مساحات حزن وفراق

تعصفنا الأيام بتيارات عاتية وسريعة الأحداث , وتمر عجلات الزمن الغابر علينا بين هنيهات اللحظة والذهول , ونظل نعد ساعات الأيام والسنين علنا ندرك شيئاء عالق علي بقايا الوعد الجاسم علي سرابات الأيام لكي نستريح فيه ظلا بين عناء الوقت ولكن دون جدوي .
إن إيقاعات الوقت السريع تأخذ دائما من أعمارنا لحظات أجمل وتحرمنا من لقاء أناس رائعون يشتاقون لأنسنا الجميل والتمتع بتناغم الحديث إلينا ولكن مساحات الزمن الضيقة تحرمنا من هذا الطلل العذب , أحيانا نسترق من مساحات الزحام لحظة لكي نعطر بها نفوسنا المشغولة بهموم ومشاغل يومنا الطويل .
هي رحلة بين أن نكون أو لا نكون , رحلة للبحث عن الذات التائهة بين متاهات الزمن , وشوق لإلتئام جروح الوحدة و حشد (أوكسترا) لوجود لحن جميل لخلق تفاهم بين المشاعر المتنافرة والقلوب الشاردة من معزوفة الحب والوئام , قلوب يجمعها وطن واحد تحمل في أنسجتها الوراثية رابط واحد , تتنافر في غربة الوطن تبحث عن رابط أزلي بين سرابات الوهم , أنتظر دائما بين مواني الصداقة والأخوة محدقا في ملامح الآخرين علني أجد صديقا صدوقا صادق الوعد مخلصا , أفرده شيئا من همومي وأحمل كذلك عبئا من حمل أفكارة النيرة أبحث عن رابط ثقافة وفكر وعلم تكون مجاديفنا لعبور تيارات الحوار والنقاش والفكر الجميل هي دائما فلسفتي علي التعرف علي ملامح الآخرين في مونئ الغربة والشتات .
فالبحث بين ملامح البشر هي فلسفة كل إنسان , ففي داخل كل نفس بشرية قصة يحملها في داخلة أحيانا يحس بالعناء من حملها فيبحث عن أخر لكي يفضي هذا الحمل الثقيل عليه , واحيانا لايجد ذاك الطرف فيظل يحمل تلك القصص والهموم التي تتراكم كل يوم وكل ساعة بمرور الزمن فتصرعة هموم الزمن الغابر فترديه صريع اللحظة المشؤومة .
نوافذ الأمل كبيرة وخيارات الحلول كثيرة فعلينا التروي والتحكم في قيادة مشاعرنا الطائشة بين إرادة أن نفعل أو لا نفعل .
خلاخل الذكريات القديمة أسمع أصواتها داخل ذاكرتي تحملني روائع التفكير بجارتنا (أم الحسن ) فهي من إحدي المدن بشمال السودان كانت إمرأة تحمل في داخلها روعة وعمق الحس العالي بمعني العلاقات الإنسانية , تغوض في ضمير الانسانية الأصيلة وتخرج ددر وروعة التعامل . إنسانة تحسها من خلال ملامح كلامها البسيط الذي ينم علي حياتها القروية الاصيلة . كانت لها وشم علي خدودها تميزها من دون النساء في الحي كانت تقول لنا ان انتمائئ لهذا القبيلة التي أحمل وشمها الأن أصبح يفقد معناه لأن إنصهاري بينكم بدأت أحس بأنني بين أهلي وعشيرتي لآ أحس بالغربة بينكم . كانت تقضي كل وقتها مع أمي في البيت تشاركها كل الأشياء كنا نمثل لها كل شئ وحتي الأن مازالت علاقتنا الأسرية تحمل ذاك العمق المميز من الرباط الإجتماعي .
وكانت كذلك ( أم الزوارة ) التي كانت بمثابة علاقة صداقة من رحم النسيج الإجتماعي بين الأسرتين , علاقة وثقوها بزبيحة دم بين أسرتها وأسرتنا وأقاموا حفل إجتمع عليه كل الأقارب والأهل وتعاعهدوا علي أن تظل هذه العلاقة للأبد , مازال هذا المشهد يعتلي ذاكرتي لجلالة قدره وحرص الطرفين علي أن يقيما علاقة يشهد عليها الأخرون بميثاق غير مألوف في هذا الزمان .
هذه الأمثلة مازالت تحلق بين مفاصل ذاكرتي كالوعد الحنين فبعض الأصدقاء نفوس راقية وأنيقة يجعلونك تكتفي بهم عن مئات الأصدقاء .
إن الصلات الإنسانية الحميدة الصادقة هي تقارب روحي بين شخصين وتقوم علي أساس المودة والإلفة والتمتع بصفات متقاربة .
سحابات من الحزن قد خيمت علي سماء سوداننا الصغير في مدينة ( فرجينيا ) الولاية التي يقولون لها (فرجينيا للأحبة) حينما سمعنا عن مصرع إثنين من شبابنا برصاص دم بارد علي أيدي بني جنسهم , في ولاية الحب و في ظل ظروف وأسباب غامضة بين ضباب تواصلهم .
خيم الحزن علي كل من سمع هذا الخبر المؤسف الحزين , فصديقي لم أرافقك لترحل , ولم أستودعك أسراري وقلبي وروحي ونبضي لترحل , أنا إخترتك لتكون معي طيلة عمري , لا لتزين مرحلة من عمري وترحل .
هي وقفات علي جدار صمت حزين نستطيع أن نستنبط من خلاله درس نزرعة علي طريق مستقبلنا نتعظ من سلبياته . فكلنا وطن واحد جمعتنا ظروف متفرقة في هذا الوطن الكبير الذي إنتمينا له , ولكن تمد جزورنا الي وطن واحد وطن الجدود وأرض الأنبياء , فإن كانت الخلافات بيننا بحر فلابد ان نفرد أشرعة قواربنا حتي نعبر أمواج التفرق والتشتت والخصام وأن كنتم تعرفون ماهو الفرق بين أبتسامة صديق صدوق لأخر كان يقول له أتعرف ياصديقي ماهو الفرق بين إبتسامتي وإبتسامتك ؟ فقال له أنت تبتسم إذا شعرت بالسعادة وأنا أبتسم إذا رأيتك سعيدا !!!!
أحرقتنا تلك الملامح القاهرة ووضعتنا بين مطرقة الشامتين وسندان الزناديق , ولكننا أقوياء في الإرادة والصمود . كن صديقي في الغربة والوطن فأنا أحتاج أن أمشي علي العشب الأخضر معك فالحوار الثر جسر يخرجنا من متاهات الأزمات العصيبة , فلابد أن نترك أبواب الأمل مفتوحة نتنسم بها حينما يختنق المكان بالدخان , فالحوار ليس إنتقاص للرجولة بل هو خطاب ورسالة للعقل و سلام ومودة ورحمة للعالمين . فلماذا نخلط الأشياء خلطا ساذجا ولماذا نعتني بتنمية الخلافات وزرع الفتن !!!؟
فإن طموحي هو أن نمشي جميعا ساعات تحت موسيقي المطر , وطموحي هو أن اسمع كلمات حب ووئام تردد علي أوتار تواصلنا عندما يسكننا الحزن ويبكينا الضجر , فنحن هنا جدا محتاجون لميناء سلام و عشق ومحبة وإلفة وإنسجام .فجيلنا القادم من بين عناد الزمن محتاج لغدوة طيبة ومشاعل منيرة بالأمل والحب والتفاؤل والحنين , فتجديد عهودنا بالحب هو خير ميثاق يضمن مستقبل آمن لجيل الغد المشرق .
مساحات التسامح كبيرة تسع كل القلوب الظامئة للحب , كل القلوب تناثرت أحزانها في ذاك الحضور الثر الذي عبر علي ذاك الحزن الكبير الذي خيم علي كل القلوب . فالتحية لكل الذين وفدوا من كل فج عميق مؤذرين فقيديهما سائلين الله عز وجل لهم المغفرة .
سابل سلاطين ? واشنطن
[email][email protected][/email]