشركات النفطية العالمية بالتورط في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في السودان.
خلصت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) الى أن عائدات النفط في السودان مكنت حكومة الخرطوم من تعزيز أسطولها الحربي من الطائرات العمودية (هيلكوبتر) باثنتي عشرة قطعة جديدة في عام 2001، حيث تم استخدام تلك الطائرات في هجمات تهدف إلى إجبار السكان على النزوح من المناطق الغنية بالنفط. وكان الهدف من ذلك تمكين الشركات النفطية متعددة الجنسية من استغلال النفط في تلك المناطق.
وفي تقرير حمل عنوان "الدين المستحق" كشفت منظمة "التحالف الأوربي من أجل النفط في السودان" (إيكوس) تفاصيل جرائم نفذت في إطار حملة عسكرية قادتها حكومة الخرطوم لتأمين المناطق التي تقع فيها حقول النفط تلك.
ويقول منسق منظمة ايكوس المذكورة ايخبرت واسيلينك:
"أن تكون متواطئاً في جرائم يعني أنك دعمت تنفيذ تلك الجرائم دعما كبيرا. نحن نعتقد أن هناك أسبابا وجيهة للاعتقاد بأنهم فعلوا ذلك. فعلى سبيل المثال قامت شركة لاندين السويدية للنفط بشق طريق استخدمته القوات السودانية للتوغل أكثر إلى المناطق الجنوبية، أي إلى مناطق لم يكن لها أن تدخلها من قبل، والنتيجة أن الهجمات في تلك المناطق أدت إلى تشريد السكان عن أراضيهم."
وتقدر منظمة إيكوس أن نحو اثني عشر ألف شخص قتلوا في الهجمات، وأن مائة وستين ألفا آخرين تم تشريدهم من مناطق الامتيازات التي تحتوي على حقول نفطية وتعرف باسم "كتلة 5أ". "الأمر يتعلق هنا بأعمال قتل واغتصاب وتعذيب وحرق وتفجير تعسفي للمنازل سواء بالطائرات العمودية أو بالطائرات الحربية من ارتفاع كبير، وتم بذلك إرغام الناس على النزوح إلى مناطق غير صالحة للعيش، حيث لقي الكثير منهم حتفه بسبب الجوع والمرض" على حد قول ويسلينك، منسق المنظمة.
الهجمات ضد المساعدات الغذائية
في شهر شباط- فبراير من عام 2002 مثلا قامت إحدى طائرات الهيلكوبتر السودانية بالإغارة على مركز لتوزيع الغذاء في منطقة أبيي الغنية بالنفط في السودان. جيمس نيراو شاهد بعينيه كيف وقع ذلك الهجوم حينما كان آلاف من السكان ينتظرون الحصول على المساعدات الغذائية من وكالة البرنامج العالمي للغذاء التابعة للأمم المتحدة: "بطريقة مفاجئة ظهرت إحدى طائرة هليكوبتر من إحدى الجهات" يصف جيمس "والأشخاص من مجموعتنا ممن يعرفون هذا النوع من الطائرات اخبروا الأهالي وطلبوا منهم الفرار بسرعة لأننا كنا نعرف أنها لم تكن من طائرات الإغاثة، لقد كانت طائرة متوجهة لقتلنا."
جيمس نيراو يقول إن المدنيين فروا هاربين إلى الملاجئ القريبة، في الوقت الذي أطلقت الطائرة المذكورة خمسة صواريخ قتل على أثرها سبعة عشر شخصا حسب حصيلة لهيئة الأمم المتحدة. ويقول نيراو رئيس لجنة مساعدة أفريقيا إن الهجوم على مركز لتوزيع الغذاء كان جزءا من مخطط منظم من طرف القوات المسلحة السودانية لتطهير مناطق الحقول النفطية لتتمكن الشركات النفطية العالمية من استغلالها.
المساعدة المباشرة للميليشيات
ويخص ويسلينك شركة لاندين كونسورتيوم بالنقد، قائلا أن هذه الشركة قد تكون أمدّت الميليشيات بطريقة مباشرة بالأسلحة التي استعملت للهجوم على السكان. وتخضع الشركة المذكورة للتحقيق من طرف الأجهزة القضاء في السويد.
"نحن نعتقد أن لاندين كونسورتيوم قامت بتوظيف شخص قد يكون من جنسية سودانية كان ضابطا سابقا في الجيش السوداني وذا خلفية أمنية، ولدينا أسباب للاعتقاد أنه خدم في اللجنة الأمنية الخاصة المكلفة بالحرب في مناطق الحقول النفطية."
ويضيف قائلا "انه من مصلحة الشركات النفطية أن تتصالح مع سكان مناطق حقول النفط من خلال تقديم التعويضات التي تساهم مستقبلا في تنميتها."
"لا أعتقد أنه بامكانهم فعل المزيد، فالجرائم بلغت حدا كبيرا، لكننا نوجه النداء إلى الحكومة السويدية والى الدول الضامنة لاتفاق السلام الشامل في السودان الذي يضمن حقوقا وتعويضات للسكان المتضررين من عقود النفط المبرمة، فاتفاق السلام الشامل لم ينفذ بعد ونأمل من المجتمع الدولي أن يتخذ المبادرة لضمان أن يتم تقديم التعويضات اللازمة للسكان. وما يمكن للشركات النفطية أن تفعله هو أن تفتح سجلاتها وتسمح للمحققين بالاطلاع عليها وأن تعرب عن إرادتها في التصالح مع السكان الأصليين، وأن يدفعوا لهم ما يستحقون من تعويضات."
المساهمة في صنع السلام
ولم تصدر عن شركتي لاندين السويدية وشركة بيتروناس الماليزية أي رد فعل على ما ذكر حول هذه الاتهامات. وفي رسائل مفتوحة لرئيس مجموعة لاندين، رفض هذا الأخير رفضا قاطعا تلك الاتهامات التي أوردها تقرير المنظمة الأوربية للتحالف من أجل النفط أيكوس قائلا "ان النشاطات التي تقوم بها شركته تساهم في صنع السلام والتنمية في السودان."
ومن جهته، قال متحدث باسم مجموعة أو.أم.في النمساوية للطاقة إن شركته "أوفت بكل التزاماتها ومسؤولياتها الاجتماعية في السودان."
تقرير: مايلز أشداون ومارايكه بيترز-
إذاعة هولندا العالمية/