القيمة

عاد الاستاذ عبداللطيف آدم أبكر الوطن بعد أكثر من (25) سنة اغتراباً، طاف خلالها مصر ،ليبيا، العراق، وسوريا، ومن أقدار الله انه حضر بالعراق(حرب الخليج الثانية) وأهوالها، ومنها ذهب الى سوريا وعمل فيها حتى عودته هذه، وهي الأخرى تركها مشتعلة، وبالتالي يصبح مشروع قصص وروايات جديرة بالتوثيق، ولكن الأهم من ذلك هو اعتناؤه بقيم الاشياء وجوهرها، وليس المظاهر والشكليات ولا يبالي بها.
نعم انه لم يكن محظوظاً حتى تعوضه الأمم المتحدة لعمله في العراق، كما ان تحويلات رواتبهم من العراق الى بنك النيلين الذي يخضع الآن لبيعه للمغتربين، امتدت إليها يد، ولا يعرف البنك أين هي تلك التحويلات، ولا الجهة المسئولة منها، أي معلقة بين العراق والسودان، ولا يعلم أين وكيف يتحصل عليها؟، من خلال بحثه الأولي، فيما تتطاير أحاديث المغتربين الذين من أمثاله ان تلك التحويلات تمت مقايضتها بمواد بترولية في ايام الزنقة التي تعرضت لها الحكومة.
لم يتغير استاذ عبداللطيف عن أفكاره القيمية التي غرسها فينا عندما أتانا معلماً بمدرسة داوس الابتدائية المختلطة بعد تخرجه مباشرة من معهد المعلمين، وقد كان معلماً حيوياً رغم انه كان في فترة تدريب،وقد نظم احتفالاً بمناسبة عيد الاستقلال وكنت حينها في الصف الخامس، وقد ألف في تلك المناسبة قصيدة عن (داوس) مسقط الرأس، والتي اعتقدت انها حركت تلاميذ المدرسة وحرضتهم الى الجد والمثابرة، وقد كانت تحرز المراتب الأولى في امتحانات المرحلة.
عاد إليّ ذاك الشريط كاملاً عندما جلس اليّ استاذي عبداللطيف آدم في مكتبي يوم الخميس وتبادلنا معه الحديث، وعندما سألته عن ما وجد في الخرطوم؟ قبل الإجابة عن السؤال اشترط علي الّا أزعل من أجابته! فرد بهدوء وثقة عاصمة وسخانة، ثم استرسل وبهدوئه نعم هناك معمار رأسي ولكن الواقع على الشارع ليس كذلك، حيث انك تجد عمارة مشيدة بعناية وعندما تأتي تحتها تجد الاوساخ والنفايات متناثرة، فلا يعقل ان تكون واجهة البلد بهذه الاوضاع غير الحضارية، فكيف يكون حال مدن الولايات؟!، وأعتقد أن هذه أجابة تحتاج لفهم جمعي، والعمل معاً للتغيير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..