أفكار ومشاريع لحل مشكلة المياه بالخرطوم ” 3 “

بسم الله الرحمن الرحيم
تعزيز المنشآت الموجودة و إنشاء مؤسسات أُخري ضرورية
مجلس للمياه و معهد لإقتصاديات المياه
من المفارقات بأننا بالبحث في مشكلة المياه في الخرطوم و في السودان لم تجد المياه و ضعها الطبيعي ? الماء دائماً مرتبط بالغابات و الزراعة،لذلك في كثير من الدول نجد وزارة للغابات و المياه أو للغابات و الزراعة و إدارة المياه ، أو للغابات و إقتصاديات المياه ! أما هنا في السودان يبدو بأن الناس قد أصابتهم غفلة، حيث نجد وزارة الري و الري كما هو معروف أحد إستخدامات المياه ?لذلك يمكن لأحدهم أن يطالب بوزارة للسباحة أو بوزارة لأي إستخدام آخر للمياه و ما أكثر إستخداماتها ؟ من هنا تأتي أهمية الربط الوثيق بين المؤسسات عند إنشائها ،ففي جنوب إفريقيا و دول أُخري توضع المياه مع الغابات للعلاقة الوثيقة بينهما. إذ أن المياه في دورتها المعروفة بدءاً من تبخرها لتحملها الرياح و لتشكل سحباً، تتساقط من بعد مطراً أو ثلجاً في أعالي الجبال و تسيل علي الأرض مشكلة لها و مؤثرةً فيها مجاري و خيران و أنهار و بحار. و بعضها يتسرب ليكوِن أحواضاً جوفية- بعضها عزبٌ و أُخر مالحة أُجاج. أما الغابة فلها التأثير الأكبر ? حيث تحد من حركتها و بذلك تثبت التربة و تمنع الإنجراف و ترفد الأحواض الجوفية و تزيد من التبخر و بذلك تساعد في تجدد المياه و تنقيتها و عند إجتثاث الغابة يزيد الطمي في الأنهار و الخيران و تصعب معالجة المياه و تزداد تكلفة تنقيتها.
ليس مهماً إنشاء وزارة للمياه و لكن من المهم إنشاء مؤسسات و معاهد للمياه بما يضمن حسن إدارتها برسم سياسات رشيدة و بتوفير موارد بشرية درِبة تساعد في تطوير موارد المياه و تحسين نوعيتها و في المحافظة عليها و ترشيد إستخدامها.
الري كما هو معروف جانب صغير في إستخدام المياه و لكنه أصبح طاغياً نسبة لضخامة منشآته ? من سدود و خزانات و الإنسان مولع أبداً بالمنشآت الكبيرة ليخلد إسماً و ليضع بصمةً علي الأرض الطيبة ! إهرامات و سد عالٍ أو سد، كسد هوفر في ولايات أميركا المتحدات !
الري أيضاً معروف بإستهلاكه الشره للمياه ، خاصة بالغمر و بإختلاف المحاصيل ، أُرز و قصب سكر و قطن أو ذرة. لذلك وجدت بعض الأفكار الجديدة بحساب كمية المياه في كل محصول من ضمن حصة الدول !
كما تم تطوير نظم للري لا تستهلك كمية من المياه كبيرة مثل الري بالتنقيط أو الري بالرش ? محوري أو خلاف ذلك و قد كان لإسرائيل دور في تطوير نظم الري و قد بدأوا ينبهون إلي إسراف الري بالرش في المياه ، خاصة في المناطق الجافة.و يدعون إلي أساليب أفضل كالري بالتنقيط .
لذلك يبدو بأنه يلزمنا إنشاء مجلس للمياه للنظر في سياساتها و إستخداماتها و ترشيدها و منشآتها و أولوياتها و المحافظة عليها بالترشيد و الرعاية و السعي الدؤوب لتدريب الكوادر بما يضمن حسن إدارة موارد المياه كافةً. مجلس كالمجلس الطبي أو الهندسي.
كثيراً ما يصيبنا النسيان و هنا أقصد النسيان المؤسسي ! حيث تختفي من الذاكرة الأهداف الموضوعة لمؤسسة ما- و هنا أذكر معهد ود المقبول للمياه و الذي كان يدرب فنيي المياه و تقنية حفر الآبار و غير ذلك من أنشطة و كان في الوسع تطويره في ذات الإتجاه ? خاصة و قد تم إنشاؤه بدعم خارجي ? لعله من الأمم المتحدة.
يوجد في مدني معهد ممتاز لعلوم الهيدرولوجيا و له علاقات جيدة مع معاهد في هولندا- البلد الأكثر خبرة في منشآت المياه. أيضاً في جامعة الخرطوم يوجد قسم للهيدروجيولوجي و هو ينظر في المياه الجوفية و مشاكلها.
نحتاج إلي تقوية المؤسسات الموجودة و إنشاء مزيد من المؤسسات و قد يكون من الأوفق إلحاقها بالجامعات مثل قسم إقتصاديات المياه و ليكن شراكة بين كلية الإقتصاد و العلوم أو الهندسة. تأتي أهمية مثل هذا النوع عند النظر في البدائل : قناة لتوصيل المياه أم أنبوب ؟ قناة مبطنة أم غير مبطنة ؟ خزانات عالية لتمد الخرطوم بالمياه بشكل دائم أم خزانات أرضية بكل عمارة و أخري علوية و مضخات تستهلك جُل الكهرباء ؟ كما أمر وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم قبل يومين !! و هنا تأتي السياسات و تضاربها ? لا بُد أن يتم التنسيق لوضع السياسة المائية بكل أصحاب المصلحة ? حتي نتفادي أية تكاليف و أعباء لا لزوم لها في بلد يعاني إقتصاده و أهله.
لقد كشفت الأزمة الحالية للمياه عن أهمية العنصر البشري ? مدير للمياه متخصص في المساحة و يؤتي بمدير سبقت تجربته ? مما يعني بأن البلاد في حاجة إلي كوادر كثيرة في مجال المياه.
[email][email protected][/email]



