تعليق على تصريح وزير الزراعة بولاية جنوب كردفان

بسم الله الرحمن الرحيم

في تصريح منسوب له عن حالة الموسم الزراعي لهذا العام, حيث تم بثه على قناة الشروق يوم 1992016م ونقله موقع النبأ, ورد فيه أن نسبة 80% من المساحة المستهدفة تم زراعتها بإستخدام التقانات الحديثة, وهنالك إستقرار ا ناتجا عن عدم وجود افات زراعية,وهنالك إستمرارا لهطول الأمطار ,ما حدى بتمديد فترة “الكديب” حتى الثلاثون من سبتمر الجاري, وقد أردف بان الموسم القادم سيشهد إستثمارا زراعيا بالولاية. هكذا إنتهى التصريح بهذا المعنى.
لا نريد اصدار الاحكام جزافا على هذا التصريح ولكن اريد فقط رسم صورة أخرى مغايرة إستنادا إلى حقائق محددة أظنها جوهرية وأساسية بحكم إحتكاكنا بالواقع وقربنا منه. فبعيدا عن حلو التصريحات والتقارير لا بد أن نطرح جملة من التساؤلات وبعض المعطيات لعلها تستجلي الحقيقة وتبين مواضع الخلل,حتى لا تأخذنا تصريحات المسؤولين إلى دار خيالة سرابية.
من خلال هذا التصريح يبرز سؤال تلقائي, ألا و هو:- كم تساوي المساحة الكلية المستهدفة والتي أنجز منها 80% ؟. فإذا إفترضنا أن المساحة الكلية المستهدفة تساوي (س) أو واحد صحيح, فحجم التمويل الزراعي الذي تم توزيعه فعليا للمزارعين بواسطة البنك الزراعي لمقابلة العمليات الفلاحية هذا الموسم الزراعي حسب المعطيات التالية يثير الشك ويبعث على التشاؤم.
تكلفة الفدان في المرحلة الأولي 175 جنيها وهي إلى حد ما كافية لتغطية الحشاشة الأولى رغم خلوها من تكاليف التقاوي وبقية التقانيات الاخرى .
في المرحلة الثانية تم تمويل الفدان من البنك الزراعي ب 40 جنيها لاغير, بينما تكلفة نظافة الفدان الحقيقية لدى العمالة اليدوية تساوي 400 جنيه, وهو ما يعني أن التمويل المصدق به يساوي ما نسبته 0.4% من التكلفة الفعلية للفدان الواحد !!!.
من خلال هذه المعطيات نستنتج أن التمويل الزراعي للفدان في المرحلة الثانية يغطي نظافة مساحة تساوي فقط 110 (عشر) المساحة المزروعة في المرحلة الأولى, ما يعني أن تسعة اعشار الفدان ستصبح بوار تغمرها الحشائش والطفيليات المضرة وهذا بدوره سيقود حتما إلى تتضاءل نسبة الإنتاجية بصورة كبيرة تهدد الموسم الزراعي بالفشل, و تبعا لذلك ستقل نسبة المساحة المعلنة من 80% إلى نسبة 8% فقط, وهي النسبة الفعلية التي غطاها التمويل الزراعي.
وهل بهذه الشاكلة نعتبر أن السياسة الزراعية الحالية مشجعة ومحفزة للإنتاج, و لا سيما أن سعادة الوزير المحترم يتحدث عن توفر فرص للإستثمار في العام المقبل بغض النظر عن الوضعية النهائية لهذا الموسم الزراعي, ولا أدري من هو المستثمر المستهدف في هذا التصريح؟ هل هو المزارع والمواطن المحلي الذي يدفع ثمن عجز السياسة التمويلية الحالية التي تبدو من معطياتها أنها عاجزة عن تغطية تكاليف العمليات الفلاحية للمساحة التي عناها السيد الوزير , أم أن المعني هو مستثمر افتراضي اخر؟
الحقيقة المهمة والجديرة بالملاحظة هنا, هي أن المرحلة الثانية(الكديب) في ظل هذه الظروف الماثلة أصبحت أكثر تكلفة بأضعاف مضاعفة عن المرحلة الأولى, ولربما يعود السبب لعدم صلاحية كثير من المحاريث “الدساكي” القديمة التي ظلت فاقدة للصيانة الجيدة الشئ الذي أفقدها الجاهزية والفاعلية في تجويد حراثة الأرض وتقليبها بحيث تقضي على الحشائش في المراحل الأولى, بينما تعتبرها الدولة وتعدها ضمن المدخلات الزراعية والتقانات الحديثة التي تخوض بها غمار الإنتاج الزراعي المطري في منطقة تكثر فيها الحشائش وتهطل فيها الأمطار بغزارة .!
وأختم بطلب نتوجه به لسعادة الوزير لمراجعة وإعادة النظر في سياسة التمويل الزراعي الموجهة لهذه الولاية, بحيث تأخذ في الإعتبار واقعنا المحلي أكثر من أن تتبنى وزارة الزراعة في تقديري؛ سياسة قامت على معطيات وواقع اخر مختلف لا يمثل بأي حال دعما محترما للمزارعين بهذه الولاية من أجل تشجيع وتحفيز الإنتاج الزراعي و فتح شهية الإستثمار المحلي قبل غيره.
حامد يعقوب
كادقلي
2192016م
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تحليل علمى ومنطقى , ولكنا تعودنا عل كذب وزراء الانقاذ فالمواطن يعيش على الارض و يعرف كل المعلومات ولكن مسئولى الولايات هدفهم خداع عمر البشير ليتم تثبيتهم فى مواقعهم الوهمية هذه لمزيد من النهب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..