الصمغ العربي المشاكل والحلول

تكاد تكون مشاكل إنتاج الصمغ العربي متشابهة وقع الحافر على الحافر. فكما هو معروف أن مشكلة كردفان الكبرى هي مياه الشرب فإنتاج الصمغ العربي يتأثر سلباً بهذه المشكلة المركبة التي لم يجد القائمون على الأمر لها حلّا. ففي مناطق إنتاج الصمغ في شمال كردفان يكون الماء أندر من حليب العصافير في فترة الصيف وهي فترة حصاد الصمغ. والتي تمتد من نوفمبر وحتى أبريل مايو من كل عام.

قامت في ستينيات القرن الماضي مجموعة من السودانيين الحادبين على الوطن بتأسيس شركة الصمغ العربي بعدما رأوا إحتكار الشركات الأجنبية لصادر وتجارة الصمغ العربي. كانت شركات بوكسل، بيطار، سودان ماركنتايل، سودان ديزل وجلالتلي هانكي وشركاه ومعهم مجموعة من اليهود يسيطرون سيطرة كاملة على تجارة الصمغ العربي في الداخل ويتحكمون في الصادر كيفما يشاءون.

بقيادة الرجل العصامي عثمان صالح ومجموعة من كرام المواطنين تأسست شركة الصمغ العربي المحدودة لتنافس في تجارة الصمغ العربي وقد كان لهم ما أرادوا. فبسرعة البرق دخلوا السوق من أوسع أبوابه وتعاون معهم صغار التجار في كردفان ودار فور. وولدت الشركة بأسنانها. وفي العام 1969 عند قيام إنقلاب مايو، أمم النميري الشركة مع غيرها من الشركات ولكن إحتكر لها تصدير الصمغ العربي. نجحت الشركة فيما أوكل إليها من مهام. بل أضافت عليها مهام أخرى كعوامل مساعدة لزيادة الإنتاج. بدأت بحل مشكلة العطش حيث وفرت عدداً لا بأس به من التناكر المحمولة على لواري لنقل الماء من أماكن تواجده إلى القرى في مناطق الإنتاج التي تحتاج الماء لجني الصمغ.

بدأت الشركة في تمويل صغار المنتجين ومتوسطيهم تمويلاً مباشراً لطق اشجار الهشاب. وزادت على ذلك بأن فتحت لها مكاتب في كل المدن التي تتوسط مناطق الإنتاج وصارت تستلم الصمغ من المنتجين بمناطق الإنتاج مما وفّر تكلفة الترحيل على المنتج وأضافت له مزيداً من الدخل. إرتفعت الأسعار وتعدت المتوقع من قبل المنتجين. في كل عام كان المنتجون يجتهدون أكثر في طق أكبر عدد ممكن من اشجار الهشاب، وذلك لأنهم يعرفون أن هنالك حافزاً ينتظرهم من شركة الصمغ العربي عند الحصاد. وتنافست المناطق والمزارعين فيما بينهم لزيادة الإنتاج. وارتفع سعر طن الصمغ العربي المصنّع والخام إلى 5 آلاف دولار. واشترى المشترون رغم أنفهم لأنه لا بديل للصمغ العربي في عدة صناعات إلا الصمغ العربي.

لكن هل صمت المستفيدون الفوريون من تقدم الشركة ومساعدتها للمنتجين. أبداً، بقيادة مدير الهيئة القومية للغابات وبطانته، بعد أن فشل في أن يكون عضواً بمجلس إدارة شركة الصمغ العربي وذلك بسبب أن وكيل الوزارة كوّش على المقعد المخصص للحكومة بين التجارة والغابات بعدما علم بالفوائد والحوافز التي تأتي لعضو المجلس من الشركة. قامت مجموعة مرتبطة بمصالح تجار الصمغ وتعاونت مع مدير الهيئة القومية للغابات باستحداث فرية ما يسمى بالجمعيات التعاونية لمنتجي الصمغ العربي. وفي الجانب الآخر سعوا بكل جهدهم واستغلوا علاقاتهم مع علي عثمان محمد طه ونسفوا الشركة من أساسها. في البداية جففوا منها منابع التمويل من البنوك التجارية. وأتبعوا ذلك بأن دخلوا بين الشركة والممولين العرب خاصة من الإمارات والسعودية حيث وجهوهم إلى التعاون مع التجار وليس مع الشركة. وبهذا فقدت الشركة مصادر تمويلها الداخلية والخارجية.

أضافوا للشعر بيت بأن تمكنوا من إصدار قرار بفك إحتكار تصدير الصمغ العربي من الشركة. وصار كل من هبّ ودبّ يسوِّق الصمغ العربي كما يحلو له وهو بلا خبرة. ? من غرائب الصدف أن عرض عليّ أحد هؤلاء الجوكية 10 آلاف طن صمغ عربي وهو لايعرف غير كلمة صمغ عربي وبعد سؤالين ثلاثة عرفت أن الرجل جوكي ليس إلا. وتدهور سعر الصادر حتى وصل ال1900 دولار للطن. فقد المنتج مصدر تمويله الأول والذي كان يعتمد عليه. فقد المنتج مصدر المياه خاصة في فصل الصيف حتى يتمكن من حصاد إنتاجه. تحكّم أصحاب المصانع القليلين وعددهم لا يتعدي أصابع اليدين في عملية الصادر وتحديد سعر الشراء من المنتج. وقعدت الشركة تندب حظها وهي شركة مساهمة عامة مملوكة بنسبة 74% لجمهور المساهمين. فقد إستبدل القائمون بالأمر مصالح المئات من المساهمين بمصالح فئة لا يتجاوز عددها 14 شخصاً.
وتمّت الحكومة الخياطة بالحرير بأن أنشأت ما يسمى بمجلس الصمغ العربي وهو موضوع حديثنا في المقال القادم بقدرة الله متضمناً كيف تحوّل كل مديري الشركة إلى اصحاب مصانع لتصنيع الصمغ العربي؟! سنواصل.
( العوج راي والعديل راي)

كباشي النور الصافي
لندن – بريطانيا

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أخي الكريم .. بارك الله في فيك. ان كان المسؤولون يفكرون بجدية لحل مشاكل البلد ووضع كل عمل صالح في المقدمة، ما كناوصلنا الى هذا المستوى من التدني المريع والذي أصبح سمة بارزة وأضحى عجزنا التام في مواجهته.
    قبل يوم وفي نفس اذاعة هذا الخبر المغلوط، نشر خبرا آخر مدويا وفحواه “أن قطر تستثمر مبلغ مائة وخمسة وثلاثين مليونا من الدولارات في قطاع السياحة وترميم الآثار بالسودان”، هبت كل الهمم بالاشادة والبعض الآخر ظهرت نواياه .. وحتى المصريين رأوا أن هذا سيكون بمثابة تدمير للسياحة في مصر!!
    فاذا ما نظرنا بمنطق العقل، لماذا لم يفكر المسؤولون عندنا في هكذا استثمار من الدولة أو فرد أومواطن أو مستثمر محلي، علما بأن بعض مستثمريننا السودانيين لديهم أضعاف ذلك المبلغ، ولكن فضلوا استثمارها في دبي وماليزيا وبعض بلاد أوربا!! أعجزت الدولة في تخصيص هذاالمبلغ من الميزانية، ليس دفعة واحدة حتى ان كان لمدى كذا سنوات، يخصص كاستراتيجية لتنمية كذا قطاع!! ولكن الدولة أعطت أولوية لصرف رواتب ومخصصات المسئولين من جيوب الغلابةالمواطنين!! هم يتناسون ان اهتمامهم بتنمية تلك القطاعات يمكن أن يوفر لهم أضعاف الوظائف وأضعاف الرواتب والمخصصات ويوفر لهم جهد توظيف المتعطلين وتكدس جيوش الخريجين الذين تزداد أعدادهم سنويا ولا مخرج الا الهروب الى خارج الوطن ومحظوظ من اتيحت له الفرصة للهجرة الى بلدان البترول أو الى غيرها، وهذا الجهد أصبحت تسعى اليه وزارة التنمية البشرية وتبشر به موطنيها، أي عكس الدور المنوط بها!! انه الفشل الدائم، لافراغ البلد من مواطنيه!!
    انه “الحسد والأنانية” اللذان أصبحا بعضا من سماتنا كسودانيين، والا لماذا تدور البلاد في فلك نفس اللاعبين المفضلين والمتميزين دون غيرهم بالاستئثار في كل مجال ومرفق؟؟ تعدت أعمارنا العقد الخامس، والحمد والفضل لله، حياتنا كلها فشل متلازم ولا فكاك منه، حتى أصبحنا من مدمني الغربة، بينما أشواقنا تملي علينا وتدفعنا دفعا الى أن نعيش حياة طبيعية حياة كريمة لنا ولأولادنا في بلد فيه تناغم وانسجام، ولكن هيهات .. أولادنا الذين كنا نحلم بأن يعودوا الى وطنهم ليفارقوا مرارات الهجرة وذلة الاتكاء الى ما لا نهاية، أصبحوا يراودوننا بأن نجد لهم فرصة الى الهجرة التي كنا نخشاها لهم، وهم الذين فرضت عليهم مرارات في بلدهم غي كيفية ومعجزة استكمال تعليمهم وما فرض عليهم من استفزاز في التعليم والمعيشة وما يواجهونه هم وأهليهم بالنظرةالدونية وفرض الرسوم العالية وتلك معجزة أن أكملوا تعليمهم ودونهم الذين لم يتمكنوا من اكمال تعليمهم حسب تحمل الأسره من معاناة وغيرها ..
    أخي الكريم في القلب مرارات وتعب نفسي وآسف ان اطلت التعليق ..

  2. العزيز كباشي لك التحية . اضيف اليك شيئا عن العم عثمان صالح . اولا الرجل من اعظم السودانيين والغريبة ليس هنالك شارع واحد باسمه في امدرمان . كان اميا وفي نفس الوقت كان عبقريا متواضعا ويعيش ويحس نبض الانسان البسيط . كان يجلس مع عماله وموظفيه ويشاركهم الطعاو والكلام . يتعامل مع سائقه كابنه .
    هو اول من كسر احتكار الشركات الاجنبية . فالغربلة التي كان يدعون انها اساسية هي معدات سهلة يمكن اغتناءها . والشركات الاوربية كانت تتعامل بالطن والتجار في السودان مقفولين في مربع القنطار . ذهب الي اوربا وقابل المشترين . وحسب وضرب . واضاف هامشا في الوزن . وقدم عروضه بالطن . ولم يضع فلوسه خارج السودان بل وظفها في الانتاج المباشر . وكانت مصانع عثمان صالح للاحذية التي كانت انيقة قوية وبثمن معقول . واستخدم الجلد السودانيمحليا بدل تصديره كخامة .. وكانت مطاحن القمح .
    كان يعرف كيف يضع الرجل المناسب في المكان المناسب . فوضع ابنه عبد الرحيم والرحمة للجميع في بورتسودان وبعلاقاته الواسعة واهتمامه بالرياضة والفن كسبت الشركة . كما كانت له مشاريع زراعية للقطن واظن اسم المسروع كان الكنوز.ومن القصص المشهورة انه ارسل ابنه صالح لارسال تلغراف . وصالح وقتها يستعد للسفر الي الخارج للدراسة . ولكن صصالح رحمة الله للجميع رجع بدون ارسال التلغراف ، وبالسؤال قال انه شاهد موظف الشركة في بورسودان في الطريق . وتأكد اليه انه لابد يحمل المعلومات المطلوبة في التلغراف . واو سيكون هنالك تغييرا في صيغة التلغراف . فقال الرجل الحكيم لابنه ,, انت لا تحتاج ان تدرس اكثر ,,
    هذه المنظمة الوطنية اممها النميري وهو جارهم وكان عبد الرحيم عثمان صالح يساعده ماليا عندما كان يكون موقوفا من الجيش .وهذه سياسة المخابرات المصرية التي كانت تضرب القوي الوطنية . وتجفف موارد الاحزاب ورجالهم . لاول مرة يفوز حزب الامة بدائرة في امدرمان كان بواسطة محمد عثمان صالح في الديمقراطية الاخيرة الرحمة للجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..