أخبار السودان

المكفوفون في السودان … قصة ثورة من نوع اخر ..!!

تحقيق : اميمة شقيرى
ينقسم مبنى الإتحاد القومى السودانى للمكفوفين الى قسمين جزء خاص بالمكفوفين الذين يسكنون العاصمة وهدفه الاساسى تقديم كافة الخدمات التى يحتاج إليها الكفيف والجزء الثانى من المبنى يختص كرئاسة وإدارة لشؤون الولايات . ولكن هنالك شح واضح فى الخدمات من قبل الإتحاد تجاه المكفوفين وتجاهل تام من الدولة فى النظام السابق حيث اسقطت شريحة المكفوفين تماما ولم تجعل لها حيزا ضمن اولياتها بل وقامت برفع الدعم منهم وصاروا يعتمدون على المعونات والهبات خارج الاتحاد و التى تأتيهم من الخيريين وبعض الشركات الخاصة الامر الذى جعل الكثير من المكفوفين ينتفضون ويثورون فى وقفة إحتجاجية فى الفترة السابقة يطالبون باهم الضروريات التى يحتاجها الكفيف والتى يتجاهلها الاتحاد قسرا ويتعمد فى عدم توفيرها لهم وكذلك كانوا من الاوائل فى الخروج الى الشارع وقد تقدموا الصفوف الاولى فى الاحتجاجات السلمية التى فجرتها ثورة ديسمبر المجيدة والآن يطالبون من المجلس الإنتقالى بحل الإتحاد والمجلس الأعلى للمعاقين فورا لانهم يعتبرونه إمتدادا لرموز النظام السابق.
لمحة تاريخية
تأسس اتحاد المكفوفيين القومى السودانى فى عهد الرئيس الراحل جعفر نميرى فى العام 1970م بولاية بحرى وكان هدفه الاساسى مكافحة العمى بكل الوسائل و محاربة الظواهر السالبة التى تواجه الكفيف وتحد من تقبل المجتمع له كما يعمل على تأهيلهم وتعليمهم وتدريبهم بجانب تسهيل العلاج لهم داخليا وخارجيا وتحسين اوضاعهم المعيشية بالإضافة الى فتح فرص المنافسه فى سوق بيئة العمل . ومن ضمن اهداف الإتحاد ايضا يكون بعيدا من التدخلات السياسية والتمايزات العنصرية والدينية والعرقية بين المكفوفين وله فروع فى الولايات والمحليات المختلفة . وكذلك يقدم مجموعه من الانشطة الثقافية وتوجد به مدرسة لذوى الاعاقة البصرية للمكفوفين لتعليمهم تعليم فنى وحرفى واكاديمى كما توجد ورشة عمل للنجارة والصناعات اليدوية المختلفة ويوجد فيه ايضا معرض يعكس ابداعات المكفوفين وتسويقها بجانب قسم الموسيقى الذى يتلقى فيه المكفوفين التدريب على العزف بمختلف الآلات الموسيقية والغناء وقد تخرج منه الآلاف من المطربين المكفوفين
بيئة غير صالحة
عندما قمت بجولة تفقدية في اتحاد المكفوفين ببحرى سعدت وانا ارى الكثير من المكفوفين يمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعى جدا من حيث القراءة والدراسة وممارسة هواياتهم ونشاطاتهم المختلفة ويتميزون بثقافة عالية فالاتحاد يوفر لهم مكتبة ضخمة تحتوى على مختلف الكتب الثقافية والدينية والادبية والترجمة وغيرها من العلوم الانسانية ويقرؤون الكتب بطريقة البراين كما توجد اجهزة حديثة توفر لهم خدمة التكنلوجيا المختلفة تجعلهم يواكبون بكل ماهو جديد من تقنيات العصر الحديث كما ان البعض منهم يقضون وقت فراغهم فى لعب الدمنة الشهيرة . و… لكن الجانب القاتم من الاتحاد و الشىء اللافت للنظر هو ان مبانيه سيئة للغاية وفيه سلالم متعبة للمبصرين والاصحاء ناهيك عن الكفيف لانها ضيقة وغير مريحة على الاطلاق هذا بجانب كثرة الاوساخ وتراكم الكوش بالقرب مسجد النساء وتتناثر الاوساخ فى المظلة او الاستراحة التى تحتوى على كافتريا ضيقة للغاية ومحلها لايتناسب مع المكفوفين وكذلك الحمامات قذرة ورائحتها تزكم الانوف كما ان تصميمها ايضا لا يتناسب مع شخص كفيف والاغرب ان هنالك توجد بئر سايفون تبعد قليلا من المغسلة او ( الوضاية ) للمكفوفين ووضعت فوقها تربيزة بلاستيك استخدمت كغطاء حقيقة دهشت من هذا الإهمال وعندما سألت هيثم وهو احد اعضاء الاتحاد من المكفوفين عن كل ملاحظاتى تلك قال انهم قاموا بالتبليغ عن كل هذه الاخفاقات لإدارة الإتحاد من حيث الاوساخ وبئر السايفون وكذلك مياة الشرب التى يعانون منها لان هنالك عدد من مبردات المياة (الكولر) ولكنها معطلة وتبدو قذرة ولم تصان لسنوات عديدة برغم من انها اتت من الخيرين ولكن الاتحاد لم يقم بصيانتها كما لا يهتمون بكل تلك الإخفاقات والمشاكل ولم يسعون لحلولها ونحن نتساءل اين تذهب رسوم الخدمات التى وضعت كبند للنظافة والاصلاحات والخدمات.
ديوان(الاهانة)الزكاة
تحدث الينا كرم البركل وهو كفيف واحد اعضاء الاتحاد قائلا : اولا غير اننا نواجه تردي وسوء فى الخدمات من اتحاد المكفوفين كذلك مأساتنا الكبرى نجدها من ديوان الذكاة وحسب رأيي الشخصى اننى اسميه ديوان الاهانات للمكفوفين فهنالك عدد كبير من المكفوفين يذهبون الى ديوان الزكاة ويصرف لهم 150ج فقط كإعانة شهرية علما بأن هذا المبلغ الضئيل يتم صرفه بعد عدة شهور ولوتكرم ديوان الزكاة بمنح مشاريع يتصدق بعشرة مشاريع فقط للمحلية علما بان المحلية بها حوالى اكثر من 400 مكفوف هل عشرة مشاريع تكفى لهذا العدد الكبير ؟ وبالنسبة لتمويل اى دراسة جدوى لمشروع معين يقدمها الكفيف للزكاة , تمنحه 10الف جنيها فقط ايا كان نشاطه علما بان العشرة الف يخصم منها الف والاغرب ان بعد تصديق المشروع تسقط من المكفوف اعانة ال150 الشهرية ويواصل كرم حديثه بأسى وحزن بالغ : وبعد ان يتم تصديق المشروع للكفيف يجد معاناة فى الاستلام ولكى لان لا يتم تسليمه من ديوان الزكاة او من جهه محددة بل يتم إعطاء المكفوف رقم هاتف للبحث عن صاحب الرقم الذى بحوزته مبلغ العشرة الف وهو ليس له مكان محدد يجده الكفيف فيه بسهولة بل يجد معاناة الى ان يصله لانه ليس موظف فى ديوان الذكاة فهو مجهول متجول من مكان لآخر وبعد ان يجده الكفيف يخصم من العشرة الف جنيها ويأخذ الالف جنيها.
نهب مقنن
ويمضى البركل فى حديثه قائلا : تأكيدا الى ما قلته لك سبق اننى تقدمت بطلب تمويل لمشروع واعطيت دراسة الجدوى لديوان الزكاة وتصدقت لى بمبلغ ال10الف وعندما سألتهم عن مكان التسليم قاموا بإعطائى رقم هاتف وقالوا لى هو ليس له مكان اسمه عبدالرحمن اذهب وابحث عن مكانه ليعطيك المبلغ وعندما اتصلت به قال لى انه فى السوق الشعبى امدرمان علما باننى اسكن بحرى وبعد معاناة و(لف) فى السوق وجدته فقام بإعطائى تسعه الف بدلا من العشرة التى تم التصديق لى بها وعندما قلت له انه من حقى العشرة رفض إعطائى لها كاملة واحتفظ بالالف جنيها فغضبت وقلت له لا اريد المبلغ وطالبته بإرجاع مستندات تصديق المشروع ايضا رفض ارجاع الاوراق علما بانه يفعل ذلك مع كل كفيف يقدم مشروع وياخذ الالف جنيه وبعلم من الذكاة ولا ادرى لماذا يأخذ هذا المبلغ و نظير ماذا ؟ الا يكفى ان المبلغ ضئيل فى ظل الارتفاع الجنونى للاسعار ؟ ثم لماذا لا يكون الاستلام فى مكان محدد حتى لا يعانى الكفيف فى ظل ازمة المواصلات الخانقة ؟ لذلك نطالب من الحكومة الانتقالية ان تهتم بالمكفوفين وتضع حد لمعاناته وان تحل جميع الاتحادات القديمةمكفوفون يؤمنون بالتغيير.
مكفوفين يومنون بالتغيير
يقول عضو اتحاد المكفوفين كرم انه نتيجة لتجاهل الاتحاد لقضايا اعضاء المكفوفين من خدمات ونثريات وغيرها قام اخوة من الاعضاء المكفوفين وهما محمد النجار وبدر الدين عمر بمبادرة تصب فى مصلحة الكفيف وانشؤ قروب فى الواتس اسموه مكفوفون يؤمنون بالتغيير وانضم اليهم عدد كبير من المكفوفين الذين يؤمنون بالتغيير ولديهم ايمان بالتغيير ثم انضمت لهم منظمة عيون الخيرية لرعاية المكفوفين ورئيسها عمر الحاج عبد الوهاب وطرحوا اهم قضايا المكفوفون واولها التنسيق ليوم مسيرة ضخمة فى يوم30/12المقبل بنهاية عام 2019م وسوف يتم التحرك من شارع الجمهورية مجلس الوزراء ووقفه إحتجاجية فى المجلس وتسليمهم مذكرة تحوى اولا المطالبة بحل الاتحادات الفاسدة التى يقودها ازيال النظام السابق والتى بها فساد مستشرى وإهمال متعمد لقضايا المكفوفين وثانيا حل المجلس الاعلى للإعاقة الذى يعتبر ورم خبيث وقد وضعته الدولة فى النظام البائد فقط لتشغيل واستيعاب ابناء حزب المؤتمر الوطنى ايضا من المطالب الحل الفورى لجميع دور المعاقين وتسلمها الى افراد متخصصين لان الذين يشغلونها ليس لهم خبرة ودراية بقضايا المكفوفين
إعلان الحب للوطن
ويمضى كرم فى حديثه قائلا : تعتبر شريحة المكفوفين من الشرائح الهامة فى المجتمع والكثير منهم مبدعين فى شتى امجالات ومنهم حرفيين قد يساهمون فى رفع إقتصاد السودان ولكن للاسف تتعمد الدولة سيما فى النظام السابق على تجاهلهم وعدم إعطاءهم فرص وظيفية برغم انهم ليس اقل من المبصرين ويمكن ان ينافسوا فى سوق العمل والدليل على حديثى ان زوجتى تقدمت لوظيفة وكان ترتيبها الاولى فى المحلية علما بان الوظيفة كانت للمبصرين ولكن برغم تفوقها لم يمنحونها الوظيفة . فالمكفوفون ليس هنالك فرق بينهم وبين المبصرين وكذلك هنالك عدد كبير شاركوا فى كل المظاهرات والإحتجاجات السلمية وانا كنت اقود المكفوفين فى يوم 14 فبراير (عيد الحب) وسميتها إعلان الحب لوطننا وقد تم إعتقالى عدة مرات وكنت من الاوائل الذين تم إعتقالهم منذ العام 1992 م فى بدايات النظام السابق وختمتها وتم إعتقالى ايضا ما قبل سقوط النظام بشهر والتحيه لشهداء ديسمبر المجيدة ونحن نؤمن بالتغيير للافضل ونسعى ان نرى شعبنا يعيش فى امن وسلام وعيش هانىء.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..