السودان ومأزق التحكيم الدولي

إن كان التكرار يجدي فيشهد الله الذي لا إله إلا هو إن أهل السودان لم يقصروا في التأكيد بأن حلايب سودانية حتى تحولت التأكيدات المتلاحقة ما بدى وكأن القوم يعيدون اكتشاف العجلة ..ولكن ثم ماذا بعد كما يقول هيكل ؟ فعلامة الاستفهام لازالت منصوبة حائرة في سماء السياسة السودانية دون إجابة وهي ماذا يملك السودان من قوة ومن رباط الخيل لاستردادها طالما بات الجميع على قناعة تامة بأن كل الجهود الرسمية والشعبية انتهت الى طريق مسدود وان العلاقات الأزلية والمصالح التاريخية المشتركة تأكدت إنها خيالا للمآتي , ولكن لأن نظرية ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ليست ضمن الخيارات المطروحة كما يؤكد الطرفان وهذه ربما تعتبر محمدة إلا إن اللافت للنظر في القضية إن الخيارات الأخرى ومنها اللجوء الى القانون الدولي هي قضية شائكة أكثر تعقيداً إذ إن محكمة التحكيم الدولية لا تنظر في أي نزاع إلا بموافقة الطرفين وموقف مصر هنا معلن سلفا وقد أكدته أكثر من مرة وهو ليس رفض عرض القضية الى التحكيم فحسب بل الرفض التام والقاطع حتى لمبدأ التفاوض.
(2)
الذي يستوقف هنا إنه حتى لو وافقت مصر على التحكيم الدولي فإن الفتاوى الصادرة من محكمة العدل الدولية التي تعتبر ارفع محكمة في العالم تعرض أمامها أكثر القضايا الدولية صعوبة وتعقيدا بين الدول المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة ..أقول رغم كل هذا فإن فتاويها وقراراتها غير ملزمة النفاد من قبل الدول التي صدرت ضدها هذه الأحكام وذلك لانعدام السلطة التنفيذية العالمية القادرة على فرض التنفيذ بالقوة الإجبارية المادية .دليلنا على ذلك إن المحكمة سبق أن قضت أن جدار الفصل الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ينتهك القانون الدولي ومن ثم دعت الى إزالته وتعويض الفلسطينيين المتضررين من بنائه وعليه طالبت إسرائيل بوقف عمليات البناء وتقديم التعويضات المستحقة لأهل الأرض ولكن إسرائيل لم تلتزم .
(3)
أيضا ففي قضية نيكاراجوا (أمريكا الوسطى) أصدرت المحكمة في 27 يونيو 1986 حكما يدين عدوان الولايات المتحدة على نيكاراجوا وتسليحها للمعارضة المسلحة وتلغيمها شواطئ نيكاراجوا وموانيها ومطاراتها مما خلف 29 ألف قتيل إضافة الى تدمير البلاد ولذلك اعتبرت المحكمة إن تدخل الولايات المتحدة أمر غير شرعي لكونه يمس ويتعارض لقاعدتين أساسيتين هما التدخل في الشؤون الداخلية للدول فضلا عن استخدام القوة في العلاقات الدولية ومن ثم طالبت المحكمة الحكومة الأمريكية بدفع تعويضات لنيكاراجوا إلا إن واشنطون رفضت تطبيق الحكم وظلت متشبثة بأطروحاتها القائلة بأن تدخلها في نيكاراجوا يدخل ضمن مبدأ الدفاع عن النفس نيابة عن حكومة السلفادور بسبب قيام حكومة نيكاراجوا بتسليح قوى المعارضة المسلحة في السلفادور علما بأن أمريكا تتعامل مع قرارات المحكمة بوجهين فهي تعترف فقط بما تقبله من قرارات وتتحلل بما لا تقبله .ففي قضية نيكاراجوا شككت في ذمة ونزاهة القضاة وامتنعت عن تقديم أدلة حساسة بسبب زعمها وجود قضاة في المحكمة ينتمون الى دول الكتلة الشرقية .والأمر هنا ينسحب أيضا الى قضية بادمي الحدودية والتي هي محل نزاع بين اريتريا وإثيوبيا فقد أصدرت المحكمة قرارا ولكن لازال كلا الطرفين متمسكان بأحقية موقفهما مما حدى بمجلس الأمن حشد قوات على الحدود خوفا من تكرر الاشتباكات المسلحة .
(4)
الآن طرأت مستجدات جديدة تهدد بمزيد من التصدعات في جسد التفاهمات والعمل المشترك بين مصر والسودان على قلته بعد إن تسربت مياه سد النهضة الى صلب الأزمة ففي مواجهة تصريحات نارية للرئيس السيسي بأن المياه هى مسألة موت أو حياة بالنسبة لمصر وإنها لن تقبل بأي مساس بحصتها مهما كانت النتائج فجر وزير الخارجية غندور مفاجأة من العيار الثقيل بتصريح يجسد مدى التدهور الذي طرأ على العلاقات والهاوية التي تتجه إليها يقول فيه إن مصر ظلت ومنذ الأزل تستدين من حصة السودان من مياه النيل وآن الأوان أن يتوقف الدائن.
(5)
رغم صعوبة التكهن بالمآلات التي سينتهي عليها الحال فقد بدأ واضحاً إن حلايب تحولت الى مشروع للمقايضات بدأه السودان بتهدئة اللعب خوفا من أن تستثمر مصر التشدد بمنح ملاذات آمنة للمعارضة السودانية لممارسة أنشطتها ..الآن جاء الدور على مصر التي كانت ولازالت تعول على السودان في دعم موقفها من مشروع سد النهضة مقابل تخفيف موقفها من مثلث حلايب رغم إن إثيوبيا استكملت أكثر من 60% من البنية التحتية للمشروع.
(6)
الأبواب الآن مشرعة على كل الاحتمالات إذ إن خيار المواجهة مقروءاً بطلب السودان إنشاء قاعدة روسية وتصريحات البشير وآخرها في مروي بضرورة تزويد الجيش السوداني بأسلحة متطورة جوا وبحرا لدرأ الطامعين على حد قوله بدأ يزاحم الخيارات الأخرى .الصورة قاتمة وتعتبر بكل المقاييس كارثة يندفع الى هاويتها بلدين فيهما ما يكفيهما تتحمل الوزر وحدها حكومة السيسي التي لن تكسب شيئا من التعنت وركوب الرأس سوى التورط في خطأ مروع سيفقدها السودان بموارده وإمكانياته وثرواته وهي تواجه بصدر مكشوف قضايا الانفجار السكاني وتدني العون الخارجي وتدهور الوضع الاقتصادي في زمن أصبح فيه الغذاء مشكلة العالم أجمع .
حسن ابوزينب عمر
[email][email protected][/email]
السيسى يعرف مصلحة بلاده تماما ويخطط لما هو اسوا فى القادم من الايام ويستعد استعداد تاما لكل الاحتمالات ويبدو ان السودان بدا السيسى فى حذفها من اهتماماته لانه لافائدة منها طالما ان يحكمها الكيزان الارهابيون وهو يعد العدة للمواجهة ان اتت او فرضت وما يشجعه عليها هو التحسن الملحوظ فى الاقتصاد المصرى واكتشافات الغاز التى بدات تنهال على مصر وتدخل شبكتها القومية .ومما يجعل مصر تلفظ السودان قليلا هو التعود على خفض التجارة بين البلدين رويدا رويدا مما يجعل مصر تلغى السودان بصفة شبه نهائية من حساباتها وبالتالى تستطيع ان تاخذ مواقفا اكثر تشددا ضد السودان ان استدعت الضرورة ومهما اوتى السودان من قوة باسجلاب طائرات او اسلحة حديثة فلن يبلغ ذلك مقدار ما تملكه مصر من عدد وعتاد وان فكرت السودان واخطات فى التهور فسيكون ثمن ذلك احتلال السودان بالكامل وموت ياحمار على مايجيلك العليق انتهىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى فوق ياكوز منك ليه
السيسى يعرف مصلحة بلاده تماما ويخطط لما هو اسوا فى القادم من الايام ويستعد استعداد تاما لكل الاحتمالات ويبدو ان السودان بدا السيسى فى حذفها من اهتماماته لانه لافائدة منها طالما ان يحكمها الكيزان الارهابيون وهو يعد العدة للمواجهة ان اتت او فرضت وما يشجعه عليها هو التحسن الملحوظ فى الاقتصاد المصرى واكتشافات الغاز التى بدات تنهال على مصر وتدخل شبكتها القومية .ومما يجعل مصر تلفظ السودان قليلا هو التعود على خفض التجارة بين البلدين رويدا رويدا مما يجعل مصر تلغى السودان بصفة شبه نهائية من حساباتها وبالتالى تستطيع ان تاخذ مواقفا اكثر تشددا ضد السودان ان استدعت الضرورة ومهما اوتى السودان من قوة باسجلاب طائرات او اسلحة حديثة فلن يبلغ ذلك مقدار ما تملكه مصر من عدد وعتاد وان فكرت السودان واخطات فى التهور فسيكون ثمن ذلك احتلال السودان بالكامل وموت ياحمار على مايجيلك العليق انتهىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى فوق ياكوز منك ليه