عمر “القصاص” بعبع الحرامية

عندما نسمع ان مجموعه من رجال الامن او من يعملون في حماية الممتلكات ، قد قاموا بسرقة منزل احد لصوص الانقاذ والذي يحتفظ بكمية ضخمة من النقد الاجنبي في منزله ، يصعب على ان اصدق ان المؤتمن يمكن ان يسرق . وافكر فى البطل الامدرمانى عمر القصاص وكل قصاصى الاثر فى السودان ، اللذين كانوا يسهرون الليل ويشقون ويطاردون القتله والمجرمين واللصوص . ويضحون براحتهم وراحة اسرهم ويعرضون نفسهم للخطر ، واحتمال انتقام المقبوض عليهم . لهذا اطالب بشدة بتكريم البطل عمر القصاص فى مدينته امدرمان . لانه من الزمن الجميل .
عمر “القصاص” بعبع الحرامية
قديما كانت مهنة القصاص مهنة محترمة ورائعة يحظى صاحبها بالاحترام والاهتمام لأنه رجل أمين متفان يشقي في الليل لكي تقبض الشرطة علي اللصوص وترد مصاغ ومدخرات الأسر لأن اللصوص كانوا لا يعملون إلا في الثلث الأخير من الليل.
الابن (ود القصاص) اتصل بي مذكرني بوالده عمر القصاص وأول ما قلته له (أبوك لسه وسيم وقيافة وجلابيتو نضيفة والعصاية في إيدو) . والقصاص كان بمثابة خبير فني مهم واشتهر (ناس أبوعجاج) من سكان الشهيناب خارج أم درمان وارتبط اسمهم بالمهنة حتى أن الأخ عمر القصاص بالرغم من أن أهله هم الكتياب إلا أن الناس يحسبونه من ناس أبوعجاج . واشتهر الحسانية كذلك وبأنهم من قصاصي الأثر .
القصاص الجيد يستطيع أن يتعرف علي أثر شخص شاهده قبل سنوات وفي أم درمان كان عمر القصاص يستطيع أن يحدد شخصية صاحب الأثر . وفي أحد المرات حدد شخصية صاحب الأثر بعد عملية سرقة ومن المسروقات ساعة سويسرية ثمينة . فلم يصدقه البوليس لأن الشخص كان موجودا في السجن وبعض إصرار عمر القصاص اتصل ظابط البوليس بمأمور السجن لكي يؤكد لهم أن المتهم قد ترك السجن قبل 48 ساعة وعندما داهموا مسكنه وجدوه نائما والساعة في يده .
من العادة أن يكفي الناس الطشت أو الصينية علي الأثر , بعد اكتشاف السرقه . ويستطيع القصاص أن يحدد حجم الإنسان ووزنه من أول نظرة . وأكثر ما يخشي اللص هو قصاص الأثر ولهذا يحاولون بكل الطرق أن يضللوا القصاص، صديقي أب دربين عرف بهذا الاسم لأنه كان يلبس أحدي فردتي حذائه بالمقلوب (يعني ماشي وجاي) . وبعد أن تعب من عدم مقدرته في تضليل القصاص اتجه إلي بيع البنقو ومنزله كان في الزقاق الثاني من شارع السيد الفيل بالقرب من دار الرياضة ، وهو خال أحد أكبر شعراء الأغنية المعاصرين والذي عرفت منه قبل سنوات أن أب دربين قد تاب وصار رجلا ورعا وأن العمر قد تقدم به وصار يرتدي نظارات .وسكنه جعله جاراً لأعظم الأسر الامدرمانيه والوالد ناصر بلال والد رفيق الدرب عثمان ناصر . وبعد رحيل أب دربين سكن في منزله أخي الأصغر محمد ناصر العازف الموسيقى المعروف بسكسيف واشتهر كميكانيكى بارع كذلك إسوه بأروع أبناء أمدرمان عثمان ناصر .
المنزل ارتبط بمأساة إذ تعرض احد أبناء أمدرمان لعمليه ذبح أمام عتبه الدار في أيام أب دربين اثر مشادة بين اثنين من الزبائن . .
تعبير يطلع الظلط لم يبدأ بالتعبير المتعارف عليه اليوم والذي يخص البنات ذوات السمعة . ولكن الحرامية كانوا يطلعوا الظلط ولم يكن في أم درمان أكثر من شارعين أو ثلاثة ظلط والقصد التخلص من القصاص. إلا أن السواري كان يجوب أم درمان في الليل خاصة منطقة الظلط . أو يتجه الحرامية إلي البحر لكي يسيروا علي النجيل لأن المنتزهات الخضراء لم تكن متوفرة. أو يسيرون في حافة الماء لتضليل القصاص. وبالرغم من هذا كان القصاص يقبض عليهم. ومن العادة أن يرفع الطشط أو الصينية بالعصاية ويحدد مباشرة من هو اللص .
اللصوص عادة يتحركون بعد معلومات يستقونها من الخدم أو الوداعيات أو بعد مراقبة دقيقة للمكان وأهم شيء بالنسبة للصوص كان المصاغ. الذي يمكن تغييره بسرعة لنقد ويسهل حمله . فمشكلة اللص ليست هي سرقة الأشياء ليلا بل تفادي رجال السواري والمارة . إلا أن الذهب يدفن بسرعة أو يخبأ في مكان لكي يرجع له اللص في الصباح.
زميلنا في براغ دكتور صلاح عبد الله رحمة الله عليه كان يحكي لي عن قريبه الصائغ الذي يسكن في الركابية كجار لصلاح وكان عنده كور وبعد أقل من ساعة بعد أن يصله الذهب المسروق يكون قد حوله إلي سبائك لا يمكن التعرف عليها.
اللصوص لهم تخصصات مثل الدكاتره . فمثلاً آدم قطيه كان متخصصاً فى كسر الدكاكين . ويتميز بلحية ونظاره سوداء في النهار . بعد ان تحطمت ضلوعه وصار يسير بطريقه معوجه اتجه الى بيع البنقو فى منزله شرق قبه الشيخ دفع الله . واللبخ أوقع به زملائه المجرمون لأنه قام بحادثتي قتل اتسما بالبشاعة والقسوة بدون مبرر . واللبخ اشتهر بالضخامة والقوه .
قبل أن يتصل بي الابن ود القصاص كنت أجتر ذكريات مع نجيب خليفة محجوب مسئول الأمم المتحدة الذي يعمل الآن في الدنمارك . ومنزلهم في حي الملازمين بالقرب من اشلاق البوليس والعم خليفة محجوب الكمندان والإداري المشهور والذي كان في لجنة التحقيق في أحداث الجنوب 1955 هو من أنشأ قسم السواري ورعاه.
وتطرقنا للقصاص والبوليس والاشلاق فابنة القصاص متزوجة بأحمد إبراهيم الملحق الإداري في إنجمينا حيث سكن نجيب خليفة محجوب مع زوجته عديلة بدري صديقة بنت القصاص .
عندما كان ود القصاص يقول لي في التلفون يا أستاذ طلبت منه أن يناديني بشوقي . وذكر لي أنه عندما كان ينادي العميد يوسف بدري بي بروفسر أو الأستاذ طلب منه العميد يوسف قائلا يا ود القصاص تقول لي أبوي يوسف دي عادتنا نحن ناس أمدرمان لا نتعامل بالألقاب . ولهذا كان القصاصين يعتبرون أن كل أهل أم درمان أهلهم ولهذا يجتهدون في إرجاع ممتلكاتهم والإيقاع باللصوص.
وكان القصاصون يتعرضون للتهديد والانتقام . ولقد قتل اللصوص قصاص بحري المشهور . ولا استحضر اسمه الآن . واشتهر ود الكندو كقصاص في الجزيرة .
العم محجوب عثمان والد السيد عبد الخالق والدكتور محمد محجوب والآخرين كان صديقا شخصيا الاثنين من عمالقة أم درمان الذين اشتهروا بالقوة وهما يوسف ود الأغا وكربيت المكانيكي وهو أرمني الجنسية وكان يضرب به المثل في القوة ويقولون : أنت قايل نفسك كربيت.ولهذا عرف صديقي بطل حمل الأثقال بعوض كربيت. وعندما سرق ذهب الأسرة ذهب العم محجوب عثمان بجسمه النحيل (ولهذا عرف بالرقيق) إلي صديقه يوسف ود الأغا ، الذي أرسل لشيخ الحرامية كي يحضر وبعد تبادل بعض الجمل ذهب شيخ الحرامية واحضر اللص . وصفعه يوسف ود الأغا إلي أن طرحه أرضا وطالبه بإحضار كل المسروقات قائلا المسروقات قائلا : ده بيت أخوي ما في زول تاني يجي بي جنب الحلة
صديقي داموك كان يرجع المسروقات لمعارفه بل لقد أرجع ممتلكات بعض الناس تعرضوا لعملية نهب من الرباطين في طريقهم لأم بدة . وعندما أتوه شاكين طلب منهم الانتظار في منزله في حي العمدة وأخذ الموتر ورجع بعد فترة بالمفقودات .
من أشهر الحرامية هبار الذي كان يضرب به المثل . وصارت كلمة هبر تعني السرقة او الضربة الكبيرة . والغريب أنني عرفت من نجيب خليفة محجوب ابن الكمندان أنه يمت لهم بالقرابة . اسم كبير في عالم السرقة هو زغبير الذي دوخ الناس في المهدية لسرعته إلي أن حكم عليه بالقطع من خلاف وعاش إلي عمر مديد بالرغم من القطع وصار من الأغنياء ويضرب به المثل في السرعة وفي الحمسينات كان هنالك جوكي في سباق الخيل اسمه زغبير وهو من سكان الفتيحاب . وعرف بعض لعيبة الكرة باسم زغبير . وهم من يجيدون المراوغة ويتمتعون بالسرعة . كما إشتهر حفيد زغبير كجوكي او ركيب سباق كذلك في الستينات .
السواري والبوليس كانوا لا يتحركون إلا مع القصاص لمطاردة اللصوص ولقد ذكر لي الأخ نجيب خليفة محجوب أن السواري المعروف بين كان يطوف منطقة حي الملازمين وأنه حضر حفلا أقيم تكريما له عندما تقاعد إلا أن نجيب فوجئ بمشاهدة العم بين علي فرسه بعد تقاعده بعد منتصف الليل وتفسيره كان ,,والله يا ولدي النوم غلبني لأني تعودت علي الدقسة في ضهر الحصان ,,
عمر القصاص أطال الله عمره وجزاه علي كل ما قدم للوطن كان يسكن في إشلاق البوليس عندما كان البوليس جزء من نسيج المجتمع ويحظي باحترام وحب الناس. في الصف الأول في إشلاق البوليس بالقرب من السجن كان يسكن عمنا عبد العزيز والد زملاء الدراسة الفاتح وناصر وفي الصف الأخير يسكن عمنا عبد الله دلدوم وهو والد حسن جندي الحريقة ورجل البوليس عطا و ونور الدائم والأخ حبيب زميل الدراسة وفي نفس الصف الطيب وهو من ناس شمبات وفي الاشلاق سكن صول ام درمان الأسطوري العم ضرار المشهور ب “شنب الروب” والد زملاء الدراسة التيمان حسن وحسين ومن زملاء الدراسة . الصول شنب الروب انتقل الى العرضه شرق نادى المريخ . كذلك حسن كديس الذي صار لاعب كرة كما سكن الضابط المشهور أب بارو علي بعد أمتار شرق الاشلاق وهو والد زملاء الدراسة الاولية منير وسمير . وهؤلاء جميعا وبمساعدة الرجل الشهم عمر القصاص وآخرين أعطوا فرصة لأهل أم درمان لكي ينعموا بالنوم . لهم التحية والإجلال .
ع / س شوقى بدرى .
ثلاثة صور للبطل عمر القصاص
[url]http://im80.gulfup.com/gdDVsM.jpeg[/url] [url]http://im64.gulfup.com/GoTnBC.jpeg[/url] [url]http://im55.gulfup.com/C8fQFV.jpeg[/url]
[email][email protected][/email]
تحياتى لك والدنا شوقى بدرى والله العظيم انت ياعم شوقى كنز من كنوز السودان حرام
ماتكون موجود معانا فى السودان رغم الغربه الطويله دى كانك بتذكر فى ذكريات امدرمان
وتسردها بصوره شيقه نعم نحن ريف شمال امدرمان ومن منطقه الشهيناب بنعرف عمر القصاص وايضا
من القصاصين البشير ودعتره والاد عجاج وكلهم من الشهيناب وشكرا جزيلا نحن اهل الريف الشمالى
لامدرمان اكثر وفاءا لها .
دائما كبير ربنا يمتعك بالصحة والعافية بقدر تمتعنا بروائع هذه وتحليق بنا فى الماضى التليد وايامكم الخوالى والزمن الجميل وتخرجنا من اوجاع هؤلاء الملاقيط
ياحليل ام درمان وناسا، عندما ترك أبناء ام درمان مقود القيادة تاهت المركبة وتاهت البلد.
((عمر القصاص أطال الله عمره وجزاه علي كل ما قدم للوطن كان يسكن في إشلاق البوليس عندما كان البوليس جزء من نسيج المجتمع ويحظي باحترام وحب الناس.))
أستاذنا لو تكرمت بكتابة مقال تشخيصى لما ال اليه حال الشرطة اليوم وأسباب الجفوة بينها وبين عامة الشعب، و العلاج. ام انها حالة لاتقبل العلاج.
تحياتى لك ولام درمان المعتقة.
يا سلام يا استاذ كلما كتبت بعيدا عن السياسه وخساستها كنت اجمل ربنا يوفقك ويديك العافيه.بس لدي ملاحظه القصاصين اغلبهم من سكان الباديه وسؤال بحكم نشاتك في الجنوب هل هناك قصاصين ايضا؟
دايما بترجعنا بذكرياتك الحلوة للزمن الجميل وام درمان النضرة البهية يا استاذ شوقي. عندي سؤال : ود دربين دا عندو علاقة بي بت دربين أشهر بائعة طماطم ( لما كانت الطماطم طماطم وبنشم ريحتها من بعيد) في حي العرب جنوب غرب استاد الهلال؟ وبلال ناصر دا هل هو عمنا بلال ناصر الذي كان يسكن العباسية ام تشابه اسماء؟ لهم التحية جميعهم، ولك التحية يا مخضرم.
ما شاء الله عمنا عمر القصاص إنضباط بالزي الرسمي والملكي
موش تقولي ناس قريعتي راحة ناس عمر البشكير
قراءة مقالتك متعةوالله العظيم اود لقائك والجلوس مع حضرتك والونسة معاك وجهاً لوجه لا شك اكثر متعة ومتع الله بالصحة والعافية الي ان نلتقيك في البقعة المبارك امدرمان او في اي بقعة من بقاء الارض وارجو ان تعلن الجهة التي تقصدها في الاجازات فبل فترة كافية حتي نرتب امورنا للقائك اذا كان في العمر بقيةلنمتع النفس بالنظر والحديث اليك فأنا يعجبني وفائك واخلاصك للاصدقاءك وان احبتك في الله اخي شوقي
ملحوظة:- اذا اردت زيارة دبي رجاءاً اخطارنا قبل فترة كافية لان استخراج فيزا سياحية لزيارة دبي في منتاول يد الجميع
عمنا شوقي انت زول روعة ووناس ، فشكرا لك علي هذا التوثيق ونسأل الله يديك العافية والصحة .( معجب شديد )
شكراً يا أستاذ شوقي ودائماً تأتي بالقديم في ثوب جديد حرصاً على تمليك التاريخ للأجيال الحاليّة بأسلوب جميل ولغة سودانيّة سهلة وممتنعة وأرجو منك تسليط الضوء على “عبّاس بنك” لو تكرّمت.
شكرا شوقي على كتاباتك الشيقة.. العرب يسمون قص الأثر (القيافة) وهو نوع من الفراسة بكسر الفاء التي تعني الذكاء والوصول الى حلول بعض الامور الغامضة عن طريق الظن الصائب.. كنا ايام المراهـقة مولعون بقراءة روايات مترجمة للكاتب كونان دويل وبطلها شرلوك هولمز.. اكرر الشكر وآسف لقولي (شوقي) حافة لعلمي بزهدك في الألقاب..
ياحليلك يا الملازمين …. كسروك الحاقدين الماعندهم لا تاريخ ولا أصل ولافصلع
حدثني الوالد رحمة الله عليه ان طه الضرير كان يعرف اي بلد بشم ترابها فقط .اما اللواء احمد مرتضي البكري ابو حراز وهو حي يرزق فيكتفي بشم شعر الراس ليخبرك من اي مناطق السودان وقبائله انت كما سمعت من قريبي عسكري البوليس ارجو ان يؤكد او ينفي ذلك.