“الله كريم”.. نقاط لبيع الهتش على طريقة “دنقر شيل”

الخرطوم: مصعب
وأنت تسير على مهل أو عجل مخترقاً السوق العربي لابد أن تُصادفك بجانب ما هو يومي وعادي، دنيا غرائبية ومدهشة، وأكثر ما يلفت نظرك تلك الأقدام المسرعة، كل شخص يتحرك بطريقته الخاصه، لكل إنسان بصمته في السير، فقط أنظر إلى الأقدام المسرعة واستمتع بحركتها وخطواتها، لا يهم بأي وجهة تريد أن تلحق، لأنه لا وجهة مهمة في هذه العاصمة.
كانت أقدامي تتحرك بطريقة مفلته للنظر، أول مرة انتبه إلى حركة قدميّ أثناء المشي، كانتا مسرعتين وكأنهما ذاهبتان إلى (جنان مثمرة)، لكنني أخفضت سرعتهما ما أن أدركت أنني ذاهب إلى بؤر صغيرة داخل السوق العربي يطلق عليها العامة اسم (سوق الله كريم)، فما بالي مسرعاً وأنا على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سيكرمني بمادة صحفية رائعة.
هتش في هتش
هذه هو سوق الله كريم، هنا بؤرة، ثم تضي قليلاً، هناك بؤرة أخرى (فريشة طبعاً)، في كل لفة وفرانده هنالك (الله كريم)، وهي أسواق صغيرة (نقاط بيع) منتشره في السوق العربي تنشط في الإتجار بالإكسسورات، هتش الموبايل، هتش الصبايا اليانعات، هتش في كل شيء، وتتمتع هذه النقاط بحيوية مدهشة.
البضاعة منثورة (مشرورة) على جولات وكراتين على الأرصفة والفرندات أو على (أجزاء) مقتطعة من الشارع العام (عنوة) وذلك بمعرفة الجهات المسؤولة، حتى أن شوراع كثيرة داخل العربي ما عادت صالحة للمشي (كدراي أو بسيارة)، لقد تحولت إلى أسواق (الله كريم).
أصلي وماسورة
تجارة إكسسوارات وهتش الموبايلات تشغل الحيز الأكبر من (الله كريم)، وتمثل النشاط الأكثر حيوية واقبالاً، ذهبنا إلى هناك نستجلي الأمر ونستطلعه، نحاول أن نتعرف على (الأصلي والماسورة) من مطروحات ومعروضات هذه البؤر البيعية، فإليها:
محمد بلوتوث
ابتدر الحديث قائلا: أنا زعلان من المآسي دي، لكن رضيان بالقسمة والحمدلله. أخذ نفسا عميق، ومضى في حديثه قائلاً: أنا محمد فضل الله الشهير بـ(بلوتوث) أعمل في تجارة (دنقر شيل السليم) بعيداً عن الغش لأنه لا يأتي إليك بالخير والبركة. وأضاف: نحن نقدر ظروف المشترين ونتماشى مع حال الناس بعيداً عن أزمة الدولار- بحسب تعبيره ? واستطرد السيد (بلوتوث) قائلاً: أعمل هنا منذ عشر سنوات ناشطاً في تجارة إكسسوارات التلفونات (بطاطير، شواحن، كفرات، جرابات) وغيرها، وأضاف: يعني بالواضح كدا وما فاضح أنا بعتبر نفسي (اختصاصي سوق على الماشي)، وحقيقة بضاعتي كلها جاية من برة عن طريق المورد الرئيس عبر مدينة الفاشر التي منها تتوزع على كل أنحاء وأرجاء السودان.
ليست مواسير
يواصل فضل الله (بلوتوث) سرده مضيفاً: بضاعتنا ليست مواسير ولا كمان نحن مواسير ? كما يعتقد البعض – لأننا نعمل بالرسميات وبمبدأ (الصراحة راحة)، ولو عايز تتأكد نقول ليك بالواضح كدا (جرب، كان اشتغل معاك شيلو، وكان ما اشتغل أجدعو، وما تجيني راجع، وكان جيتني راجع ماعندي ليك حاجة)، ويا حبيب السوق واضح والسودانيين مافيهم غشيم، ديل مفتحين مابتغشوا، بس مع الحالة الاقتصادية دي، في طريقة للشراء اسمها (الظروف جبرت)، عشان كدا بعضهم يشتري السماعات والحاجات دي، وهو عارف صالحيتها لمتين، يعني فى جهاز بتشتغل وفى جهاز ما بشتغل؟ لأن الشركات ما واحد، واللاّ شنو يا فردة.
مهنة شريفة
أحد باعة (الله كريم) تدخل في الحديث بطريقته الخاصة قائلا: نحن لا نغش أحد، بس (التجارة شطارة) صاح ننظر لفوق، لكن بعين الإنسانية لأنو حالة الناس اليومين ديل تحنن، بالإضافة إلى ذلك نحن أمينين، لأنو لدينا أُسر وما عايزين نأكل أولادنا شيي حرام، يا خي لدينا أبناء وزوجات والحمد لله على فضله، وعايزين أسرنا دي تكون أسر صالحة فى المستقبل، وقبل كل شيء نراعى رب العالمين وتحكمنا ضمائرنا الحيَة، عشان كدا بنكون واضحين مع الزبون، والعايز يشتري يشتري، والما عايز بظروفه، وياريت كل زول يراعي حالتو ويقدرها ويمشي حسب ظروفو.
النسوان.. انسى بس
من جديد يتداخل (البلوتوث) محمد فضل، فيضيف: أكثر ما يميز هذا السوق هو الطرفة والدراما اليومية، فنحن شعب طيب وأبيض بطبعة وما يمر بي من طرائف ومواقف كثير جداً، وفي حالة حركة وتجدد، بس خليني أقول ليك حاجة (الرجال أصليين، الواحد بشتري، وبتوكل على الله، وبضحك معاك، لكن النسوان أنسى بس، بشنفن وبشيلن، تشوف المُر لما تجي تبيع ليهن).
مغسة الرخيص وحلاوة الغالي
من جهتهم اعتبر بعض زبائن السوق (سوق الله كريم) اعتبروا هذا النوع من التجارة ضرورياً ومهماً، إذ يستهدف الطبقات الفقيرة – رقيقة الحال- من الطلاب ومحدودي الدخل، فقال الفاتح أحمد (طالب): الواحد بجي داقش من خلال الدعاية الجاذبة على أمل أنو يلقى حاجة جيدة ولو عن طريق الصدفة النادرة، وغايتو أقول ليك شنو البضاعة المعروضة دي بتخوف لكن نسوي شنو، قاعدين نتوكل (على الله) والواحد يشترى.
أما إسراء محمد ? ربة منزل ? فكان له رأي قاطع وواضح في ما يعرض في (الله كريم) من بضائع، فقالت: أنا ما شايفها أي حاجة كويسه، حتى طريقة العرض غير جاذبة، وحقيقة أنا ما ممكن أجازف لأني ما بحب المواسير، وزى ما قالوا جدودنا زمان (الغالي بغلاتو يضوقك حلاتو والرخيص برخصتو تقتلك مغستو)، عشان كدا ما بشتري من الحاجات دي أبداً، بمشي محل الأصلي. وأضافت: طبعاً الأصلي ظاهر، والضارب يحتاج للدعاية والمظاهر، ودعني أقول للعاقلين (البيع واضح والجيد واضح بعد كدا انت ونفسك
اليوم التالي
طريقه سرد الموضوع ممله وسمجه وبصراحه ما جاب حقو