مقالات سياسية

فرحة السودان .. ووصمة عار الأمريكان

أبو الحسن الشاعر

لا شك أن الخطوة التي أقدم عليها دونالد ترامب قد أسعدت السودانيين جميعا وفتحت آفاق الأمل في تعافي اقتصاد السودان من الشلل الذي ظل يلازمه لقرابة ثلاثة عقود بسبب العقوبات الجائرة على الشعب السوداني جراء ما اقترفته أيدي مجرمي النظام السابق البائد الذي وضع بسياساته الرعناء وسلوكه الإجرامي اسم السودان في قوائم الإرهاب الدولي وأدخله في عزلة عن العالم ووضعه موضع الدول المارقة التي يتخوف العالم من التعامل معها وذلك بفتح حدود بلادنا للعديد من الإرهابيين ممن جعلوه محطة يغادرون منها لتنفيذ مخططات إجرامية خبيثة بأيدي غرباء فخرجت منها دولهم ليقع العبء على السودان وشعب السودان ليضيف بذلك مأساة أخرى لمآسيه التي ظل يتعرض لها جراء الحروب الداخلية والكوارث الطبيعية مما أدى لمعيشة ضنكا وانهيار طال كل أوجه الحياة ..

وإن كان من حق شعبنا أن يفرح فإن على كل أميركي أن يتوارى خجلا مما يفعل وتفعل قيادته، فهذا الرئيس البلطجي ترامب وفي سلوك يشبه سلوك زعماء العصابات غرد مشترطا إيداع مبلغ 335 مليون دولار في خزائن دولته لكي يرفع توصيته للكونغرس برفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب!! إنه سلوك يمارسه عتاة الإرهابيين حين يختطفون ضحاياهم ويطالبون بفدية وإلا قتلوا الضحايا بغض النظر عما إذا كانوا أبرياء أم لا !!

ترامب كان يدرك أن الرهائن ” الشعب ” وهم الذين ظلت أميركا تحتجزهم 28 عاما حسوما في زنزانة منع عنهم فيها المعونات الخارجية والقروض والتحويلات المالية والعلاقات الدولية والدواء والكساءإلخ .. في عز الأوبئة وزمهرير الشتاء وصلوا مرحلة الموت السريري وأنهم وصلوا المرحلة التي يستطيع فيها أن يفرض شروطه .. ونحن نعلم والعالم كله يعلم أن شروط ترامب لم تقتصر ولن تقتصر على دفع فدية قدرها 335 مليونا والتي لا يجوز وصفها بأنها تعويضات كما يزعم ، فالتعويضات تؤخذ من مرتكب الجريمة وليس من بريء .. نعلم أنه أراد قهر إرادة الشعب ليسوقه سوقا نحو التطبيع مع العدو الصهيوني ” مكره أخاك لا بطل ” وهو ما لم يحدث مع أي بلد آخر ممن هم أقرب للصراع وأكثر تأثيرا على القضية وتطوعت دولة الإمارات للقيام بدور السايس الذي يستطيع ترويض الحصان الجامح رغبة أو رهبة ليكون ضمن جوقة زفة المهرولين وبعد أن تقضي منه وطرا ترمي له الفتات أو تلقي به في سلة المهملات. ” يا لهوان زمن أصبح فيه سودان العلم والسياسة والمعرفة والصمود والعزة الشموخ الذي يردد ” تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها ” ينقاد لمثل أولئك الأوغاد من أطفال السياسة الجاهلين.
ودعونا نسأل الشعب الأميركي ورئيسه البلطجي .. ترى من دفع ألاف المرات الثمن عما وقع في تفجير المدمرة كول ” لاحظ اسمها ” المدمرة ” والتي كانت تربض في أرض بينها وبين آميركا .. بعد السماء للأرض .. وتفجيرات السفارتين في تنزانيا وكينيا ..؟؟ من الذي دفع الثمن سوى شعب السودان ؟؟.
الشعب الأميركي وقيادته يعلمون أن الحكومة المسؤولة عن استضافة بن لادن ومرور عمر عبد الرحمن عبر الخرطوم كان قادتها ومسؤولو الأمن فيها يتمرغون في رغد العيش ويرفلون في نعيم الرفاهية وتودع أموالهم في دول التزمت بفرض الحصار على شعب السودان !! فما أصابهم نصب ولا رهق ولا أثرت عليهم عقوبات .

إننا في عصر الظلم والعدالة الغائبة حيث يؤخذ البريء بجريرة المذنب ويترك المجرمون الحقيقيون بل يتم التحالف معهم ما داموا يملكون أموالا.
دعونا نسألكم .. إن كان أسامة بن لادن في السودان فقد مر عليها وكان قبلها في اليمن الجنوبي وإذا كان بن لادن قد استخدم أمواله في الهجوم على أميركا فإن تلك الأموال لم يكسبها من السودان وأنتم تعرفون مصدرها حيث ما تزال شركات عائلته في السعودية ومنها تم تحويل تلك الأموال لبلدان عديدة ولم يكن السودان استثناء .. ثم أن تلك الأحداث وقعت بعد مغادرة بن لادن للسودان مغاضبا ثم وقعت بعد ذلك أحداث 11 سبتمبر ورأيتم اعترافات من قاموا مسجلة بالصورة والصوت ومنفذوها من السعودية واليمن ولبنان ومصر وغيرها ولم يكن بينهم سوداني واحد لكنا لم نر سيف العقوبات يطال سوى السودان البائس الفقير ..

نسألكم وأن تجالسون زعماء طالبان مؤخرا في الدوحة مرغمين وهي ذات أفغانستان التي كان بن لادن فيها حين نفذ هجومه في 11 سبتمبر ومنها كان يطلق تسجيلاته مفاخرا بـ “غزوة مانهاتن” .. أين أنتم منهم وترامب يخضع ويركع ويوقع معهم اتفاقية الهدنة المذلة ويعدهم بالانسحاب من أفغانستان دون أن يطلب منهم دولارا واحدا عن قتلاكم في أفغانستان أو في الأبراج الهاوية وهي تشتعل بأجسادكم .

العار عليكم فقد قتلتم شعبنا ودمرتم اقتصاده ودعمتم حروبه سرا وعلانية والآن تفرضون عليه دفع الفدية صاغرا وهو في أسوأ حالاته الاقتصادية .. تواصل حصاركم لمدة عامين لهذا الشعب الأبي المسالم بعد انتصاره الذي واجه فيه أعتى الأنظمة قهرا وأشدها جبروتا دون أن يريق نقطة دم واحدة، في مساومة بغيضة دون نظر لتضحياته وكبريائه وشموخه .. وكان يظن أن الثورة تجب ما قبلها .. إنها مساومة بغيضة ومهينة لكم قبل أن تكون لشعبنا.
الآن لكم أن تفرحوا بـ 335 مليونا .. جمعناها لكم من أفواه المساكين والفقراء .. من يطون ضحايا الفيضانات والحروب الخاوية .. من دم البسطاء الذين يصطفون للحصول على الخبز وغاز الطهي ووقود السيارات .. من مشاريع معطلة ومدارس مهملة ومستشفيات قاتلة بسبب نقص الدواء وسوء الحال .. خذوها فهي مغموسة بالدم والدمع والأنين ونزيدكم عليها أن من تسبب في تلك العقوبات الجائرة ” قبضناهم لكم عبر ثورة سلمية ” لا بلطجية ” لنتقص منهم عن كل جرم ارتكبوه في حق شعبنا وعن كل جرم ارتكبتموه في حق شعبنا بسببهم ..

ونسأل الرئيس الأميركي الذي تحدث عن تحقيق العدالة للشعب الأميركي
last JUSTICE for the American people At long ، نسأله من يحقق العدالة ويقتص لشعوب العالم كلها من المجرم الأميركي؟؟ .. من يحقق العدالة لأهل السودان من أبشع ظلم تعرضوا له منكم .. من يقتص منكم لأهل وأطفال العراق وشعب اليمن وفلسطين وقتلى سوريا وليبيا وشتي بقاع العالم فما عرف العالم شعبا أكثر دموية منكم منذ جرائمه في نجازاكي وهيروشيما وفيتنام وانتهاء بما أصبح العالم يراه كل يوم .. فلا دماء تسيل ولا أرواح تزهق إلا وكان لأميركا منها نصيب.

إن كل ما أراده ترامب هو كسب بضع أصوات من أهالي الضحايا في تلك الهجمات بعد أن صار يترنح كالمغشي عليه من الموت بسبب سياساته الرعناء وعنترياته الجوفاء فأصبح كالمجنون يوزع اتهاماته حتى لمناصريه من الجمهوريين بأنهم ” حيوانات ” وليس أدل على ذلك من أنهم انتخبوه فاستحقوا ما قال .. كما وصف خصمه بايدن بالمجرم في إثبات حقيقي أن هذه الدولة الكبرى لا تمثل سوى دولة بلطجة وإجرام يقودها فتوات وقبضايات لا أكثر ..
خذوا أموالنا وتدخل عليكم ” بالساحق والماحق ” ..

وكل ما نخشاه أن تكون هناك تنازلات قد تمت بخلاف ما تم من دفع أموال لمن لا يستحق.. والله ” يكفي الجراب على العقاب ” .
أبو الحسن الشاعر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..