الأطباء.. الحيطة القصيرة

بسم الله الرحمن الرحيم

تقول الطرفة إنّ أحدهم كان يحكي لصديقه أنّ ابنه تخرج في الجامعة وتمّ توظيفه ولكنه ورغم هذا مازال يأخذ منه المصاريف وحَق الفطور والمُواصلات….؟
فأجابه صديقه (ليه ابنك ده شغال دكتور واللاّ شنو ؟؟؟).

الطرفة تلخص وباختصار الأوضاع المادية السيئة التي يعيشها الأطباء في السودان…… ورغماً عن هذا يلوكون الصبر وهُم يعملون ؛ ورغم هذا تجد غَالبية الأسر دائماً ما تطلب من أبنائها أن يصبحوا أطباءً، بمعنى السودان كلو عاوز يكون إما طبيب أو مُهندس …!!

ولكن الشاهد الآن أنّ مهنة الطب أصبحت طاردة وغير مرغوب فيها وهذا ليس بسبب تردي البيئة التي يعمل فيها الأطباء ولا بسبب قلة الموارد والإمكانيات ولا بسبب ضعف الرواتب؛ ولكنه بسبب الاعتداءات المُستمرة التي ظلّ يتعرّض لها الأطباء وباستمرار من قبل بعض المُواطنين أو القوات النظامية في الفترة الأخيرة.

بَعض المُواطنين لا يتفهّمون الوضع السيئ الذي يعمل فيه الأطباء، ولا يتفهمون أيضاً الوضع الصحي لمريضهم، وكثيرون لا يؤمنون بأنّ الموت حقُ، وآخرون يعتقدون أن السبب الأول لوفاة مريضهم هو الطبيب وليس تفاقم المرض ، أو البطء في إسعافه من قبل أهله أنفسهم ، أو فقر المُستشفيات وضعف الموارد وخلو أقسام الطوارئ من الإسعافات المطلوبة .

المُؤسّسات الصحية نفسها في السودان تفتقد للسلم الطبي والذي يكون فيه تدرج المَرتبة مُتزامناً مع تدرج الخبرة نفسها فاختل النظام الذي كان يبدأ من طبيب الامتياز الذي يستمد خبرته العملية من الطبيب العمومي، والطبيب العمومي والذي يستمد خبرته العملية من النائب والنائب الـ(júnior) نفسه والذي يعمل تحت إشراف نائب سينير (قديم أوشك على الانتهاء من فترة التدريب) والذي بدوره يعمل تحت إشراف مباشر للأخصائي كل هذه المجموعة أو المنظومة تعمل تحت إشراف الاستشاري …….الآن ما يحدث في المُستشفيات لا علاقة له بهذه المنظومة لا من قريب ولا من بعيد .

لذلك مع كل هذا الضعف في المنظومة وغياب الكوادر والخبرات بعامل الهجرة يصبح التردي في البيئة الصحية وضعاً طبيعياً يتزامن مع التردي العام .

إنّ المواطنين يحتاجون للنظر إلى مرضاهم بنظرة واقعية بعيداً عن العواطف، ويحتاج الأطباء أيضاً لتوضيح الحالة الصحية للمريض وتمليك ذويه المعلومة بكل شَفافية وبلغة مُناسبة بعيداً عن المصطلحات الطبية الكبيرة .

مَا حَدَثَ من اعتداءٍ على الأطباء في أبو حمد من قبل منسوبي بعض القوات النظامية ينبغي أن لا يمر مُرور الكرام… احفظوا للأطباء مكانتهم حتى لا نفتقد بعد قليل لمن يمسح عنا أوجاعنا ويضمد جراحنا، يكفي الأطباء الظروف السيئة التي يعملون فيها.!

خارج السور :

ضرب الأطباء لا يُحيي الموتى.

*نقلا عن التيار

تعليق واحد

  1. مقال ممتاز و فيه عقل واعى لكن لن تجدى من يسمعك و العيب يكمن ايضا فى عدم تدريس مواد patient care و patient comnication skill فقديما يحاسب الطالب حتى على كيف يتواصل مع مريضه و لكن فى النهاية سوف لن نجد طبيب يستطيع ان يعمل فى ظروف ارهابية

  2. مشكلة دكاترة المشروع الحضارى ماعندهم clinical sense
    كذلك مشكلة صحفيى المشروع الحضارى ماعندهم حدس صحفى

    الحال من بعضو ياختى
    لذلك…… بقا عاااادى نسمع بعلقات الصحفيين وعلقات الاطباء

  3. عندما كنت صغيراً سمعت بمقولة السم في الدسم ولم أفهم منها إلا المعني اللفظي حيث يمثل ال سم جزء من كلمة الدسم ، وبعد أن قرأت مقالك توقفت عند الجملة التالية
    [ وغياب الكوادر والخبرات بعامل الهجرة يصبح التردي في البيئة الصحية وضعاً طبيعياً يتزامن مع التردي العام .]
    فوجدتك تضعين مبرراً لضرب الطبيب لأنه ينقص خبرة بسبب الذين هاجروا ولم يقوموا بتدريب بتدريبه ؟؟؟؟؟ فعلمت المعني المعنوي لتلك الجملة .
    يا سهير إن من الحرف ما قتل ومن الجهل ما قتل فإذا إجمع الإثنان صارا أشد قتلاً !!!!
    هجرة الأطباء لم تكن يوماً سبباً في تردي الخدمات الطبية ولكن تردي الخدمات الطبية هي التي تؤدي لهجرة الأطباء !!!! صعبة عليك شوية ؟؟؟
    نشرحها ليك ،عندما تخصص الحكومة ٢ في المائة من الميزانية للصحة و تكون الميزانية بها عجز فيصبح نصيب الصحة في الميزانية بالسالب وتكون النتيجة موت .
    يا سهير إنتفاضة أبريل قام بها الأطباء ولذلك أصبح ضرب الأطباء ممنهج في سياسة الإنقاذ وإلا بماذا تفسرين تواجد سته من القوات النظامية مع جثة طفل أحضرت للمستشفي ؟؟؟؟؟؟

  4. مقال في غاية الروعة ويبدو واضحا ان الكاتبة لديها ألمام كامل بما يدور في الصحة . فقط أضيف بان الحكومة سعيدة بتحميل المواطنين للأطباء عواقب سوء الخدمات الصحية . بؤس الخدمات الصحية ليست مسؤولية الطبيب، الطبيب يحاسب علي أخطائه الطبية وهي تحتاج الي مختصين لاكتشافها بينما فقر المرافق الصحية واضح لكل عيان .

  5. مقال ممتاز و فيه عقل واعى لكن لن تجدى من يسمعك و العيب يكمن ايضا فى عدم تدريس مواد patient care و patient comnication skill فقديما يحاسب الطالب حتى على كيف يتواصل مع مريضه و لكن فى النهاية سوف لن نجد طبيب يستطيع ان يعمل فى ظروف ارهابية

  6. مشكلة دكاترة المشروع الحضارى ماعندهم clinical sense
    كذلك مشكلة صحفيى المشروع الحضارى ماعندهم حدس صحفى

    الحال من بعضو ياختى
    لذلك…… بقا عاااادى نسمع بعلقات الصحفيين وعلقات الاطباء

  7. عندما كنت صغيراً سمعت بمقولة السم في الدسم ولم أفهم منها إلا المعني اللفظي حيث يمثل ال سم جزء من كلمة الدسم ، وبعد أن قرأت مقالك توقفت عند الجملة التالية
    [ وغياب الكوادر والخبرات بعامل الهجرة يصبح التردي في البيئة الصحية وضعاً طبيعياً يتزامن مع التردي العام .]
    فوجدتك تضعين مبرراً لضرب الطبيب لأنه ينقص خبرة بسبب الذين هاجروا ولم يقوموا بتدريب بتدريبه ؟؟؟؟؟ فعلمت المعني المعنوي لتلك الجملة .
    يا سهير إن من الحرف ما قتل ومن الجهل ما قتل فإذا إجمع الإثنان صارا أشد قتلاً !!!!
    هجرة الأطباء لم تكن يوماً سبباً في تردي الخدمات الطبية ولكن تردي الخدمات الطبية هي التي تؤدي لهجرة الأطباء !!!! صعبة عليك شوية ؟؟؟
    نشرحها ليك ،عندما تخصص الحكومة ٢ في المائة من الميزانية للصحة و تكون الميزانية بها عجز فيصبح نصيب الصحة في الميزانية بالسالب وتكون النتيجة موت .
    يا سهير إنتفاضة أبريل قام بها الأطباء ولذلك أصبح ضرب الأطباء ممنهج في سياسة الإنقاذ وإلا بماذا تفسرين تواجد سته من القوات النظامية مع جثة طفل أحضرت للمستشفي ؟؟؟؟؟؟

  8. مقال في غاية الروعة ويبدو واضحا ان الكاتبة لديها ألمام كامل بما يدور في الصحة . فقط أضيف بان الحكومة سعيدة بتحميل المواطنين للأطباء عواقب سوء الخدمات الصحية . بؤس الخدمات الصحية ليست مسؤولية الطبيب، الطبيب يحاسب علي أخطائه الطبية وهي تحتاج الي مختصين لاكتشافها بينما فقر المرافق الصحية واضح لكل عيان .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..